انتصارٌ حضاريٌّ في مونديال قطر

آراء 2023/01/02
...

د. فاضل البدراني
سؤال كان يراودنا جميعا هل ستنجح قطر في تنظيم مونديال كأس العالم2022 بكرة القدم بنسخته 22، وهل سيسمح لها دون عراقيل من أطراف مؤثرة باستحقاق نيلها كأس العالم بالتنظيم؟ ثم من هو المنتخب الرياضي الذي سينال كأس العالم، ومن اللاعب الذي سيرفعه؟ وكيف ستكون لحظة الفوز لهذا المشهد العالمي؟تساؤلات عدة تزاحمت في عقول الناس في كل مكان من عشاق كرة القدم، اللعبة الأشهر عالميا، والأكثر إثارة وتأثيرا على عاطفة متابعيها، من عشاق لاعبيها، وبقيت الإجابات مؤجلة لحين بلوغ لحظاته المقررة في تاريخ اللعبة ضمن جدول حدده الاتحاد الدولي للعبة «فيفا»،


 

لكننا اليوم بإمكاننا الحديث عن النتائج والتفاصيل بكاملها، بعد أن تابعناها حتى أسدل الستار على نسخة قطر 2022، ولن نتحدث عن المسائل الرياضية الطبيعية، بل عن الرسائل السياسية والإجراءات البروتوكولية، التي رافقتها ضمن معركة شرسة بين أصحاب الحضارة وبين دعاتها.

النتيجة تقول إن قطر أبهرت العالم بمستوى التنظيم، فكانت الأفضل من جميع النسخ التي سبقتها، وقد تكون الصورة الأجمل في عيون الجماهير العالمية لاحقا، حتى أن الصين اعتذرت عن تنظيم بطولة آسيا، وجرى تكليف قطر باستضافتها لعام 2023 وهو أقوى اعتراف من « فيفا « إلا أن هذا التنظيم المبهر لم يحظ بارتياح غربي منذ ما قبل بدء المونديال، وواجهت قطر حملة إعلامية غربية شرسة في محاولة لإفشال جهودها، انما الحقائق على أرض الواقع، كانت أبرز مسلمات دحضت الادعاءات المعادية، والمتابع الذكي كان يفك تشفير كثير من الرسائل بين معادية غربية، تقابلها ردود من رسائل حضارية قطرية عربية اسيوية في سياق واقعي تدلل على النجاحات والنوايا الطيبة والرغبة بالنجاح والجهود المبذولة على مدى 10 سنوات، حتى الوصول لليوم الأخير من موعد البطولة العالمية، عندما فاز المنتخب الارجنتيني على منافسه الفرنسي وسط حضور رسمي دولي لافت للنظر، حضره كثير من رؤساء ومسؤولي الدول، وكان من بينهم الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مساندا لفريق بلاده، المهم وصلت النتيجة لصالح اللاعب الأسطورة ليون ميسي ورفاقه من منتخب الارجنتين، ولحظة تسليم الكأس إلى ميسي تقدم أمير قطر تميم بن حمد بإهداء اللاعب الارجنتيني عباءة عربية سوداء اللون شفافة للغاية مطرزة باللون الذهبي الانيق للغاية، وجاء فصالها يناسب جسم اللاعب، انما تدلل الحالة هذه على أن الأمير تميم اختار طرح رسالة عربية حضارية عميقة المعنى، تحمل ضمنا ردا دبلوماسيا شعبيا إنسانيا عميقا مناقضا تماما لآراء خارجية أوروبية عندما اختارت شعارا المثليين، ودعم الشذوذ، وأيضا استفزاز مشاعر العرب والمسلمين في قيمهم ومبادئ دينهم، حتى أن وزير الرياضة الفرنسي أعلن أنه في حال فاز فريق بلاده سيرفعون علم المثلية في الملعب القطري، الذي تجري فيه مراسم التتويج، وقبل هذا كانت ألمانيا نقلت فريق بلادها الرياضي بطائرة تحمل علم الشذوذ، وقطر منعتها من الهبوط.

انظروا إلى بعض ما ساقه الإعلام الغربي من كراهية على ارتداء ميسي «البشت»، وهو العباءة العربية، صحيفة المانية تقول هو «خطأ كبير من اللاعب، وصحيفة سويدية تقول إن عباءة ميسي ربما انتهكت قواعد الفيفا، وصحيفة تلغراف البريطانية، تقول ميسي أجبر على إرتداء العباءة، ومعلق رياضي في قناة الـ bbc تغطية قميص ميسي بالعباءة هو عار”.

بالنهاية سجلت قطر في المونديال الرياضي الذي استضافته انتصارات عدة باسم العرب والمسلمين والآسيويين والشرقيين ضمن أصول اللياقة ومبادئ البروتوكول الدولي في معركة فكرية خطيرة شنها الغرب، منها دحض افتراءات الاعلام الغربي المغمس بسموم السياسة، وإثبات أن هذه المنظومة البشرية “جغرافيا وقيما ودينا” عندهم القدرة على تقديم الأفضل من الغربيين، وأنهم إنسانيون وأصحاب رسالة حياة جميلة. وانهم أقوياء برفض ما يفرض عليهم عندما يخالف قيم الحياة، لقد فازت الأرجنتين بكأس العالم كرويا، بينما الفوز الأكبر كان لقطر بكأس البطولة في التنظيم التاريخي.

كاتب وأكاديمي عراقي