{مؤتمر بغداد 2} .. ملفات منظورة وغير منظورة

آراء 2023/01/02
...

  أ.د.جاسم يونس الحريري


انعقد في بغداد مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة في يوم السبت الموافق 28 أغسطس2021 في العاصمة العراقية بغداد، شاركت فيه تسع دول عربية وأجنبية هي الكويت والسعودية والامارات العربية المتحدة وقطر والاردن ومصر ومن دول الجوار غير العربي ايران وتركيا، ومن الدول الغربية شاركت فرنسا ومن المنظمات الدولية شاركت كل من جامعة الدول العربية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية ومنظمة التعاون الاسلامي. 

وفي يوم الثلاثاء الموافق 20 ديسمبر2022انعقد مؤتمر بغداد 2 للتعاون والشراكة لعام 2022 في منطقة البحر الميت والتطور الجديد فيه مايلي:

1 - انضمام كل من سلطنة عمان ومملكة البحرين إلى 

القمة.

2 - حضور وزير الاتحاد الاوروبي (جوزيف بوريل) ومعاونه (أنريكي مورا)، الذي تولى التنسيق المباشر في المباحثات النووية مع إيران.

3 - حضور سفراء الدول العربية ودول الاتحاد الاوروبي ومجموعة العشرين والاعضاء الدائميين في مجلس الامن الدولي المعتمدين لدى الاردن.

الملف العراقي:

الملفت للنظر أنه أغلب دول المنطقة ومن استمع إلى كلمة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، لاحظ أن هذا الرجل واثق من نفسه بشكل ملفت للنظر، حتى أثناء القاء كلمته في القمة كان جهوريا في القاء كلمته ضابطا لمخارج الكلمات، وأنه في مهمة لا يحسد عليها وأنه مصمم على النجاح فيها حيث طرح في كلمته الافتتاحية بعض سمات السياسة الخارجية العراقية للمستقبل المنظور وكما يأتي:

1 - تعامل العراق مع المجتمع الاقليمي والدولي وفق قواعد التعاون والشراكة وهو عنوان القمة الثانية.

2 - انفتاح العراق مع الجميع في علاقات تعاون متوازنة.

3 - يسعى العراق إلى أن يكون مع جيرانه العرب والاجانب من الدول المصنعة، من خلال تفعيل وتأسيس (المناطق الصناعية)،عند المنافذ الحدودية بينهما، وهي نقطة ستشكل عنصر فعال لبث الاستقرار والامن والتعايش السلمي في المنطقة.

4 - لا يمكن اعتماد مبدأ القوة لحل الخلافات.

5 - يرفض العراق التدخل في شؤونه الداخلية ومن سيادته.

6 - ينشد العراق سياسة التهدئة وخفض التوترات.


الملف الايراني

1 - حاولت ايران قبل انعقاد القمة إرسال رسائل اطمئنان واستعداد إلى كل الجهات المعنية بالملف النووي الخاص بها، خلاصتها استغلال هذه القمة في اجراء المزيد من الحوار للوصول إلى نهايات ترضي الجميع، وهو تطور مهم في اتساع مرونة طهران في حل هذه الخلافات، التي تعرقل حسم ملفها النووي، إذ قبل حضور وزير الخارجية الايراني حسين امير عبد اللهيان، أكد أن القمة الاقليمية في الاردن قد تشكل فرصة لتحريك المباحثات بشأن إحياء الاتفاق النووي والمتعثرة منذ اشهر، وهي رسالة علنية من طهران لواشنطن لاتباع (سياسة واقعية) لإثبات أنها أي طهران لا تعرقل المفاوضات في الملف النووي لها، وإنما الدور المعرقل مصدره واشنطن وليس طهران.

2 - لوحظ على وزير الخارجية الايراني أثناء إلقاء كلمته في الجلسة الافتتاحية وفي سلوك دبلوماسي ملفت للنظر طرح فيها كلمات اشادة وتقدير لمسيرة ودور (جوزيف بوريل)، وأثنى على دوره في المباحثات النووية مع بلاده، وهو تطور جديد ومرونة جيدة لايران لاستخدام اللغة الدبلوماسية في كسب ود المفاوضين لصالحها.


الملف الإيراني- السعودي

قد يكون هذا الملف غير موجود في أجندات القمة، إلا أنه ساخنٌ بين الكواليس لاستمرار اللقاءات وتبادل الاراء والمواقف لترطيب الاجواء بين طهران والرياض، لذلك جلوس وزير الخارجية السعودي وبالقرب منه الوزير الايراني، إشارة إلى وجود قبول مشترك الواحد تجاه الاخر ليس بشكل شخصي، بل على وجود نوع من التودد غير المرئي بين البلدين، وهي إشارة من ايران إلى أنها ستواصل استغلال كل اللقاءات الاقليمية والقمم التخصصية كقمة بغداد 2، لتكون مناسبة لاعادة تعريف دورها مع السعودية في بعض الملفات، التي هي مركونة تحت الرماد، كالملف اليمني خاصة بعد ازدياد الضغوط الأميركية على الرياض لحلحلة الامور مع اليمن، وفعلا طرحت الأخيرة هدنة مع الحوثيين في 10 ابريل/ نيسان 2022.


الدور الفرنسي في العراق

1.ان اصرار باريس على عقد قمة بغداد 2 في الاردن انه جاء بضغط منها قبل ان تنتهي سنة2022 بعد حلحلة الوضع السياسي الداخلي العراقي لانه كان من الصعوبة الدعوة إلى قمة قبل انتخاب رئيس الجمهورية وتعيين رئيس للحكومة العراقية.

2. سعى الفرنسيون في القمة للضغط على طهران لوقف القصف على اقليم كردستان العراق والعمل من خلال كواليس القمة خلق (لوبي فرنسي عربي) مضاد للمحور الايراني في المنطقة  والعراق.

3.ان الاندفاع الفرنسي في قمة بغداد2توحي للمراقب ان واشنطن قد اعطت لباريس (الضوء الاخضر)ان تمارس دور البديل عنها في العراق ضمن حدود المستقبل المنظور والتخفيف من الاختناق العراقي الشعبي والحزبي من الوجود العسكري الامريكي حتى لو كان أستشاريا بضرورة ازاحته تدريجيا وايكال هذه المهمة إلى فرنسا والذوبان ضمن الطواقم العسكرية لحلف الناتو في العراق.


خلاصة وتقييم

القمة جاءت في وقت حرج تعيشه الاردن بعد الإحتجاجات التي جرت هناك منذ بضعة أيام على خلفية زيادة اسعار المشتقات النفطية ولولا القمة لانتقلت الامور في داخل الاردن إلى تداعيات تهدد الامن الاردني نفسه والتي اشار اليها الملك الاردني في كلمته الافتتاحية للقمة بصورة غير مباشرة حيث اشار ان انعقاد القمة جاء في ظل (الازمات السياسية والاجتماعية)، ناهيك ان القمة هي عبارة عن رسالة دعم لحكومة محمد شياع السوداني من دول المنطقة والعالم بالرغم من بقاء ملف الامن في العراق غير مستقرا خاصة بعد الاختراقات الامنية في كركوك وديالى مؤخرا والتي ادت إلى استشهاد بعض ابناء القوات المسلحة العراقية والتضخم الحاصل وارتفاع اسعار المواد الغذائية بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار الامريكي ازاء الدينار العراقي والذي ادى إلى ركود السوق العراقية الا ان هذه الازمات الامنية والاقتصادية لاتقلل من الدعم الاقليمي والدولي لبغداد في القمة.