{للريل وحمد} وجواد

ثقافة شعبية 2023/01/05
...

كاظم غيلان 

كتبت قبل أعوام ليست بعيدة قصيدة عن الصديق الشهيد هادي المهدي، عن المشتركات بين أحلامه وتلك الأحلام التي لخصها فناننا العظيم جواد سليم في نصبه الخالد الشامخ بقلب بغداد، إذ تحول إلى مزار، ومحط انطلاق شبان تشرين، فهو وباختصار نصب حريتنا وأحلامنا التي تتسع كلما انفتح الأفق حتى لا ندري أين 

حدودها.  

جواد الأسدي، هذا الموهوب العراقي الكبير، الذي غادر وطنه في نهاية سبعينيات القرن الماضي، وعاد له مواطناً مشغولاً، برأس لا يحمل إلا أحلام العراق الجديد، يحصد جوائز في المسرح وهو بعيد عن وطنه الذي عاد له ليتخلص من منفاه، فلم يجد سوى منفى جديد! أهذا قدره أم قدرنا؟ أم قدر العراق؟. 

ما إن تجلس معه حتى يحدثك عن مشاريع تبحث عن جهة منفذة نزيهة، تحب العراق فتشعر بخيبة لن تتمناها، في رأس جواد الأسدي مشروع مسرحي يحمل (للريل وحمد)، يحمل مظفر النواب وكل ما أتى به من عشق وشجن وأحزان عراقية، طالعتنا بها قصائده التي أقامت بوجداننا نحن أبناء هذا العراق الذي أنجب جواد سليم وجواد الأسدي، وهادي 

المهدي.

لا أريد أن أمارس كتابة تسويقية لهذا الفنان النادر بقدر ما أريد أن أصرخ بحزن عراقي : لا تضيعوا جواد.. أمسكوا به.. أنتم أيها القائمون على شأن المؤسسة العراقية بثقافتها وفنونها، إن الغد العراقي الذي نريده يرقد في رأس الأسدي على هيئة أحلام فلا تتركوها تموت دون أن تراها الأجيال التي حلمت بالحرية طويلاً، لا تتركوها تضيع دون أن نراها ونغنيها وننشد تحت نصب الحرية : عاش العراق .

هكذا نريد أن ننشد كما أرادته دماء شهداء العراق الذين حلموا بالحرية وبالوطن الذي حلمت به أمهاتنا السومريات وما حملته أياديهن من وشم أزرق يصرخ بكل ما في الحياة من غنى وإرادة وعشق تناغم دهراً مع "الريل وحمد" وما جاورها من فنون وثقافات، من نايات وقصب وماء يحمل سحر القداسة التي يبشرنا بها دوماً مسرح جواد الأسدي.

ولولا زعله لقلت : امسكوا به قبل أن يعود مجدداً للمنافي، فهذه الطاقات العراقية لا يفخر بها سوى وطنها الحقيقي، وطنها الذي ابتلاه الله بالمزورين والمنافقين وسراق المال العام، هذا المال الذي من شأنه أن يكون ممولاً لكل ما تنتجه طاقات ومواهب نذرت نفسها لعراقها.