العراق والسعودية يوقعان مذكرات تفاهم ستراتيجية

العراق 2019/04/05
...

بغداد / متابعة الصباح
أكدت الرئاسات الثلاث (الجمهورية، الوزراء، النواب) أن «العراق حريص على بناء علاقات مميزة مع السعودية وبقية جيرانه»، وأن «تطور العلاقات بين الجانبين، بمثابة حجر زاوية للعلاقات في المنطقة واستقرارها وتحقيق مصالح شعوبها»، في وقت وقع العراق والسعودية مذكرات تفاهم ستراتيجية خلال الاجتماع التنسيقي الثاني بين البلدين الذي تتوالى لقاءاته البينية في بغداد بحضور وفد سعودي كبير مكوّن من 115 شخصية بينهم 7 وزراء ومسؤولون كبار ورجال أعمال، حيث جرت مراسم افتتاح قنصلية للرياض في بغداد ضمن 4 قنصليات تعتزم السعودية افتتاحها في العراق خلال الفترة المقبلة. وأعلن وزير الكهرباء لؤي الخطيب توقيع محضر اجتماع مع نظيره السعودي خالد الفالح تمهيداً لتوقيع مذكرة تفاهم وعقد اتفاق للربط الكهربائي بين البلدين وتزويد المملكة للعراق بالطاقة الكهربائية بعد تنفيذ إجراءات متعددة،  وبينما كشفت وزارة الشباب والرياضة عن تفاصيل «المدينة الرياضية» المهداة من السعودية للعراق والمواقع المقترحة لإقامتها، أعلن رئيس الوفد السعودي وزير التجارة والاستثمار ماجد بن عبد الله القصبي عن تخصيص منحة سعودية بقيمة 1.5 مليار دولار، من بينها مليار دولار للمدينة الرياضية و500 مليون دولار لدعم الصادرات.
الرئاسات الثلاث
وقال رئيس الجمهورية برهم صالح خلال استقباله الوفد السعودي بقصر السلام: إن «العلاقة الاخوية التي تربط العراق بالمملكة العربية السعودية لها جذور تأريخية وتنمو وتتعزز باضطراد بما ينسجم وتطلعات قادة وشعبي البلدين الشقيقين».
وأضاف بيان لرئاسة الجمهورية تلقته «الصباح»، أن صالح أشار خلال اللقاء، الى أن «العراق يحرص على بناء علاقات مميزة مع المملكة وبقية اشقائه وجيرانه وفقا للمصالح المشتركة»، وأشاد رئيس الجمهورية بمواقف السعودية ملكاً وشعباً الداعمة للشعب العراقي، ومساهمة المملكة في إعمار مدنه المحررة وإعانة اللاجئين والنازحين.
وأوضح الرئيس صالح، أن «العراق بعد تحقيقه النصر الناجز على الإرهاب المتمثل بعصابات داعش، بات محطة جاذبة للمستثمرين لاسيما أن آفاق الاستثمار فيه أصبحت واعدة لانفتاحه على العالم والعلاقات الطيبة التي تربطه مع العديد من البلدان».
من جانبهم، عبر أعضاء الوفد السعودي عن عميق امتنانهم للرئيس صالح ودوره الكبير في توطيد العلاقات بين الشعبين الشقيقين، مؤكدين استعداد رجال الأعمال والشركات السعودية للإسهام الفاعل والمؤثر في حركة إعمار العراق.
وجرى خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل الارتقاء بها في مختلف المجالات، فضلا عن استعراض نتائج اجتماعات الدورة الثانية لمجلس التنسيق بين العراق والمملكة والاتفاقيات المتمخضة عنها.
واستقبل رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي، وفد المملكة العربية السعودية برئاسة ماجد بن عبد الله القصبي وزير التجارة والاستثمار، ووفد المجلس التنسيقي العراقي السعودي.
وذكر بيان صدر عن مكتبه، أن عبد المهدي أكد خلال استقبال الوفد «تصميم الحكومة العراقية على إقامة أفضل العلاقات بين الشعبين والبلدين الشقيقين العراقي والسعودي بما يحقق خير ومصلحة البلدين ويشكل حجر زاوية للعلاقات في المنطقة على أساس المصالح الكثيرة التي تجمع شعوبنا ودولنا».
وأشار رئيس الوزراء، الى «حرص العراق على توسيع علاقاته مع محيطه العربي والاقليمي وانتهاج سياسة تركز على المشتركات الكثيرة وفرص التعاون الواسعة في جميع المجالات وتطلعه الى تحقيقها في المباحثات الجارية في بغداد وخلال زيارته المقبلة الى المملكة العربية السعودية».
من جهته، أعرب رئيس الوفد السعودي عن سعادته والوفد الكبير المرافق له بزيارة العراق وبانعقاد المجلس التنسيقي العراقي في بغداد الذي يجسد الرغبة الجادة بتطوير العلاقات العراقية السعودية.
ونقل القصبي تحيات ملك السعودية وولي عهدها الى عبد المهدي وتمنياتهما بتحقيق العراق المزيد من النجاح والتطور والاستقرار، وتأكيد القيادة السعودية على أن «العراق ليس دولة جارة فحسب وإنما بلد شقيق نحرص على التعاون معه ونقدر تضحيات شعبه».
وجرى استعراض عمل المجلس التنسيقي العراقي السعودي والمباحثات الجارية بين الوزراء والمسؤولين في البلدين بمختلف القطاعات والتقدم الذي تشهده لمصلحة البلدين .
كما استقبل رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، الوفد السعودي الكبير، وذكر بيان لمكتبه تلقته «الصباح»، أنه «جرى خلال اللقاء بحث تعزيز آفاق التعاون الثنائي بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين، كما استعرض اللقاء مذكرات التفاهم التي تؤطر التعاون الثنائي في مختلف المجالات بين البلدين، فضلًا عن المشاريع الاستثمارية المزمع إنشاؤها في العراق».
وأكد الحلبوسي، «حرص مجلس النواب العراقي على توفير جميع التشريعات والقوانين؛ بهدف تطوير القطاع الاستثماري والتجاري وبشكلٍ يعزز العلاقات الثنائية مع الجانب السعودي».
من جانبه، أبدى الوفد السعودي «دعم بلاده لتنشيط الشراكة وتعزيزها في مختلف المجالات بين العراق والمملكة السعودية، كما أعرب الوفد عن بالغ سروره لعودة الاستقرار والأمان إلى ربوع البلاد، وانعكاس ذلك على مجمل الحياة اليومية، وانتعاش عجلة الاقتصاد والاستثمار».
وأصدر مجلس الوزراء أمس الجمعة، قراراً يقضي بتخويل رئيس هيئة الاستثمار (وكالة) سامي رؤوف الاعرجي صلاحية التفاوض والتوقيع على مشروع اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار بين العراق والسعودية، وأفادت الأمانة العامة لمجلس الوزراء في بيان تلقته «الصباح»، بأن «قرار مجلس الوزراء نص أيضاً على قيام وزارة الخارجية بإعداد وثيقة التخويل اللازمة باسم حكومة جمهورية العراق للسيد رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار وفقا للسياقات المعتمدة، ورفعها الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء لاستحصال توقيع السيد رئيس مجلس الوزراء».
 
مؤتمر مشترك
إلى ذلك، كشف نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة وزير النفط رئيس اللجنة التنسيقية العراقية - السعودية ثامر عباس الغضبان، أن موقع الملعب «المُهدى» من السعودية إلى العراق سيكون في منطقة بسماية جنوبي العاصمة بغداد.
وبيّن الغضبان خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوفد السعودي وزير الاستثمار ماجد القصبي، أن «الملعب الرياضي المهدى من قبل السعودية سيكون نواة لمدينة رياضية»، مبينا أن «الملعب سيكون بمنطقة بسماية القريبة من بغداد»، وأضاف، أن «العراق وقع مع الجانب السعودي مذكرة تفاهم لربط العراق بالسعودية من أجل تزويده بالطاقة الكهربائية وإنشاء محطات توليد جديدة»، لافتا الى أن «السعودية مستعدة للاستثمار في العراق وفي كافة المجالات».
بدوره، قال الوزير السعودي ماجد القصبي: ان «العراق قدم 186 فرصة استثمارية للمستثمرين السعوديين»، مبينا أن «هذه المشاريع ستتم دراستها وتقديم أفضل السبل بشأنها من أجل الاستثمار فيها»، مبيناً أن هناك 13 اتفاقية جاهزة للتوقيع بين العراق وبلاده، وإن «العمل في معبر عرعر الحدودي البري الذي يربط العراق بالسعودية سيكتمل في غضون ستة أشهر».
وأضاف القصبي، أن «السعودية قدمت أفكارا سواء ممثلة بشركة أرامكو أو شركة سابك أو شركة المعادن السعودية لبعض الفرص التي ممكن الاستثمار فيها بالعراق، اضافة الى فكرة قدمها للقطاع الخاص بإنشاء منطقة حرة على المنفذ الحدودي والتي استقبلت باستحسان الطرفين وستتم دراستها وآلية تنفيذها ليتم الاعلان عنها»، مؤكداً «خروج الطرفين من ثوب التخطيط الى ثوب التنفيذ».
وأعلن القصبي، أن «السعودية خصصت ملياراً و500 مليون دولار كمنحة للعراق»، موضحاً أن «مليار دولار سيخصص لبناء الملعب الرياضي في العراق، فيما ستخصص 500 مليون دولار لدعم الصادرات».
ويضم الوفد السعودي الذي يرأسه القصبي ويشارك في النسخة الثانية من اجتماعات المجلس التنسيقي العراقي السعودي، 115 شخصية بينهم 7 وزراء ومسؤولون من وزارتي الداخلية والخارجية والاستخبارات، وعدد من المؤسسات والشركات، والسفير السعودي في بغداد.
 
افتتاح القنصلية
في السياق نفسه، حضر وزير الخارجيّة محمد علي الحكيم مراسم افتتاح قنصليّة السعوديَّة في بغداد التي جرت أمس الأول الخميس، وذكر بيان لوزارة الخارجية تلقته «الصباح»، أن «ذلك يأتي كمُؤشِّر عمليّ على تعزيز التواصُل بين بغداد والرياض، وحرص البلدين الشقيقين على تيسير الخدمات القنصليّة، وتقديم التسهيلات إلى الراغبين في زيارة الديار المُقدَّسة في المملكة؛ لأداء الحجّ، والعمرة، وزيارة العتبات المُقدَّسة في العراق، ولتسهيل إجراءات حركة العمل، والتبادل التجاريّ بين البلدين».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية أحمد الصحاف في بيان تلقته «الصباح»: إن «العلاقة مع السعودية ستراتيجية، والعراق يمضي بتوازن وقوة لبناء مصالحه»، مشيراً إلى أن «حجم الإقبال الدولي والعربي على العراق يؤشر بواقعية أن العراق بات محورياً في المنطقة»، وأعلن المتحدث عن نية العراق التنسيق مع الجانب السعودي لفتح قنصلية عراقية في بعض المناطق الشرقية من المملكة، لافتاً إلى أن ذلك «سينعكس على طبيعة الرحلات الجوية بين بغداد وجدة والرياض ولربما لاحقاً سيكون الدمام»، وكان الجانب السعودي أعلن في وقت سابق عزمه افتتاح 3 قنصليات اخريات إضافة للقنصلية التي جرى افتتاحها في بغداد.
 
معبر عرعر
من جانب آخر، كشف وزير التخطيط نوري الدليمي، عن إمكانية إعادة فتح معبر عرعر بين العراق والسعودية «خلال النصف الثاني من العام الجاري بعد اكتمال إعادة تأهيله»، وأفاد بيان لوزارة التخطيط تلقته «الصباح»، بأن «الوزير الدليمي ترأس اجتماعات اللجنة الاقتصادية والاستثمارية والتجارية والتنموية والاغاثية، بمشاركة وفد سعودي رفيع المستوى، ضمن أعمال المجلس التنسيقي العراقي السعودي في دورته الثانية»، وأكد الدليمي، أن «العراق يسعى نحو تعزيز العلاقات المشتركة مع المملكة العربية السعودية واستثمارها في جميع  القطاعات التي تمتلك فيها المملكة خبرات متقدمة وتجارب سابقة»، مشيراً الى «استثمار المنح السعودية في مشاريع إعادة الاستقرار وتأهيل البنى التحتية في المناطق المحررة وجميع المحافظات»، مبيناً ان «جميع المنح والقروض ستشارك وزارة التخطيط في ادارتها مع البنك الدولي والتوجيه الأمثل لاستثمارها».
 
ربط كهربائي
وفي سياق التمهيد للاتفاقيات بين الجانبين، أفاد بيان لوزارة الكهرباء تلقته «الصباح»، أمس الجمعة، بأن «الوفدين العراقي والسعودي قد اجتمعا برئاسة وزيري البلدين لؤي الخطيب وخالد الفالح، وتم إبرام محضر الاجتماع للتعاون المشترك في مجال الطاقة الكهربائية تمهيداً لإبرام مذكرة تفاهم في السعودية خلال الفترة المقبلة، بعد أن أكد الجانبان بأن هذا الاتفاق يأتي إسهاماً في تحقيق أهداف إنشاء مجلس التنسيق العراقي السعودي، واقتناعاً من الجانبين بمزايا التعاون الثنائي والتقني في مجال الطاقة الكهربائية، وتعزيزاً لأواصر الصداقة القائمة بين البلدين».
وأوضح البيان، أنه «ثبت في المحضر، العديد من الفقرات التي ستتضمنها مذكرة التفاهم، وعلى رأسها، الربط الكهربائي بين البلدين، وتطوير سوق الطاقة، وحث المصانع والشركات السعودية العاملة في مجال الطاقة الكهربائية على التعاون مع الجانب العراقي لتغطية الطلب من المعدات والمنتجات الكهربائية، فضلا عن الاستثمار والمشاركة في تمويل مشروعات توليد ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية (المتجددة والتقليدية) في العراق، الى جانب التعاون في مجال البحوث والدراسات المتعلقة بصناعة الكهرباء».
 
مدينة رياضية
إلى ذلك، كشفت وزارة الشباب والرياضة، عن تفاصيل مهمة بشأن الملعب المُهدى من السعودية الى العراق.
وقال وكيل وزير الشباب عصام الديوان، في تصريح صحفي: ان «المكرمة السعودية الكريمة المختصة تحديدا في التكفل ببناء مدينة رياضية سيكون لها أثر كبير في إحداث نقلة كبيرة ليس لكرة القدم العراقية فحسب، بل على مستوى الشباب والرياضة العراقية بشكل عام، حيث إن المخطط أن تكون مدينة رياضية متكاملة تحوي مسابح وصالات وملاعب رياضية بأحجام متنوعة وتمارس فيها جميع الألعاب»».
وبشأن الموقع المحدد لإقامة المدينة الرياضية ومميزاتها؛ قال الديوان: «حدد له مبدئيا في العاصمة بغداد، بحيث يكون قريباً من المطار الدولي وفي الطريق السريع إلى محافظة البصرة والمملكة الأردنية الهاشمية مما سيسهل الوصول إليه من كل محافظات العراق وليحقق الاستفادة الكاملة من هذا الصرح».
وعن تفاصيل هذه المدينة أوضح الديوان، «التخطيط أنها تضم ملعب كرة قدم يصل عدد مقاعد المشجعين فيه إلى 70 ألف متفرج أو أقل بقليل على أن يضم صالات رياضية تمارس فيها الألعاب الأخرى مثل كرة السلة واليد والطائرة وصالات متعددة الاستخدامات ومسابح»، وعبر الديوان عن شكره للملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده والحكومة والشعب السعودي على هذه المكرمة. 
 
جولة ثقافية
وضمن أنشطة وفد المملكة الذي يزور العراق، قام وزير الثقافة والسياحة عبد الأمير الحمداني باصطحاب نظيره السعودي بدر بن عبد الله بن فرحان، بجولة في مناطق تاريخية وثقافية في بغداد.
وقالت وزارة الثقافة في بيان تلقته «الصباح»: إن «الوزير السعودي تجوّل في شارع المتنبي، والقشلة (مقر الحكومة القديم)، كما زار القصر العباسي، وبيت الوالي، إضافة إلى النصب التذكاري للشاعر أبي الطيب المتنبي، وبيت الملك غازي، ومنطقة الميدان»، ونقل البيان عن وزير الثقافة السعودي قوله: «تمتاز بغداد بالعديد من المعالم الثقافية والأثرية، التي خلّدها التاريخ كرموز ثقافية بالغة الأهمية، حيث تعد بغداد منارة للتراث والإرث الثقافي في العالم العربي».
بدوره، قال وزير الثقافة والسياحة والآثار عبد الأمير الحمداني على هامش حضوره لمراسيم توقيع مذكرات التفاهم التي جرت في قصر الضيافة بين العراق والسعودية مساء الخميس: ان «بنود المذكرة كثيرة ولا تقتصر على جوانب الحج والعمرة وإنما تتضمن جوانب ثقافية»، وأكد على حرص الوزارة على مد جسور التعاون الثقافي مع جميع الدول. 
عضو لجنة العلاقات الخارجية النيابية فرات التميمي، أوضح أن «جميع الاتفاقيات والمعاهدات التي تم توقيعها مع الوفد السعودي ستخضع لمناقشات داخل قبة البرلمان، فضلا عن استضافات للجهات المعنية»، مشدداً على ضرورة الخروج بصيغ تصب بمصلحة العراق وشعبه، وأضاف، ان «هناك متابعة للقرارات والاتفاقيات التي حصلت بين العراق والسعودية»، مبيناً أن «البعض منها فنية والبعض الاخر بحاجة الى تشريعات».