د. حميد طارش
كان ارتفاع سعر الدولار، قبل سنتين تقريباً، قرارا سياسيا كما صرح به أحد أعضاء اللجنة المالية البرلمانية، لتفادي أزمة مالية، القرار لم يكن موفقاً، إذ كان شكليا لحل مشكلة متجذّرة، أي معالجة مشكلات الاقتصاد تأتي عبر تنمية الموارد في جميع المجالات المتاحة وليس رفع سعر صرف الدولار.
دفاع البنك المركزي في وقتها، ولا يزال، عن ارتفاع سعر الصرف، أعتقد جاء مجبراً لعدم وجود خيار آخر، وعلى غرار الضارة النافعة!، لكن الحلول الهشة لا تصمد، فما بالك في المجال الأخطر الذي يتعلق بمقدرات الدولة وقوت مواطنيها.
ظهرت عدة أسباب تؤشر للارتفاع الجديد في سعر صرف الدولار، منها ما يتعلق بتدقيق وزارة الخزانة الأميركية بشأن مصارف عراقية متهمة بتهريب وغسيل أموال مما أدى إلى إيقافها عن المشاركة في مزاد العملة، وإجراءات البنك في تقليص عرض الدولار في مزاد بيع العملة، فكان تعويض ذلك عن طريق السوق الموازي، الذي يكون همه الأكبر الربح على حساب قوة الدينار العراقي.
ومهما تكن الاسباب والنتائج، فأن الأسوأ فيها يتعلق بالشرائح الفقيرة التي ستعاني من تأمين غذائها اليومي.
أصبح إيقاف ارتفاع سعر الصرف ضرورياً، وقد يفلت زمامه إلى زيادة أكثر تعيدنا إلى ما عشناه في سنوات الحصار، خاصة بعد أن أدرك الجميع بأن خفض السعر ليس (جرّة قلم)، ولو كان كذلك لانتهت المشكلة مع صدور قرار البنك المركزي بخفضه إلى (146، 5).
السؤال الأهم: هل يمكن خفض سعر صرف الدولار آنياً؟
نعم يمكن ذلك بزيادة عرض شراء الدولار للجميع وليس للمحتكرين فقط، ومنع تلاعب السوق الموازية بتشديد الرقابة عليها، فضلاً عن معالجة تدخل الخزانة الأميركية على حساب الخبز اليومي للناس، الّا أن الحاجة تبقى مؤكدة لإستقراره وعدم انفلاته إلى ما لا يحمد عقباه عن طريق زيادة الموارد والتنمية والحد من الفساد.
غذاً يجب أن يؤمن الساسة بأن الاقتصاد هو مؤشر نجاحهم أو فشلهم، والأخير سيظل مستمراً طالما المصانع الحكومية معطلة، وربما تهالكت واندثرت اجهزتها ومكائنها، وغياب التنسيق والدعم للقطاع الخاص ومناقشة مشكلاته، فضلاً عن القطاع الزراعي والمجالات الحيوية الأخرى.