هل يسمعنا المسؤول؟

آراء 2023/01/09
...

  باسم محمد حبيب 


نلتقي الناس يوميا فنسمع من بعضهم تذمرا وانزعاجا من قضية ما، هذا لغلاء الأسعار، وذاك لعدم انخفاض سعر الدولار، وآخر لعدم شموله بالتعيين أو لعدم استقرار الكهرباء أو مجيء الحصة التموينية، وبعضهم يطلب منك أن تكتب عن الموضوع الذي يطرحونه، عسى أن يراه مسؤول ما، فيقوم بما عليه تجاهه، فنكتب أحيانا ما يطرحونه علينا، على الرغم من إدراكنا بأن ما نكتبه لن يصل إلى المسؤول غالبا، وحتى وإن وصل فلن يلتفت إليه أو يعره اهتماما، لكننا مع ذلك نفعل ذلك، لأننا نرى أن ذلك من مسؤولية من يكتب.

لكن ما جدوى كتابة المقالات والمنشورات التي تتناول قضايا الناس ومشكلاتهم، فضلا عن القضايا العامة إن لم يقرأها أو يهتم بها المسؤول؟ وما فائدة مئات المواقع الالكترونية للمسؤولين، إن لم يكن بوسع الناس التواصل معهم بها؟ فغالبية المسؤولين - وبحسب ما يقول كثيرون - لا يردون حتى على الرسائل التي تصلهم عبر نافذة الاتصال، التي يحرص غالبية المسؤولين على وضعها في مواقعهم الالكترونية، فهي موجودة كديكور لا أكثر، وأحيانا يأتي الرد برد آلي كنوع من إسقاط الفرض، أو لإيهام المواطن بأن موضوعه وصل، وأنه يحظى باهتمام المسؤول، ومن ثم لا يكون للموقع الالكتروني من مهمة سوى عرض إنجازات المسؤول وأنشطته التي ليس من بينها التواصل مع الناس وسماع شكاويهم ومطالبهم، كما يفعل نظراؤهم في دول العالم الأخرى.

إن مسؤولاً لا يتابع شكاوى الناس أو يستمع لمطالبهم ولا يقرأ منشورات ومقالات الكتبة، لا يمكنه أن يؤدي ما عليه تجاه مسؤوليته التي غايتها الأساس خدمة الناس، فإن تكون مسؤولا يعني أن عليك أن تكون مستمعا جيدا للناس، وقارئا جيدا لما ينشر في الصحف من مقالات وكتابات، لا سيما تلك التي لها علاقة بما لديه من مسؤولية، ولا يمكن للمسؤول أن يكون ناجحا في عمله مخلصا في أداء واجبه من دون ذلك.

أن البعض يقول أن المسؤول العراقي يكاد لا يشبه أي مسؤول في أي بلد آخر، فهو ما أن يتسلم المسؤولية حتى يضع نفسه خارج المعايير الوظيفية أو تلك التي تحكم مسؤوليته، وفوق القوانين والتعليمات والأوامر الحكومية، بدليل أن كثيراً ممن يتقلدون المسؤولية يتحولون في طرفة عين إلى أشخاص مختلفين عما كانوا عليه، كأنهم تقمصوا جسدا جديدا، متجاهلين أن ما تقلدوه هو تكليف وليس تشريفاً، لأن المنصب ليس وراثة، بل تعيين واختيار تم على وفق معايير وضوابط معينة.

إنها نصيحة مجانية لكل مسؤول عراقي: استمع لما يعرضه الناس عليه، تابع ما يكتبونه، أقرأ ما ينشر من مقالات لها علاقة بعملك، تقبل النقد والتذمر، لأن الديمقراطية تتطلب ذلك، فمثلما وصلت إلى المسؤولية بأصوات الناس أو من خلالها، لا بد أن تكون أمينا على ما يريدونه وينشدونه، فهذا هو ما يجعلك مسؤولا، أما أن تجلس في برجك العاجي، وتنظر إلى الناس من خلاله، فهذا بعيد كثيرا عن طبيعة المسؤولية ومفهومها.