تطوير المدينة والإنسان

آراء 2023/01/10
...

 يعقوب يوسف جبر


تطوير المدينة ثقافيا وعلميا باتباع أحدث الطرق والأساليب الثقافية والعلمية هو الاساس المتين لقيام نهضة حضرية مدنية على انقاض حياة البداوة، حيث تنعكس هذه النهضة إيجابيا على شخصية الساكنين في المدينة، فيتحولون الى اشخاص نشطاء فاعلين ومبدعين يتمسكون بالنظام ويلتزمون بقواعده، فثمة علاقة طردية وطيدة مابين تطوير المدينة والانسان الساكن فيها.

فكلما طورنا المدينة ثقافيا تطور الانسان وكلما طورنا الانسان تطورت المدينة ، فهذه متلازمة بين الطرفين، لذا لايمكن للانسان الفوضوي الرخيص وغير المتعلم ان يشيد مدينة متحضرة ؛ بل على العكس لن يتطور مطلقا واذا انتقل من حياة البداوة الى المدينة سيجد صعوبة بالغة في التمدن لأن طباعه واخلاقه وثقافته البدوية غلبت شخصيته، لذلك فإن سكن المدينة سيعبث بها وسيبطش بمقدراتها وسيعمل على تحويلها الى بيئة بدوية تافهة، سيتصرف تصرفات فردية وجماعية فظة تهدد سلم وأمن المدينة، سيفرض سننه القبلية الطائشة في كافة 

المجالات.

من هنا لابد من وضع برامج تثقيفية وتربوية وعلمية لبناء إنسان مدني يشعر بالمسؤولية الانسانية ويحترم الحقوق المدنية ولا يفرط بها ، ففي الدول المتقدمة نجد ان إنسان المدينة نموذج فعال لبناء وإعمار مدينة متطورة عمرانيا ومدنيا وثقافيا وليس شخصا منفلتا فوضويا.

في البيئات المتخلفة يعيش الانسان المتخلف الطارد لقيم التمدن فتجد أن بيئته غير صالحة وغير مؤهلة للتغير ، فلقد عبث بها وحطم مقومات تطورها ، من هنا تمس الحاجة الى تأهيل الانسان ثقافيا وتربويا وعلميا لكي يتمكن من تطوير بيئته في كافة المجالات سواء العمرانية أو الهندسية او التربوية او الصحية او الثقافية او العلمانية ، فليس بمستطاع الانسان أن يشيد بيئته وهو غير متعلم فالتعلم هو الاساس لتحقيق هذه الغايات وإلا فإن المدينة ستظل غير صالحة وغير آمنة وغير مؤهلة وغير فعالة بل تسودها الفوضى وستزداد فيها الجرائم 

بمختلف انواعها .

بينما نجد أن المدينة المتطورة تحفل بالنظام والاستقرار والجماليات والتطور العلمي والثقافي والتربوي المطرد.

حتى ان بعض الكتاب وضعوا مفهوما حديثا لهذه المدينة منهم الكاتب ثائر سوقار الذي ذكر في أحد مقالاته المنشورة في موقع سكاي نيوز قائلا " يمكن أن تكون المدن الذكية مدناً جديدة صممت وأنشئت بطريقة ذكية منذ البداية، أو مدينة تقليدية تم تحويلها تدريجيا إلى مدينة ذكية بالكامل. 

وأطلقت مدن كثيرة حول العالم مشاريع لمدن ذكية، من بينها دبي ونيويورك وطوكيو وشنغهاي وأمستردام " 

ماذا عن مدننا وفي مقدمتها مدينة بغداد ؟

متى يتم تحديثها ؟

وتحويلها الى مدينة اكثر تمدنا وتطورا وجمالا ؟

ينبغي على الحكومة الحالية ان تضع تصاميم وخططا وسياسات تحديث وتمدين لتطوير بيئة بغداد وبقية المدن، فالإمكانيات متوافرة للبدء بهذه المشروع العملاق.

فمن جملة المسؤوليات الكبرى التي ينبغي ان تنوء بحملها حكومة السيد محمد السوداني هي مسؤولية تطوير وتحديث وتأهيل مدن العراق والارتقاء بعمرانها وثقافتها وإنسانها لتكون الاجمل مثلها كمثل مدن العالم المتمدنة والمتطورة .