ابنة كيم جونغ أون.. رسالة لشعبها والعالم

بانوراما 2023/01/10
...

  جاستن ماكوري

  ترجمة: ليندا أدور

منذ إن كان في الثلاثينيات من عمره عان كيم جونغ أون من مشكلات صحية، فهل بدأ يفكر في خليفة له؟ هذه واحدة من التساؤلات التي أثارها الظهور العلني الأول لابنة الزعيم الكوري كيم جونغ أون، في موقع لإطلاق الصواريخ، مؤخرا.

برز جونغ أون من خلال صورة صيغت بعناية، على أنه رجل شعب، مسلحا بأسلحة نووية، رافقه ظهور مفاجئ لابنته، جو أي، حيث ظهر وهو يمسك بيد فتاة صغيرة أثناء متابعته لإطلاق صاروخ من طراز هواسونغ- 17، أقوى صاروخ باليستي عابر للقارات (ICBM) حتى الآن، مثيرا الكثير من التكهنات حول الأسرة التي حكمت كوريا الشمالية على مدى أكثر من سبعة عقود. 

رمزية الظهور

من بين العديد من التساؤلات التي طرحتها صورة كيم رفقة ابنته هي، هل هناك جوهر للنظريات التي تقول بأنها يمكن أن تكون خلفا لوالدها يوما ما؟ قدّم مسؤولو الإستخبارات الكورية الجنوبية الفتاة على انها «جو أي»، التي ورد ذكرها لأول مرة على لسان لاعب كرة السلة الأميركي السابق، دينيس رودمان، بعد زيارته لأسرة كيم في العام 2013، ويشاع بأنها الابنة الثانية لكيم من بين ثلاثة أطفال، بضمنهم صبي وفتاة أخرى، وهي في العاشرة من العمر تقريبا، بينما رجح آخرون بأنها في سن 12 أو 13 من العمر.

بحضور والدتها، ري سول جو، كانت جو أي رفقة والدها، بينما كان الصاروخ الباليستي العابر للقارات يستعد للإنطلاق، وقد بدا وأن كل شيء فيما يخص ظهورها العلني الأول قد جرى الإعداد له بعناية تامة، حتى الملابس التي كانت ترتديها بالألوان الأبيض والأسود والأحمر تتوافق مع ألوان الصاروخ. ذكرت وسائل الإعلام الكورية الشمالية الرسمية، بأن ظهورها، والذي يعد أول تأكيد رسمي بأن كيم لديه أطفال، يشدد بأن الردع النووي للنظام في كوريا، الهدف منه هو «حماية أطفالنا» من هجوم أميركي، واصفا مخزونه منه بأنه «آثار ستنتقل الى أحفادنا لأجيال».

لكن تركيز وسائل الإعلام الحكومية على رمزية الظهور، لم يقف حائلا دون بروز التكهنات بأن كيم، بدأ يفكر في خليفة له، ومع ذلك، يعتقد محللون بأن فرص قبول النخب السياسية الشمالية بامرأة، كزعيمة لهم، حتى وإن كانت حفيدة كيم إيل سونغ، مؤسس الدولة، تبقى بعيدة.

النزهة المفاجأة

يقول ليونيد بيتروف، الخبير في الشؤون الكورية الشمالية في الكلية الدولية للإدارة بسيدني بأنه «من غير المرجح أن يتم تنصيب أي من أفراد أسرة كيم من الإناث لتحكم كوريا الشمالية»، مشيرا إلى أنه إن حدث ذلك، فمن المحتمل أن يكون خليفته هي شقيقة كيم المتنفذة،  كيم يو جونغ، التي حذرت الولايات المتحدة من أنها «ستواجه أزمة أمنية أشد فتكا» في حال استمرت بدفع منظمة الأمم المتحدة لإدانة اختبار ICBM الأخير الذي أجرته الشمالية. 

«في حال لم يكن لكيم جونغ أون خليفة ذكر، فإن ذلك الأمر سيترك الباب مفتوحا أمام كيم يو جونغ لترث دور الزعيم الأعلى في القيادة»، يقول بيتروف مضيفا  بأنه كان يبدو من المستحيل تأكيد كم من الأطفال لدى كيم، بقوله: «مع ذلك، أعتقد بأن القيادة الجماعية هي التي ستخلف كيم، بعد أن تمت إضافة بعض أقاربه من الإناث الى دائرة صانعي القرار لمنحهن المزيد من الشرعية»، مضيفا «لكون كيم جونغ أون لا يزال شابا، نسبيا، ولكي يعرض صورته كأب حنون وحاكم سخي، اصطحب ابنته كفرصة للظهور الإعلامي الى موقع إطلاق الصاروخ».

أما سو كيم، محلل سابق لدى وكالة المخابرات المركزية الأميركية ويعمل الآن لدى مؤسسة راند، فيرى بأنه يجب النظر الى «النزهة» المفاجأة لجو أي على أنها تأكيد على الاستقرار والاستمرارية التي تعزز أسرة كيم، مشيرا الى أنه قد يكون له أكثر من ابن، بقوله: «قد لا يتعلق الأمر بتقديم جو أي على أنها الوريث الرسمي له، ولكن لأنها، الى جانب أشقائها، سيواصلون مسيرة إرث أسرة كيم، لذا كان من المنطقي أن يقدم أحد أبنائه الى العلن». 


كيم الرابع

«من نقطة استشراف خلافته، لا يزال أبناء كيم صغارا، من وجهة نظر العامة على الأقل، وربما هم غير مهيئين «لتولي السلطة»، وعند أخذ نظر كيم بعين الاعتبار، وبالرغم من المخاوف المتعلقة بصحته، ربما هو غير مستعد لتسليم مقاليد السلطة لأبنائه الصغار».

كشف صعود كيم جونغ أون الى السلطة عن إمكانية النظام في الشمالية أن يكون مرنا قدر تعلق الأمر باختيار وريث واضح، اذ فقد كيم جونغ نام، الابن الأكبر لكيم جونغ إيل، حظوته في العام 2001، عندما ألقي القبض عليه بمطار ناريتا اثناء محاولته دخول اليابان بجواز سفر مزور، ليتم اغتياله في العام 2017 بناءً على أوامر من كيم جونغ أون. أما كيم جونغ تشول، الابن الثاني لكيم جونغ إيل، فقد كان ينظر له على أنه «مخنث وضعيف» جدا ليتولى دورا قياديا. 

إن الأهم من ذلك كله، إن قرار كيم بالربط بين ظهور ابنته وبرنامج الصواريخ الباليستية، كان القصد من ورائه هو إرسال رسالة، الى الشعب الكوري والعالم، مفادها بأن كوريا الشمالية المسلحة نوويا، وجدت لتبقى، «وبغض النظر عمن عليه التعامل مع كيم الرابع، فإن كيم جونغ أون يود القول بأن عليه أن يتعامل مع الصواريخ والأسلحة النووية» والحديث لكيم سو.

*صحيفة الغارديان البريطانية