قانون التقاعد وخسائر المتقاعد

آراء 2023/01/11
...


 علي لفتة سعيد


لم يكن قانون التقاعد الموحد المعدل الذي أصدره مجلس النواب رقم (26) لسنة 2019 والذي نصّت مادّته الأولى من هذا القانون على حتمية إحالة الموظف على التقاعد عند إكماله سن (60) من العمر، إلّا ضربةً قاضية للموظف من الناحية المادية على حساب العمل السياسي الذي كان يقف وراء تشريع هذا القانون، كونه جاء على حساب فئة دون أخرى، ولم يحقّق أهداف المشروع التي كانت الحجّة تقف وراء سنّه، من أنه سيسهم في تخفيض عديد الموظفين وإيجاد فرص عمل وظيفية للشباب، باعتبار أن راتب الموظف المحال على التقاعد سيتم ( إنقاصه) من خلال حذف الامتيازات الوظيفية من مخصصات مختلفة قد تصل إلى ضعف الراتب وهو ما يمنح الموظف الجديد الاستفادة منه.

إن هذا القانون تسبب بمآسٍ للموظف المحال، كونه تعرّض إلى غبنٍ يصل إلى حدّ التأثير على سنوات خدمته من جهة وراتبه الكلي من جهة أخرى وحالته النفسية من جهة ثالثة، دون إيجاد بديل لذلك، لأن الأساس في الخدمة هو القانون الذي تم بموجبه تعيين الموظف هو ن يكمل من العمر 63 عاما وبالتالي فإن السنوات الثلاث التي تم حذفها بموجب هذا القانون أدت إلى (تدهور) الراتب مثلما تسببّت بتعرّض الموظف إلى حالة نفسية، لأن القانون تسبب بقطع أرزاق ثلاث سنوات وكان على القانون حل هذه الاشكالية مثلما أراد حلّ مشكلة تضخّم عديد الموظفين وايجاد فرص عملٍ للشباب، وهذه الخطوة لم تنجح بل إنها زادت على كلّ الشرائح الفاعلة وغير الفاعلة، المستحقّة أو غير المستحقّة، والتي جاءت في أغلبها تعيينات سياسية وقضية انتخابية بما فيها رواتب الرعاية الاجتماعية التي في كل ( فترة وزير)، تزيد الأعداد ويتم حذف أعداد سابقة لوجود أسماء مزورة أو تستلم راتبين، وهو الأمر الذي جاء كلّه على حساب الموظف الذي أصبحت لديه خبرة عملية وإدارية وإنتاجية طوال سنوات خدمته الطويلة.

إن هذا القانون تسبّب بالكثير من الأخطاء والأخطار بحق الموظف منها:

1 - إنه أحيل وهو قمة العطاء لأن عمر الستين يعتبر النضوج الكلّي وبداية الدخول إلى عالم ما بعد الستين بحسب علم النفس، في حين أن عمر 63 يعد عمر الدخول في الكهولة وليس الكهولة الكلية التي تبدأ من بعد الخامسة والستين وحتى السبعبن.

2 - إنه تسبّب بقطع امتيازات الخدمة لمدة ثلاث سنوات فإذا كان معدّل هذه الامتيازات المجتمعة في الشهر الواحد لا تقل عن 750 الف دينار وهناك من هم أعلى من ذلك وهم الشريحة الأكبر من الموظفين، فإن هذا يعني أن تسعة ملايين دينار سنويا، تم حذفها من راتب الموظف و27 مليون دينار خلال السنوات الثلاث.

3 - إنه تسبّب بحذف العلاوات والترفيعات للسنوات الثلاث، التي لا تقل عن مليون دينار خلال هذه السنوات لان الراتب الاسمي سيكون جيدا عند الإحالة.

4 - إنه تسبّب بتقليل راتبه التقاعدي الذي يختلف عما لو كانت خدمته وهو بعمر 63 عاما، لأن الراتب الاسمي تم تثبيته دون وجود العلاوات والترفيعات.

5 - إنه تسبّب بعدم إكمال الخدمة الكلية التي تصل بهم إلى أربعين عاما ليحصل على نسبة 100 بالمئة من الراتب الاسمي للتقاعد، وكان على القانون تقليل هذه النسبة إلى 37 عاما من الخدمة بدلا من أربعين لأن هذا يعني أنه سيستل راتبه على حسب النسبة 80 بالمائة من الراتب الاسمي لعدم وصوله إلى الخدمة الكلية.

6 - إنه تسبّب بتقليل مكافأة نهاية الخدمة سواء كانت الوظيفية أو التقاعدية التي تحتسب من دائرته على ما يستلمه من الراتب الاسمي ومن التقاعد على ما يستلمه من الراتب الكلّي.

7 - إنه تسبّب بتذمّر وتدمير نفسي للموظف الذي خطط لحياته لكي يعوّض عما كان يعيشه طوال سنوات الخدمة الوظيفية من حروب وحصار وتغييرات سياسية وتغيّر في صرف الصرف الدولار وإنه لم يكن قد أكمل بعد كل متطلبات الحياة العائلية لكي يكون راتبه التقاعدي كافيًا له.

8 - إنه تسبّب بمضاعفة الوضع الاقتصادي للموظف المحال الذي قام باستلاف مبالغ سواء من جهات حكومية مصرفية أو قطاع خاص معتمدا على راتبه الكلي لإكمال المشاريع التي بدأ بها قبل سنوات لم يكن قد أكملها بعد.

9 - إنه تسبّب بخلق حالة من الازدحام في دوائر التقاعد وبالتالي المساهمة في حالة الفساد التي يتعرّض لها المتقاعد الجديد في ظلّ الاعداد الكبيرة التي أحيلت مع وجود اجراءات روتينية ترهقه وتعطله عن استلام المكافأتين والراتب التقاعدي تمتد لعدة أشهر

10 - إنه تسبّب بعدم إحالة الموظف لنفسه على التقاعد برغبة كاملة لأسباب شخصية وهم كثرة كاثرة كأن تكون لأسباب مرضية أو سفر أو عدم الرعبة بالعمل ووجود أعمال شخصية لهم، أو انهم لم يكملوا الخدمة الكلية البالغة 40 سنة حتى لو كانوا بعمر 63 سنة لان هذا القانون سهل لهم البقاء وعدم التفكير بالإحالة على التقاعد.

11 - إنه تسبّب بمضاعفة عدم الثقة بين الجهات السياسية والحكومية من جهة والشعب لان هذه الشريحة مع عوائلهم الكبيرة من الأولاد والأحفاد بكل تأكيد قد أصبحت في حالة نقمة على كل شيء.