الجيش العراقي.. قرنٌ من المآثر والبطولات

آراء 2023/01/11
...

 د. صادق كاظم 


قد تتعدد وتختلف الروايات بشأن الظروف التي قادت إلى تاسيس الجيش العراقي كاحد قرارات وزارة المستعمرات البريطانية عقب مؤتمر القاهرة الخاص بالشرق الأوسط لعام 1921، لكن تاسيسه كان أمرا ضروريا لتدعيم الأمن ومواجهة التهديدات التي كانت تواجه العراق بعد اعلان تاسيس الدولة العراقية، صحيح أن قادة هذا الجيش وضباطه قد جاؤوا من بقايا وإرث الجيش العثماني، لكن هؤلاء الضباط كانوا يملكون القدرة والكفاءة لادارة وقيادة وحداته. 

وبغض النظر عن السجل التاريخي من التصادمات الداخلية التي كان الجيش طرفا فيها وخصوصا خلال العهد الملكي والتي ما زالت تثير بعض الانتقادات، إلا أن الجيش العراقي أثبت فيها مهنيته ووطنيته، والتي نذكر منها إحداث ثورة مايس عام 1941، التي قدم فيها الجيش صفحات من البطولة في مواجهة قوات الاحتلال البريطاني خلال معارك الحبانية والشعيبة، والتي شهدت ايضا تلاحما شعبيا وسياسيا مع الجيش خلال معركته ضد القوات البريطانية الغازية.

وخلال إحداث عام 1948 التي شهدت اندلاع الحرب العربية – الصهيونية الاولى على ارض فلسطين كانت للجيش العراقي فيها ملاحم وانتصارات بارزة تمكنت فيها وحدات الجيش العراقي المقاتلة من المحافظة على خطوط التماس في جبهات نابلس وطولكرم وجنين، ولم تسمح للعصابات الصهيونية باختراق الخطوط الدفاعية التي كان يمسكها الجيش العراقي وظل محافظا على هذه المناطق التي كانت بعهدته حتى نهاية الحرب. 

هذا الدور المشرف في الدفاع عن القضية الفلسطينية ظل متواصلا وكانت حرب حزيران من العام 1967 التي شهدت وللاسف انكسارا مؤلما من قبل الجيوش المصرية والسورية والاردنية فيها ايضا من البطولات التي سجلها سلاح الجو العراقي وللمرة الاولى والاخيرة من هذه الحرب والحروب اللاحقة، والتي تمكن فيها من اختراق الدفاعات الجوية الصهيونية والوصول إلى العاصمة تل ابيب وقصف المعسكرات والقاعدة الجوية فيها وتدميرها مما الحق خسائر فادحة بالجيش الصهيوني وقتها، وتعزز هذا الدور بعد ذلك خلال حرب اكتوبر، حين تمكنت الفرق المدرعة العراقية من وقف زحف الكيان الصهيوني صوب العاصمة دمشق وتثبيت خط النار معه، بل وأتاح الفرصة للجيش السوري من شن هجمات مضادة منعت الكيان الصهيوني من التفكير بتطوير هجمات اخرى نحو العمق السوري.

لقد قام النظام الدكتاتوري البعثي الذي جاء إلى السلطة في العام 1968 بحملة واسعة، لتبعيث المؤسسة العسكرية والسيطرة عليها والزج بقيادات محسوبة على النظام لادارة وقيادة أهم الفرق العسكرية، وهو ما قاد لاحقا إلى حروب مدمرة خاضتها القوات المسلحة، والتي أدت إلى استنزاف البلاد والجيش بشريا وماديا والى تداعيات خطيرة كانت لها انعكاساتها الخطيرة على مستوى آمن البلاد، وتسببت في نتيجتها النهائية بعودة البلاد إلى مرحلة الاحتلالات الاجنبية وفقدان السيادة الوطنية.

كان قرار حل الجيش العراقي من قبل الحاكم المدني الأميركي (بول بريمر)، بعد سقوط النظام البعثي الإجرامي في 9 نيسان منالعام 2003 من أكثر القرارات الكارثية، التي اتخذتها سلطة الاحتلال الأميركية، والتي تركت البلاد فعليا من دون قوة حقيقية لحمايتها، والتي كان من جرائها أن تدفق عشرات الآلاف من الإرهابيين الخطرين إلى البلاد عبر الحدود البرية، التي كانت مفتوحة على مصاريعها وأدى إلى قيام تلك العصابات بالسيطرة الفعلية على مساحات ومدن واسعة من البلاد، تحولت إلى معسكرات وقواعد أخذت تشن منها حرباً إرهابية خطيرة على البلاد كان من نتائجها المريرة سقوط أكثر من ربع مليون شهيد، نتيجة لتلك الأعمال الارهابية الاجرامية. 

كان قرار اعادة تشكيل الجيش العراقي مجددا بالاستعانة بالكوادر الوطنية من من منتسبيه السابقين أمرا ضروريا، لتمكين البلاد من استعادة سيادتها واستقلالها، وزوال الاحتلال عنها ولمواجهة العصابات الارهاية الاجرامية وتطهير البلاد منها، حيث حققت قوات الجيش لعراقي بمختلف صنوفه وخصوصا المقاتلة منها العديد من الماثر البطولية من خلال معارك التحرير التي خاضتها ضد فلول عصابات داعش بعد حزيران 2014، خصوصا في قواطع الانبار وتكريت قبل أن تتحرك للشروع بخطة تحرير الموصل، من خلال معارك شرسة سطرت خلالها القوات الخاصة العراقية أروع الملاحم في حرب شوارع صعبة مع عصابات إجرامية مدربة على هذا النوع من القتال ويرتدي افرادها احزمة ناسفة، وقادرون على صناعة العبوات الناسفة وبتقنيات عالية وباحط الوسائل واكثرها خسة ودناءة والتي توجت بالانتصار العظيم على يد قوات الجيش العراقي الباسل التي تمكنت من ودحر تلك العصابات وطردها من مختلف الاراضي والمدن من خلال ملاحم قتالية اكدت قوة واقتدار الجيش العراقي على حماية البلاد واهلها، من خطر عصابات الإرهاب وفلولها والمحافظة على أمن البلاد وسيادتها.