منافذ تهريب الأموال

آراء 2023/01/14
...

 بشير خزعل 


حسب تصريح لهيئة النزاهة، فإنَّ أبرز منافذ تهريب الاموال العراقية المسروقة إلى خارج البلاد تذهب إلى دول الجوار، إضافة إلى دول اقليمية اخرى، ووفق هذا  التصريح ايضا تواجه هيئة النزاهة تحديات مختلفة تعرقل استرداد تلك الأموال، بسب اختلاف الأنظمة القانونية في تلك الدول، وبرغم تعقيدات سرقة تلك الاموال التي يتعلق البعض منها ببرنامج النفط مقابل الغذاء والحصار وتهريب النفط، وصولا إلى سرقات المسؤولين التنفيذيين ممن تولوا مناصب عليا، تمَّ استغلالها لنهب المال العام ما بعد العام 2003، فإن بقاء تلك الأموال الكبيرة لسنوات طويلة، وهي تتضخم وتتفرع في استثمارات ومشاريع وتتحصن تحت مسميات وبرامج وحماية قانونية في بلدان أخرى، يستدعى أن تسعى الدول العراقية إلى إجراءات أكبر من امكانيات الدائرة المختصة لاسترداد الاموال في هيئة النزاهة، فهي مجرد مؤسسة صغيرة بالنسبة للتعامل مع دول أخرى، لها قوانين وانظمة مختلفة.

 تعقب السراق والأموال ليس بالأمر الصعب، لكن تحصين الاموال المسروقة في انشطة واستثمارات تخضع لقوانين تلك الدول هو مايصعب المهمة، لذلك لا بدَّ من استخدام وسائل ضغط ضمن اتفاقيات مشتركة لاسترداد تلك الاموال، ولنعكس الامر، فعلى سبيل المثال، لوكانت تلك الاموال نهبت من الأردن أو تركيا أو أي دولة أخرى، وجاء بها السرّاق إلى العراق، هل ستسكت تلك الدول عن السراق؟ وهل سيمتنع العراق عن تسليمهم إلى قضاء تلك الدول؟ حتما ستقايض العراق بكل ما تستطيع من ضغوط سياسية واقتصادية وأمنية، مصالح الدول المشتركة أكبر من المسميات والشخوص، لكن الدولة العراقية لم تفاوض ضمن هذا الجانب، بل ألقت بمهمة عسيرة تتطلب تدخل الدولة على عاتق مؤسسة صغيرة تصطدم بعراقيل كبيرة، من ضمنها الانظمة والقوانين في دول اخرى، الإجراء الأكثر سرعة في استرداد تلك الأموال، هو التفاوض على اعلى المستويات مقابل مصالح تلك الدول، التي تقدم الحماية للسراق والأموال المنهوبة عن قصد أو بغيره، الإرادة والقرار السياسي قادران على استرداد جميع الأموال المنهوبة بشكل متسلسل وسريع، مئات مليارات الدولارات تتخفى في عناوين شركات وفنادق ومشاريع واستثمارات نهبت على مدى أعوام قبل وبعد سقوط النظام، وما زال العراق غير قادر على حصرها واستردادها في وقت يعاني فيه من أزمات البنى التحتية والفقر والبطالة، بدل البروتوكولات والمؤتمرات غير النافعة، الأحرى أن تُندِب الدولة العراقية مسؤولاً رفيع المستوى، ليتولى هذا الملف ليكون بتواصل ولقاءات مستمرة مع رؤساء تلك الدول، لحسم استرداد أموال الشعب التي يستنفع بها سراق ولصوص، صدقوا انفسهم بكذبة مشروعية الاموال التي نهبوها.