الحزام والطريق.. العراق أولاً

آراء 2023/01/14
...



 عباس الصباغ


التقارب الستراتيجي بين العراق والصين يذكرنا باتفاقية الإطار الستراتيجي المبرمة بين العراق وأميركا (2008)، والتي بقيت حبراً على ورق من قبل حكومات كلا الطرفين، وذلك بسبب تضارب الأهواء والمناخات السياسية، رغم الحاجة الماسة إليها، لا سيما الجانب الأمني منها، وتتحمل الحكومات العراقية  المتعاقبة مغبّة اهمالها وسوء التخطيط والادارة من قبلها، وأميركيا لعدم تفهّم الجانب الأميركي للأهمية الجيوسياسية للعراق، فاكتفت الولايات المتحدة بتحالفاتها التاريخية والتقليدية في الشرق الأوسط كالسعودية واسرائيل، مفضّلة النأي عن التورط بمشكلات العراق وعن اعادة سيناريوهات الكوارث، التي ادخل فيها الرئيس الأميركي الأسبق بوش بلاده والعالم فيها كأفغانستان والصومال.

كانت أهمية العراق الجيوستراجية الفائقة اشارةً التقطتها الصين، والذي لا يُلام في انخراطه في هذا المشروع مع التأكيد من قبل الحكومة العراقية الحالية على عدم التورط في سياسة المحاور، فالمهم هو خدمة المصالح الحيوية للعراق، ففضّل الشراكة مع الصين التي استوعبت الخطأ الستراتيجي، الذي  وقعت فيه أميركا، ومحاولة جعل العراق ميدانا للاصطراعات الجانبية، والتي ليس للعراق ناقة ولا جمل كعملية المطار المؤسفة مثلا، فاضطر العراق إلى رعاية مصالحه، التي تتناسب مع موقعه الجيبولوتيكي، فانخرط في طريق الحرير، الذي هو عبارة عن (منظومة طرق) بحرية ـ برية تربط آسيا والشرق الاوسط مع أوروبا، والعراق هو قلب هذا الطريق، اعتمادا على العلاقات التاريخية الطيبة، التي  تربط العراق مع الصين منذ القدم.

خلاصة الاتفاقية تقوم الصين باستيراد مليون برميل/ يوميا مقابل ايداع عوائد 100 الف برميل/ يوميا في حساب مصرفي خاص، ليتم تخصيصها للمشاريع والبنى التحتية، وبما يعرف بـ(النفط مقابل الإعمار)، كون العراق شريكا  تجاريا مهما للصين، فهو ثالث اكبر مورد للنفط بعد السعودية وايران.

كانت زيارة الرئيس الصيني شي جينغ بينغ  بداية لعصر ذهبي جديد من التنمية والتعاون مع الدول العربية ومنها العراق، بعد أن عقد ثلاث قمم خليجية تم التاكيد على: 

تدعيم التنمية. 2- الأمن الغذائي. 3-التنمية الخضراء. 4- أمن الطاقة. 5- الحوار بين الحضارات. 6- تأهيل الشباب. 7- الأمن والاستقرار. 9- التصحر.

 ومن المؤمل أن توفر الصين فرص عمل كثيرة، بعد ان بلغ الاستثمار في الدول العربية حوالي 300 مليار دولار ضمن هذا المشروع، ومن المرتجى أن يخلق قفزات هائلة في الاقتصاد العراقي، ويحقق بوادر تنمية مستدامة، ويوفر فرصا للعاطلين عن العمل ويخفف من نسب البطالة والفقر، كون العراق يشكل المحطة الرئيسة في هذا المشروع الرابط بين القارات والحضارات، والعراق هو قلب هذا المشروع الحيوي، والذي يتناسب مع اهميته الجيوسياسية والجيبولوتيكية والجغرافية. 

فهل ستبقى اتفاقية الغطار الستراتيجي  المبرمة بين العراق واميركا من ارشيف  الماضي، وفي عالم متغير ويسير باتجاه تعدد الاقطاب، خاصة نحو التنين الأصفر.