بغداد: حسين ثغب التميمي
رغم الجهود التي تبذل لعودة أسعار الدولار إلى وضعها السابق، إلا أنّ واقع الحال في الأسواق المحلية، يذهب باتجاه لا يخدم اقتصاد العائلة العراقية، حيث تأتي ارتفاعات الأسعار أكثر من الزيادة الحاصلة في أسعار الصرف مما بدا يثير حفيظة العائلة التي باتت تستغني عن حاجات مهمة تتطلبها الحياة اليومية.
ورقة سعر الصرف تبنّتها الأوساط التجارية من أجل تحقيق زيادة في الأسعار لتُنهك جيوب المواطن وتعرِّضها للجفاف المالي، من دون أن تُجدي محاولات الجهات المعنية في إعادة مستويات سعر الصرف إلى المعدلات السابقة.
أحمد سلطان السعدي مواطن 59 سنة قال لـ"الصباح": إنّ" الأسعار ترتفع بشكل كبير وهذا ما لا تقوى عليه الكثير من العوائل العراقية، إذ أن الإيراد ثابت والسعر يرتفع إلى مستويات باتت مقلقة لنا جميعاً، ومن يتابع حركة الأسعار في الأسواق بشكل يومي يؤشر وجود ارتفاع واضح وهذا الأمر يجب أن تجد له السلطات المختصة علاجاً سريعاً يخفف من وطئته على المستوى المعاشي للعائلة العراقية".
أشار إلى أنّ "المواطن اعتاد على نمط معين من الإنفاق ومستوى معاشي يتناسب ودخله، ولكن التراجع في هذا المفصل يُدخل العائلة في دوّامة الحيرة، لافتاً إلى أنّ "أسعار عبوة طحين سعة 50 كغم لامست 60 ألف دينار بعد أن كانت تباع بسعر 40 ألف دينار وهذه الزيادة تحمل تأثيرات كبيرة على أسعار الصمون والخبز وهاتان مادتان أساسيتان، لا يمكن الاستغناء عنهما".
محمد عبد العزيز صاحب محل بيع جملة يقول لـ "الصباح": إنّ "ارتباك سعر الصرف يؤثر في واقع السوق المحلية بشكل كبير، ويصيبه بالشلل وهذا يمكن أن يؤشره جميع العاملين في سوق الجملة حيث تراجع الطلب على جميع المواد التي نعرضها بواقع 40 بالمئة بالنسبة للسلع الأساسية وأكثر من 70بالمئة بالنسبة للسلع غير الأساسية وهذا الأمر يخلِّف أضراراً اقتصادية على واقع الاقتصاد بشكل عام، إذ أثّر على الطلب ونقل البضائع بين أسواق الجملة والمفرد، وجعل الإيراد لجميع من يرتبط بهذه المهن يتراجع إلى حدود كبيرة، حيث تشهد السوق توقفات في كثير من مفاصلها المهمة، ونأمل أن يتم إيجاد حلول لموضوع الدولار ويستقر عند حدود معنية".
بدورها رابطة المصارف الخاصة العراقية أكدت عبر بيان صحفي أنّها ومصارفها الأعضاء تراقب الارتفاع الحاصل مؤخراً في سعر الصرف، وتؤكد أنّ هذا الارتفاع ناتج عن تعديل آلية عمل نافذة بيع العملة الأجنبية في البنك المركزي العراقي وحسب متطلبات التعاملات الدولية وأنّ الحكومة العراقية قد اتخذت إجراءات متعلقة بطريقة استيفاء الرسوم الضريبية والجمركية في المنافذ الحدودية لتشجيع التجار على العمل مباشرة مع المصارف ومنع الازدواج الضريبي".
كما أنّ البنك المركزي العراقي قد اتخذ عدة إجراءات أيضاً من شأنها الحد من ارتفاع سعر الصرف وتؤكد الرابطة دعمها للجهود الحكومية وجهود البنك المركزي وتؤكد استعداد مصارفها لبيع العملة الأجنبية للتجار الراغبين بفتح الاعتمادات المستندية وبالسعر الرسمي للأغراض الاستيرادية وتدعو التجار للاستفادة من ذلك.
في هذه الأثناء عزا الخبير الاقتصادي قصي صفوان في حديث صحفي أسباب الارتفاع المطرد في سعر الدولار أمام الدينار العراقي، إلى القيود التي فرضها البنك الفيدرالي الأميركي على التحويلات المالية.
ولفت في حديث صحفي إلى "وجود طلب كبير على الدولار في السوق الموازية بعيداً عن نافذة بيع العملة، وهو ما يؤكد دخول إجراءات جديدة لبيع العملة في البنك المركزي العراقي بما حال دون دخول من يمتلك الأموال غير الشرعية إلى نافذة بيع العملة”.
وأضاف، أنّ “تقييد التحويلات جعل المبيعات أقل من الطلب وإذا ما استمرت تلك القيود فإنّنا أمام ارتفاع أكثر”.
وتابع قصي، أنّ “تراجع حجم الدولار المباع بمزاد بيع العملة يدل على أنّ هذه المصارف المحظورة كانت تستحوذ على ما يقرب من 40 بالمئة من مبيعات البنك المركزي العراقي من الدولار”.
الخبير الاقتصادي نبيل جبار التميمي بين "أسباب ارتفاع سعر الصرف في السوق الموازية يتوجب فهم آليات التعامل بالدولار، حيث كان التاجر في السابق يستخدم مكاتب الحوّالات والمصارف لإجراء حوالاته للخارج والتي بدورها يتم تعزيزها من العملة الصعبة عبر البنك المركزي ونافذته".
وأشار إلى أنّ "تغذية للحوالات تقدر بـ 180 مليون دولار يومياً، وبالرغم من زيادة المبيعات النقدية للمركزي وحوالتها، إلا أنّ هناك فجوة بالطلب كبيرة، أسهمت بارتفاع سعر الصرف
إضافة للعوامل الأخرى المرتبطة بنهاية السنة المالية وإغلاق حساب المؤسسات المالية والمصرفية".