ديوان الرقابة المالية: إبلاغ القضاء والنزاهة بالفساد مباشرة دون الرجوع للوزارة
العراق
2019/04/06
+A
-A
بغداد / طارق الاعرجي
باشر ديوان الرقابة المالية بتفعيل المادة 11 من قانونه المتضمنة ابلاغ هيئة النزاهة او الادعاء العام بقضايا الفساد من دون الرجوع الى الوزارة المعنية ومكاتب المفتشين العموميين بغية عدها جريمة مالية او دعوى جزائية، فيما كشف عن التنسيق والتعاون مع اقليم كردستان لتدقيق بعض الملفات.
في غضون ذلك، اكد ديوان الرقابة ان نسبة كبيرة جدا من الفساد الذي تم رصده وتسبب بهدر مبلغ تجاوز الترليون دينار كان نتيجة السلف الممنوحة للمشاريع الاستثمارية والغموض الذي طال المشاريع المنفذة على اساس القروض الخارجية، فيما تمكن في الوقت ذاته من تدقيق موازنة العام 2014 وبصدد احالتها الى مجلس الوزراء.
تلك المعلومات افصح عنها رئيس ديوان الرقابة المالية في حوار موسع مع "الصباح" جاء في نصه..
* هناك الكثير يعولون على ديوان الرقابة المالية في كشف قضايا الفساد الاداري والمالي؟ الى اي مدى نجح في ذلك؟
ـ ان ديوان الرقابة يعمل وفق المادة 16 من قانونه التي تقضي باخبار الادعاء العام او هيئة النزاهة بالمخالفات المالية التي تشكل جريمة جزائية، والديوان سائر بتفعيلها على الرغم من ان السياق الاعتيادي المرسوم بموجب القانون الخاص بانضباط موظفي الدولة يفضي بان كل قضية لا تحال الى القضاء ما لم يسبقها تحقيق اداري، والتحقيق الاداري مع موظفي الوزارات يجب ان يتم بالوزارة نفسها وبالتالي مصادقة الوزير المختص على التحقيق، وان اكثر القضايا التي تصل الديوان ويتم اكتشاف مخالفات مالية يوصي بالتحقيق بها من قبل مفتش عام الوزارة المعنية، لذا فان اغلب المخالفات المالية التي اوصى بها الديوان بتحقيق اداري تنتهي لدى المفتش العام والوزير المختص بعدم وجود مقصرية اوالاكتفاء بعقوبة بسيطة وهذا هو السياق وتصل اعداد القضايا من هذا النوع الى الالاف على الرغم من استحقاقها اجراءات وعقوبات اكثر من ذلك بكثير، ما دفع الديوان الى الاعتراض على هذه الاحكام نتيجة عدم قناعته بالعقوبة وعدم كفاية الاجراءات التحقيقية، ولكن هذا لم يؤثر لان مجلس شورى الدولة فسر ان الديوان لاتوجد له صلاحية بالاعتراض على قرارات اللجنة التحقيقية بعد مصادقة الوزير، وبالتالي ينتهي الامر في حال غلقها من قبل الوزير، وهذا يعد من اكبر المعوقات، ومع ذلك نستمر بتبيان عدم القناعة بما صدر من اللجنة وعدم كفايتها، وعليه بداً الديوان بتفعيل المادة 11 من قانونه المتضمنة اعطاء اخبارية الى الادعاء العام او هيئة النزاهة من دون المرور بالمفتش العام، ليس فقط باعتبار القضية مخالفة مالية وانما تشكل جريمة مالية او دعوة جزائية.
* هل تم تدريب الملاك في الديوان على هذا النمط من العمل؟
ـ نعم دربنا ملاك الديوان على النمط الجديد من التحقق بالقضايا واعتماد الادلة الجنائية، لان الحصول على الادلة الثبوتية، يختلف عن الحصول على ادلة بوجود مخالفة مالية، وهذا يسمى التدقيق الجنائي، حيث تم ارسال فريق من الديوان لكوريا الجنوبية وعليه سنعمل على نقل التجربة الكورية الى العراق لانها تنسجم مع توجهات مجلس النواب وهناك فريق سيرسل الى مصر، اضافة الى الاتفاق مع رئيسي مجلس القضاء الاعلى والادعاء العام على تدريب موظفي الديوان في المعهد القضائي بشأن قضايا التحقيق الجنائي حصرا لتكون القضايا متكاملة ونعمل على تطوير الملاكات داخل البلاد ايضا، ومن المؤمل انجاز دورات اخرى في تموز المقبل وبذلك نستطيع الاستغناء عن المفتش العام الى حد ما وترسل القضايا مباشرة الى الادعاء العام وهيئة النزاهة.
* اين وصلتم بتدقيق الحسابات الختامية للموازنات المالية الاتحادية؟
ـ ان الديوان نجح في تدقيق الموازنات المالية لغاية العام 2014 والتي رافقتها العديد من الاشكالات، حيث استطاعت وزارة المالية ان تقدم للديوان موازنة العام 2014 والتي تعد اساس المشكلة التي تجاوزت العامين بسبب عدم اقرارها من قبل مجلس النواب والتي لاتزال قائمة وكانت تسحب بشكل مستمر من الديوان بناء على توجيه مجلس الوزراء بطلب من بعض الوزارات واكثرها وزارة الكهرباء لاجراء بعض التسويات، وبالرغم من هذا قدمتها وزارة المالية موخرا للديوان وتم تدقيقها وسيتم رفعها خلال شهر الى مجلس الوزراء لكن موضوع اصدار قانون موازنة 2014 لايزال عالقاً ولم يحل من قبل مجلس النواب او مجلس الوزراء بسبب عدم امكانية اغلاق حساباتها مالم يتم اقرار الموازنة، لانه اصل اقرار الموازنة من مجلس النواب معناها اجازة السلطة التشريعية للسلطة لتنفيذية للتصرف بالمال العام وكانه الى الان لم تمنح هذه الاجازة وبعدها سينتقل الديوان لتدقيق موازنة العام 2015 والتي فيها مشكلة مالية محاسبية كبيرة جدا وتم ابلاغ مجلس النواب والوزراء بها، وتقضي بان اكثر الاقتراض الخارجي الذي تم اقتراضه فعلا لم يدخل في الحساب الختامي في القيود في دائرة المحاسبة وعند قراءات الموازنة تظهر كان العراق لم يقترض، ويقتصر وجود هذا الامر بطريقة احصائية في دائرة الدين العام، وعليه اصدر الديوان كتاب اعتذار لتدقيق الحساب الختامي للعام 2015 ما لم تدرج وزارة المالية جميع اموال الاقتراض الخارجي، وجرى لقاء مع الوزير الحالي لمنحهم المعالجات وتدريبهم على طريق اظهار القروض على امل ان يستطيعوا ذلك بعد شهر من الان لتجاوز المشكلة، ووزارة المالية لم تجمع حتى الان الموازنات بعد العام 2015.
* ما هي اكبر منافذ الفساد المالي التي تم رصدها في الموازنات المالية المدققة؟
ـ ان اكبر منافذ هدر المال العام التي رصدت في السلف الممنوحة الى شركات المقاولات قبل التنفيذ اي حال ابرام العقد وتم منحها سلفة تشغيلية مقابل خطاب ضمان، وللديوان احصائية لاغلب الدوائر لغاية العام 2016، اذ سلمت سلفاً الى شركات المقاولات للمشاريع ولم تكتمل ولم تسترد السلف، حيث بلغت بحدود 978 مليار دينار، وان الديوان ابلغ وزارة المالية بهذا الموضوع وبناء على تقرير الديون تم تجاوز هذه المشكلة في موازنة العام 2019وان مؤشرات الفساد اغلبها في المشاريع الاستثمارية وهناك الاف المشاريع المتلكئة، وعليه تحركت هيئة النزاهة والديوان لجرد المشاريع المتلكئة وغير المنفذة وهي عبارة عن اموال صرفت ولم تنفذ والمشاريع الاستثمارية ليست فقط من الموازنة وانما هناك مشاريع من القروض والجمهور لايعرف عنها شيء واين وصل تنفيذها، وسيستكمل الديوان تقارير في كل المحافظات للمشاريع التي نفذت على القرض الياباني كنموذج، ولو تطلب من وزارة المالية الان مقدار القروض لاتعطيك الرقم الصحيح وعليه اللجنة المالية النيابية ستستضيف وزارة المالية لمعرفة الرقم الصحيح للقروض.
* هل هناك تنسيق مع اقليم كردستان لاخضاع دوائره لتدقيق ديوان الرقابة المالية؟
ـ نعم لاول مرة حصل انفتاح من قبل الاقليم على ديوان الرقابة وهناك مشاريع منفذة في الاقليم ضمن القرض الياباني، حيث وافق الاقليم على تدقيقها وحصلت موافقة الحكومة هناك وتعد هذه سابقة اولى، والان هناك مفاتحة لتدقيق مرتبات (البيشمركة) وهناك استجابة مبدئية، اما الملفات الاخرى فانها متوقفة بانتظار نتائج المفاوضات بين حكومتي المركز والاقليم وهناك بوادر للاستجابة لذلك، على العكس من قبل، حيث كان الديوان يواجه بالرفض التام.