إسطنبول / فراس سعدون
في ظل انفتاح العراق على العالم والإقبال الدولي عليه، فإن العاصمة (بغداد) ونظيرتها التركية (أنقرة) على موعد مع زيارتين مهمتين لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورغم عدم تحديد موعد دقيق للزيارتين، إلا أن دبلوماسيين صرحوا لـ "الصباح" أن ملفات ستراتيجية وقضايا مهمة تنتظر المفاوضات بين الجانب لحسمها وتوقيع اتفاقيات جديدة وتعديل أخرى في بعض الملفات المهمة كالمياه والأمن وتصدير النفط وغيرها.
رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، كان قد أعلن في وقت سابق، أنه سيقوم بزيارة إلى تركيا وبعض دول الخليج، حيث ذكر عبد المهدي، أن "الدعوى المقامة ضد تركيا بخصوص صادرات النفط من إقليم كردستان أقيمت من زمن الوزير عبد الكريم لعيبي في الشهر الخامس من عام 2014"، وأضاف، "حين أصبحت وزيرا أيضا تم تفعيلها، وما زالت قائمة أمام المحاكم، وكلفنا شركات عالمية للدفاع عن العراق"، لافتا إلى أن "هناك جلسة استماع مرتقبة، وإذا كان القرار بالتسوية فسنقوم بالتسوية، وإن كان بالحكم فسنذهب إليه".
زيارة أردوغان
في مقابل حديث عبد المهدي بشأن زيارة أنقرة، قام نائب وزير الخارجية التركي سادات أونال، العاصمة بغداد شهر آذار الماضي، "تمهيداً لزيارة أردوغان المرتقبة إلى العراق".
وقال الوكيل الأقدم لوزارة الخارجية نزار الخير الله في حديث لـ"الصباح": "تحدثنا مع نائب وزير الخارجية التركي بشكل تفصيلي عن شكل العلاقات، وإمكان استثمار زيارة فخامة الرئيس التركي إلى بغداد بعقد المجلس الأعلى للتعاون الستراتيجي، ومراجعة كل مذكرات التفاهم والاتفاقيات بين العراق وتركيا"، وأشار إلى أن "قسماً من تلك المذكرات والاتفاقيات مضى عليه وقت طويل ويمكن إعادة تفعيله".
وبيّن الخير الله، أن "هناك مواضيع كثيرة يمكن مناقشتها على مستوى الرئاسات، وأن وزارتي الخارجية بين البلدين تعملان على تهيئة الظروف المناسبة لتنظيم زيارة الرئيس التركي إلى بغداد".
مشتركات وخلافات
وأفاد الوكيل الأقدم لوزارة الخارجية، بأن "هناك ملفات مشتركة وأخرى مختلف عليها بين البلدين الجارين"، موضحاً أن "الأتراك على سبيل المثال لديهم رغبة كبيرة بأن تكون شركاتهم حاضرة في إعادة إعمار المدن العراقية".
ونبّه، أنه "في المقابل فإن هناك ملفات قد نختلف في بعضها مثل تواجد القوات التركية في إقليم كردستان وشمال العراق، وتوجد مفاوضات جدية في الأمر، وهناك تواجد لـ (PKK) حزب العمال الكردستاني الذي تعده دولة تركيا منظمة إرهابية".
ونوه الخير الله، "نحن في العراق نحدد موقفا ثابتا، وهو أن الدستور العراقي لا يسمح لأي مجموعة مسلحة على الأراضي العراقية بأن تهدد أمن دول الجوار، وكان موقفنا واضحاً، وتكلمنا مع الإخوة الأتراك بشأنه".
تنظيمات كردية
وتعد العلاقات العراقية مع التنظيمات المسلحة الكردية في كل من العراق وسوريا إحدى نقاط الخلاف بين بغداد وأنقرة التي تحارب تلك التنظيمات.
وعلّق الخير الله على التعاون العراقي مع قوات سوريا الديموقراطية (قسد) وعلى الوضع في سنجار بقوله: إن "ما حصل بخصوص موضوع التعامل مع القوات الكردية في شرق سوريا يتعلق بمجموعة لاجئين، هناك لاجئون عراقيون ولاجئون من دول أخرى، والعراق تسلمهم من القوات الكردية فقط"، مشيرا إلى أن هذا "جزء من عملية إجرائية، وليس تعاملاً سياسياً أو تفاوضاً بمستوى معين".
وبشأن سنجار والوجود المسلح الكردي فيها الذي ترفضه أنقرة، أكد الدبلوماسي العراقي المخضرم، أن "الحكومة العراقية لديها ستراتيجية واضحة في السيطرة على مدينة سنجار ومناطق أخرى، فنحن نريد أن تكون الدولة الاتحادية هي من تسيطر على المدن العراقية بالكامل، وبالتالي لا تعطي أي مبرر لتواجد أي مجموعات مسلحة تهدد أمن تركيا".
تطورات ملف المياه
أما ملف المياه وضمان تدفقها من تركيا إلى العراق، فقد أوضح الخير الله بأن "هناك تطورات جديدة في موضوع المياه منها تعيين مبعوث خاص للرئيس التركي ونحن نتطلع إلى زيارته لبغداد، ويمكن التفاوض معه في موضوع المياه، وهو جزء من الأمن الوطني العراقي، وموضوع ستراتيجي يهم مصالح العراق"، وأضاف، "بالتالي نتحدث مع الإخوة في تركيا بضرورة وأهمية التنسيق والتفاهم وإيجاد حلول جديدة للتعامل مع ملف المياه".
سفيرنا في أنقرة
حسين محمود الخطيب، سفير العراق في تركيا، أمضى سنة على اعتماده، وشهدت هذه السنة زيارات متبادلة بين المسؤولين العراقيين والأتراك لمناقشة الملفات العالقة والمعقدة.
ردّ الخطيب على سؤال لـ"الصباح"، بشأن تقييمه للعلاقات العراقية – التركية، في ظل سنة اعتماده، بقوله: إن "هناك تطوراً إيجابياً حدث في العلاقات منذ تسلمي شرف هذه المسؤولية، جراء جهد ليس للسفارة أو السفير فقط، بل لوزارة الخارجية والحكومة العراقية، وكذلك من الجانب التركي".
وأردف الخطيب، "لمست ولمس القادة والسياسيون العراقيون تطوراً كبيراً في بناء الثقة بمستوى جيد، وفي تفهم كل طرف لأفكار ومتبنيات الطرف الآخر، وكذلك التحديات والمخاطر التي يواجهها كل بلد".
وأبان السفير، إن "واجبي كممثل لرئيس جمهورية العراق والحكومة العراقية في تركيا أن أبذل قصارى جهدي في سبيل تنمية الثقة بين البلدين، وتوضيح موقف العراق من مختلف المسائل والتحديات التي يواجهها، ونقل وجهة نظر الجانب التركي إلى العراق".
وأضاف، "لقد وجدت أن الجانب التركي الآن يتفهم بشكل جيد قضية المياه وحيويتها بالنسبة للعراق، وقضية سيادة العراق ووحدة أراضيه، ويدعمها بشكل كامل"، وأكمل "في المقابل يتفهم العراق المخاوف الأمنية لدى الجانب التركي، وما يرغب في فعله".
وخلص السفير إلى أن "هناك درجة عالية من التنسيق بين الطرفين لمعالجة التحديات والمصاعب التي تواجه البلدين، لأننا في منطقة واحدة، وأمن واستقرار العراق هو أمن واستقرار تركيا، والعكس صحيح، والجانبان يؤكدان هذا الشيء"، وأضاف أن "تركيا بلد مهم وصديق يفتح أبوابه لنا، ونفتح أبوابنا له، وللتعاون، والمحبة، وتبادل المنفعة
المشتركة".