نافع الناجي
تصوير: خضير العتابي
لا تزال مشكلات انقطاع التيار الكهربائي في بغداد وسائر المحافظات، وما يرافقها من التذبذب وسوء التجهيز هي السمة الأبرز في عموم البلاد، الأمر الذي سبب سخطاً وتذمراً واسعاً في صفوف المواطنين، الذين شكوا من أن سعر الأمبير للمولدات الأهلية سجل ارتفاعاً كبيراً رغم حلول فصل الشتاء وانخفاض درجات الحرارة.
ستة عشر ألف ميغا واط أو أقل، هو حجم إنتاج الطاقة حالياً بعد انحسار إمدادات الغاز الموّرد إضافة إلى تراجع كميات الوقود المحلي، كل ذلك أدى إلى توقف عمل بعض محطات الطاقة الكهربائية، الأمر الذي انعكس على ساعات التجهيز في أغلب محافظات البلاد، بينما شددت وزارة الكهرباء على ضرورة تنويع مصادر الوقود لتشغيل جميع المحطات التي يبلغ مجموع طاقتها الإنتاجية أكثر من واحدٍ وعشرين الف ميغا واط.
مواطنون أكدوا لـ (الصباح) أن الانقطاع وسوء التجهيز أنعكسا سلباً على أحوال المواطنين وتسببا لهم بالضرر في أوضاعهم ومصالحهم وأرزاقهم.
يقول المواطن صباح كزار"نعاني الأمرين بسبب غياب الكهرباء وتسلط أصحاب المولدات علينا ورفعهم لسعر الأمبيرية دون حسيب أو رقيب"، متسائلاً "إذا كان هذا حالنا في عزّ الشتاء، فكيف سيكون في فصل الصيف "؟!
أما المواطنة غيداء عبد عون، فتتساءل عن جدوى عمل الحكومات طيلة العشرين عاماً التي مضت منذ تغيير 2003 في معالجة هذا الملف، حسب تعبيرها. وعن موارد صرف الأموال الهائلة على الكهرباء والوقود والمولدات وغير ذلك.
شح الوقود
بينما يتنصل أصحاب المولدات الأهلية من المسؤولية، ويؤكدون أن شحّ الوقود وتحديداً زيت الغاز (الديزل) وانعدامه حتى في السوق السوداء، أمر بات يجبرهم على إلغاء التشغيل بالنظام الذهبي (24 ساعة)، كما يقول فراس حسين وهو صاحب مولدة لأحد أحياء بغداد- الرصافة، الذي يقول "صار جلّ همنا هو ادخار الوقود ليلاً بغية توفير (الكهرباء السحب) للمواطنين نهاراً بعد زيادة ساعات القطع للكهرباء الوطنية".
وطالب فراس وزملاؤه بزيادة حصتهم الشهرية من الوقود، حيث بيّن، أنهم "يجهزوننا بخمس لترات لكل كي في بسعر ألف و250 وهي لا تكفي لتشغيل حتى 40 ساعة، في ما بقوم بتجهيز مابين 250 إلى 300 ساعة شهرياً تقريباً".
ويعتقد بعض المراقبين أن أحد الأسباب وراء جميع هذه المشكلات هو انتهاء العقود للشركات الناقلة للمنتجات النفطية.
وأثرّ الانقطاع المستمر للطاقة الوطنية كثيراً على الطبقات الفقيرة في المجتمع، حيث لم تشهد الكهرباء تحسناً ملحوظاً، ما يستدعي تدخلاً حقيقياً من قبل الجهات المختصة، بحسب مراقبين.
من جهتها كشفت وزارة الكهرباء عن انحسار إطلاقات الغاز الموّرد والوقود الوطني لصالح المحطات، ما تسبب بتحديد أحمال المحطات وتوقف بعضها.وذكر المتحدث باسم الوزارة احمد موسى أن هناك محطات جاهزة للعمل،وان ملف الكهرباء مسؤولية تضامنية، بحاجة إلى دعم وزارات النفط والمالية والتخطيط لسيرورة ملف الكهرباء لاداء الخدمة المطلوبة منه"،
واضاف موسى كل محطاتنا جاهزة للعمل وغاية ما نحتاجه هو الخطة الوقودية، لتوليد الطاقة الكافية لينعكس ذلك ايجاباً على ساعات تشغيل جميع محطات الطاقة الكهربائية يتطلب توفير أكثر من 50 مليون متر مكعب من الغاز المستورد، إلى جانب الغاز المحلي".
من جهتهم يطالب متخصصون بضرورة التعجيل باستثمار الغاز المصاحب في الحقول النفطية الوطنية والذي يحرق هدراً، فضلاً على ضرورة زيادة الإنتاج وتنويع مصادره عبر الاستثمار في الطاقة المتجددة كالرياح والطاقة الشمسية.
حلول
المحلل زهير الصعبلي يقول:
"كثيرة هي الحلول لكن على ما يبدو أن الحكومات المركزية المتعاقبة لم تعمل على تنفيذها، وهي بمتناول اليد"، ويضيف "يمكننا ترشيد مبالغ استيراد الغاز لسنتين فقط واستثمارها ببناء محطات طاقة متجددة لنتخلص من هذا العبء المدمر لاقتصادنا"، وتابع الصعبلي "لا يحتاج العراق أكثر من 6 مليارات دولار لكي يزيد طاقته الإنتاجية من الكهرباء وصولاً للكفاية ويتحول من دولة مستهلكة إلى دولة مصدرة في مجال الطاقة".ولفت إلى أنه "بات من الضروري تنوع الطاقات المتجددة كالرياح والطاقة الشمسية والكهرومائية وعدم الاعتماد على الطاقة التقليدية عبر الغاز والوقود الاحفوري".
وبحسب مختصين فان العراق ينتج 30 مليون متر مكعب من الغاز يوميا تستخدم في تشغيل محطات الطاقة بينما يستورد نحو 50 مليون متر مكعب للغرض ذاته، ويسعى العراق لزيادة طاقة مجمعات الغاز المخطط لها لرفع الإنتاج إلى ثمانين مليون متر مكعب يومياً، وهي كميات كافية لسد حاجته المحلية بالكامل والتوقف عن الإستيراد من الخارج.