بغداد: حيدر فليح الربيعي وحسين ثغب
كثفت الحكومة إجراءاتها الهادفة للسيطرة على الأسعار في الأسواق المحليَّة، والحدّ من آثار ارتفاع سعر صرف الدولار، فيما رجَّح مختصون عودة الاستقرار إلى سوق الصرف.
وسجّلت الأسواق المحلية، أمس الاثنين، تراجعاً في سعر صرف الدولار إلى أقل من 160 ألف دينار لـفئة 100 دولار، بعد أن تجاوز 167 ألف دينار للفئة نفسها.
واستعانت الحكومة بالقطاع الخاص لمواجهة موجات الغلاء، عبر إصدارها سبعة قرارات تصبّ بصالح السيطرة على مضاعفات ارتفاع سعر الصرف في الأسواق الموازية.
وقوبلت القرارات التي اتخذت خلال اجتماع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مع اتحاد الغرف التجارية، بترحيب العديد من المختصين بالشأن الاقتصادي، الذين أكدوا أهمية الخطوة الحكومية في السيطرة على الأسعار، فضلاً عن كونها "اعترافاً حقيقياً بقدرة القطاع الخاص على لعب دور في العملية الاقتصادية".
وتضمنت القرارات فتح نافذة جديدة لبيع العملة الأجنبية لصغار التجّار عبر المصرف العراقي للتجارة (TBI). وتمويل البنك المركزي للمصرف العراقي للتجارة بمبلغ إضافي قدره 500 مليون دولار لغرض فتح الاعتمادات المستندية لصغار التجار.
ويرى المختص بالشأن الاقتصادي ميثم البولاني وجود رغبة حقيقية من قبل رئيس الوزراء في النهوض بالواقع الاقتصادي والتنموي، وزيادة التعاون مع القطاع الخاص.
وأشار البولاني، الذي حضر اللقاء بين رئيس الوزراء واتحاد الغرف التجارية، لـ"الصباح" إلى أنَّ "السوداني عازم على أن يكون القطاع الخاص شريكاً في القرار الاقتصادي من خلال وجود صوت له عند اتخاذ القرارات داخل المجلس الوزاري للاقتصاد".
وأكد "عزم الحكومة على تبني آليات إصلاح اقتصادي حقيقي يمكن تلمس نتائجها خلال عام من الآن، وهذا الأمر سوف يكون نقطة انطلاقة للقطاع الخاص صوب تفعيل المفاصل الإنتاجية والخدمية داخل العراق، حيث يبحث القطاع الخاص المالك للخبرات ورؤوس الأموال عن أمل للانطلاق صوب تدوير عجلة الإنتاج والنهوض بالخدمات".
ولفت البولاني إلى أنَّ "المشكلات التي تربك آليات تطوير الاقتصاد الوطني ليست وليدة اللحظة بل متراكمة وتحتاج إلى وقت ليتم احتواؤها والتغلب على تأثيراتها، ومن ثم تحويلها إلى منافذ داعمة للاقتصاد الوطني، ويتم إحياء آلاف المعامل والمصانع المتوقفة عن العمل بسبب عدم الاهتمام".
وأكد البولاني أنَّ "المهم والإيجابي في التواصل مع رئيس الوزراء يتمثل في أنه لقاء دوري بشكل منتظم أسبوعياً يراجع واقع الاقتصاد وأهم القضايا التي تهم تفعيل الأنشطة، وتقييم الفترة الماضية".
من ناحيته، يرى الخبير الاقتصادي، والمتخصص في القطاع الخاص، باسم جميل أنطوان، أنَّ توجه الحكومة للقطاع الخاص يعد خطوة جيدة للاستفادة من إمكانياته، وسرعة تعامله مع الأحداث الاقتصادية، لكن نأمل أن يكون ذلك التوجه بمثابة "مبدأ حكومي" ثابت، وليس خلال أوقات الأزمات فقط، لاسيما أنَّ القطاع الخاص يعد جزءاً من الدولة والمواطنة وأنَّ انتماءه للبلد أصيل ولا يمكن عزله، فضلاً عن قدرته على الاستجابة لمطالب الحكومة في أوقات معينة كما يحصل الآن من أزمة غلاء ناجمة عن ارتفاع سعر الصرف.
وأوضح أنطوان أنَّ "اطمئنان القطاع الخاص للتوجهات الاقتصادية الحكومية وتقديمها للضمانات والإعفاءات والتخلص من الروتين والبيروقراطية وكذلك الأتمتة التي تسهل إجراءات القطاع الخاص في دوائر الدولة، وتخفيف الرسوم والضرائب، كلها بدايات حكومية جيدة نتمنى أن تستمر وتكون نهجاً حكومياً عاماً خلال الفترات
المقبلة".
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أنه وضمن فقرات الخطة الخمسية، فإنَّ نهج الدولة هو "اقتصاد السوق الاجتماعي" وهذه الخطوة بمقدورها أن تعمل على إعادة كل قدرات القطاع الخاص العراقية من الخارج للاستثمار داخل البلد، مبيناً أنَّ القطاع الخاص يأمل مضاعفة فرص التعاون مع الجهات الحكومية، لاسيما في ما يتعلق بمنحه "الدولار" بالسعر الرسمي بهدف إتمام عمليات الاستيراد دون تكاليف إضافية.
المختص بالشأن الاقتصادي عامر ناجي أكد لـ"الصباح" أنَّ "التواجد الحكومي إلى جانب القطاع الخاص لمناقشة المشكلات الاقتصادية أمر في غاية الأهمية في هذا الوقت، حيث يعاني الاقتصاد الوطني بشكل واضح في قطاعاته الإنتاجية والخدمية رغم توفر مقومات تحقيق التنمية المستدامة لدى القطاع الخاص".
وألمح ناجي إلى أنَّ "الجدية في معالجة المشكلات الاقتصادية مطلوبة، لاسيما أنَّ الطرفين الحكومي والقطاع الخاص لديهما رغبة حقيقية في النهوض بالواقع الاقتصادي من خلال اتفاقهما على رسم مسارات تطوير الأداء الاقتصادي من قبل الخبراء الذين يملكون خبرة طويلة في مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية".