ديريامبا: أ ف ب
يشارك المئات في نيكاراغوا سنويَّاً في الرقصات الشعبيَّة خلال عيد سان سيباستيان، وهو تقليد ثقافي ديني يعود إلى الحقبة الاستعماريَّة في أميركا اللاتينيَّة.
ويؤدي هؤلاء رقصات شعبيَّة، في موكب يجوب شوارع بلدة ديريامبا الزراعيَّة الصغيرة التي تبعد 40 كيلومتراً جنوب العاصمة ماناغوا، متناسين للحظات متاعب الحياة اليوميّة التي يواجهونها. وبينما يوجه البعض شكره لسان سيباستيان على كل اللحظات الجميلة التي عاشوها خلال السنة، يدعوه آخرون إلى مساعدتهم لتكون حياتهم أكثر إيجابية.
"غويغوينزه".. معانٍ كثيرة
وتقول مارلين غوتيريز، وهي عازفة كمان تبلغ 47 عاماً، إنّ هذا العيد الذي يحمل تسمية "غويغوينزه" "ينطوي على معانٍ كثيرة، لأننا نرى أنه يجمع مختلف المعتقدات. فأصولنا كسكان أصليين تمتزج مع الثقافة الإسبانية (...) وهذا تعبير عن هوية نيكاراغوا". وترى أنّ الرقصات الشعبية في هذا العيد تمثل "صوت الشعوب" في مختلف المراحل الزمنية.
وخلال الاحتفال الذي يقام سنوياً في 19 و 20 كانون الثاني، يغطي الشباب في نيكاراغوا وجوههم بأقنعة خشبيَّة، في خطوة تشير إلى العلاقة بين المستوطنين الإسبان والمجموعات الأصليَّة.
ويهدف وضع هذه الأقنعة إلى إيصال فكرة مفادها أنّ السكان الأصليين، صحيح أنهم يقبلون ظاهرياً الخضوع للسلطة، إلا أنهم لا يكفّون عن استخدام الحيل سرّاً لإضعافها.
و"غويغوينزه" هي كلمة بلغة ناواتل التي عُرض الاحتفال بها على السلطات الاستعمارية في تلك المرحلة.
وتشير اليونسكو التي أدرجت عام 2005 رقصة "غويغوينزه" في قائمة التراث غير المادي للبشرية، إلى أنّ الرقصة هي "تعبير قوي عن رفض سيطرة المستعمرين".
احتفال ينطوي على سخرية
ويبدأ الاحتفال بالعيد صباحاً من كنيسة سان سيباستيان التي تشكل صرحاً يعود إلى قرون عدة، مع قداس للكاهن سيزار كاستيّو.
ثم ينطلق استعراض يشمل رقصات تؤديها فرق على وقع موسيقى تمتزج فيها أصوات الطبول والماريمبا ومفرقعات نارية من صنع السكان. وتُرفع خلال الموكب صورة للقديس سيباستيان، شفيع ديريامبا.
ويوضح سيزار كاستيّو لوكالة فرانس برس أنّ "السكان الأصليين يسخرون من سيطرة الإسبان على البلاد، ويجري التطرّق إلى هذه الفكرة خلال هذا العيد الديني، ونواصل إقامة هذا التقليد".
وتتمايل كيلي أرسيا على إيقاعات الطبول والماريمبا، مرتديةً فستاناً وقبعة مزينتين بالورود فيما تخفي وجهها بقناع يمثل وجه امراة مسنّة. أما شريكها في الرقص فيضع قناعاً يظهر وجه رجل مسنّ.
وتتدرب أرسيا المتحدرة من نيكاراغوا والبالغة 24 عاماً على رقصة "فييخو إي لا فييخا" (المسنّ والمسنّة) منذ ست سنوات، وترمي خطوتها هذه إلى تقديم شكر لسان سيباستيان "على كل الأمور الإيجابية التي اختبرتها" خلال العام.
وتقول الشابة إنه "يراقبنا ويمنحنا محبته ودعمه وإيمانه".
أما كارلوس غونزاليز، فاستنجد بسان سيباستيان كي يساعده على أن يُرزق أطفالاً، بعدما أعلمه الأطباء أنه وزوجته لا يستطيعان ذلك.
ويقول الرجل البالغ 42 عاماً "قبل 14 عاماً، طلبت من الله مساعدتنا حتى ننجب أطفالاً"، ويشير باسماً إلى أنه حالياً أب لثلاثة أبناء.