حكايات ممتعة عن مدينة أسوان المصريَّة

ثقافة شعبية 2023/01/26
...

 سعد صاحب 

عن دار تبارك صدر كتاب (حكاوي الجزيرة)، للكاتب عبد الناصر أبو بكر، جاء في المقدمة التي كتبها فضل محمد إبراهيم : هذه المقالات تاريخية وأدبية، ولوحات فنية ونثرية امتزج فيها الشعر الفصيح بالعامي، والواقعي بالخيالي، وتعتبر قاموساً جنوبياً يعيد لبعض المفردات الحياة، وينتشلها من الضياع والاندثار.
كان الإهداء إلى بنات القمر في جنوب صعيد مصر، تلك القرى التي كانت مصدراً للإلهام، ومنبعاً للقيم والأعراف، وسوقاً للحكايات الشعبية المدهشة، إليها وإلى الإنسان الباحث عن التراث الجنوبي المعتق، أهدي هذه القصص التي همست بها قريتي الصغيرة، في مسامع ليالي الصيف القمرية.


مفتاح 

تحت هذا العنوان كتب المؤلف: سلام على تلك القرية التي نحملها على أكتاف قلوبنا في الحل والترحال، أغنية رائعة تعزفها الطبيعة بالآلات الشرقية العتيقة، وتهتز على إيقاع لحنها الآسر، ذكريات ما زالت تتشبث بالإقامة في بؤرة شعور العارفين، الذين تذوقوا طعم الشهقة الصوفية، وذابوا وجداً في رحاب الحضـرة المحـــفوفــة بالألـــوية 

الخضراء.

الحوش الكبير

عن الحوش الكبير يقول : معظم البيوت الريفية في الجنوب كانت لا تخلو من الأفنية المحيطة بجوانبها، لاستخدامها كحظائر للماشية وللطيور، وللنوم في ساحاتها في ليالي الصيف، وللاسترخاء في زاوية من زواياها تحت ظل شجرة وارفة الظلال، والحوش هو المكان المناسب لحلب الماشية، ولخض اللبن في القربة الجلدية، ولبناء المخبز في أحد زواياه، وكانت تلك الساحات مسرحاً لإقامة بعض مراسيم الأعراس.


مربع 

( حبابك يا اللي جيتي / نورتــــــي الملقه / والشال اللي عليكي / بطناشر ورقه). هذا المربع الذي يتصدر الحكاية، قد ترجع ملكيته الفكرية إلى قدماء الشعراء الشعبيين في القرية، وتوارثه الخلف عن السلف، وظل حاضراً على مائدة الكف الشعبي، كوجبة شهية تفتح نفوس (القوالين) وتهيئها لاستقبال المزيد من أطايب الثمر، وتحثها على الإندماج في السمر.


وليمة 

وعن طقوس النذور والولائم قال : على باب المسجد بعد صلاة الجمعة، كان يقف صاحب النذر منفرج الأسارير صائحاً : (ولومة لله والنبي / واللي يحبها ياجيها ) ولومة هي الوليمة وهي النذر، وهي الندر ( بالدال ) وتعني الكرامة في بعض القرى والنجوع. في الغالب كان يتم تقديم الطعام للضيوف، في أطباق الفتة الكبيرة، وكانت الفتة بالفطير والسخينة، أو بالخبز المفتوت في الملوخية اليابسة.

طرائق البيع في القرى 

كان البائع يعلن عن سلعته، بهذه العبارة الطازجة كل صباح : (خضرة وطرية يا ملوخية) فهذه السلعة لا رواج لها في القرى، إلا في بداية الموسم. لا ترتبط الملوخية الخضراء بالأرانب في الجنوب، كما هو الحال عند أهل الشمال، فهي تطبخ في الجنوب، على أي نوع من أنواع اللحوم، وتطبخ بدون اللحم لضيق ذات اليد، وفي تلك الحالة تسمى بالملوخية القارفة، أو القرديحي.


مناسبات 

المناسبــــات التــي تستـــوجب الزيارة، كانت مختصرة على الزواج والختان والحج، أما المرض والنجاح في المدارس وفي الجامعات، وما استحدث كعيد الحب وعيد الأم، فكانت تبتعد عنها الناس لأسباب تتعلق بثقافة القرية آنذاك، كعدم شيوع تلك المباهج في الوسط الريفي، أو للإحساس بالخجل من تناول المناسبة بالحديث. والزغاريد في الجنوب تختلف عن الزغاريد في الشمال، فالمرأة الجنوبية تفتح شفتيها قليلاً، ثم تحرك لسانها من أعلى إلى أسفل، متكئة على الراء المكسورة، أما في الشمال فتتشكل الزغرودة من استدارة الشفتين، مع تحريك اللسان أفقياً بسرعة فائقة، متكئة على اللام المضمومة.