9 نيسان.. العراق يتنفس الحرية ويستعيد إنسانيته

العراق 2019/04/08
...

بغداد / شيماء رشيد 
عمر عبد اللطيف / مهند عبد الوهاب 

عد محللون سياسيون أن تغيير النظام في 9 /4 /2003 بحد ذاته انتقالة كبيرة جداً في تاريخ العراق المعاصر، إذا ما نظرنا الى طبيعة الحقبة السابقة التي اتسمت بالدكتاتورية، وفي حين أكدوا أن هذا التاريخ وضع العراق على السكة الصحيحة في عملية بناء النظام السياسي المعتمد على شرعية صندوق الاقتراع؛ إلا أنهم أقروا بصعوبة عملية إنجاز شكل الدولة في أطر تقديم الخدمات والإعمار وبناء المؤسسات على أسس رصينة ومكافحة الفساد المستشري فيها والذي تراكم منذ عقود طويلة.

وقال مدير مركز التفكير السياسي العراقي إحسان الشمري لـ”الصباح”: إن “التغيير بحد ذاته يعد انتقالة كبيرة جدا في تاريخ العراق المعاصر، خصوصا إذا ما نظرنا الى طبيعة الحقبة السابقة التي اتسمت بالدكتاتورية””. 
وأضاف، ان “المساحة التي تواجدت بعد عام 2003 على مستوى النظام السياسي الديمقراطي تعد منجزاً كبيراً في كل المقاييس، خصوصا في عملية اختيار نواب الشعب من خلال العملية الانتخابية الديمقراطية والخارطة السياسية التي تفضي الى حكومة تمثل الشعب”.
واستدرك الشمري، بأن “قضية عدم تنامي وتراكم الديمقراطية في العراق بعد 2003 ايضا تمثل نقطة لابد من التوقف عندها في ما يرتبط بتثبيت دولة المؤسسات ومراكمة النهج الديمقراطي في العراق، باعتبارها من الامور التي أدت الى نوع من الاخفاقات على المستوى الخدمي والأداء السياسي للطبقة السياسية”، ملمحاً إلى أن “عملية انهيار النظام الدكتاتوري البائد عام 2003 تمثل مرحلة تاريخية مهمة وانتقالة كبيرة للمجتمع ومستوياته السياسية والاقتصادية وحتى الامنية منها الى حد كبير”.
 
نظام سياسي جديد
من جانبه، أكد المحلل السياسي الدكتور علي الجبوري، أن “تاريخ 9/4 وضع العراق على السكة الصحيحة في عملية بناء النظام السياسي المعتمد على شرعية صندوق الاقتراع، وهذه هي النقطة التي تفتقر لها كثير من الانظمة السياسية في المنطقة، التي عاجلا أو آجلا ستعاني من هذا الموضـوع وبـدأت تـداعيات ذلك لاحقاً”.
وأضاف الجبوري لـ”الصباح”، أن “الشرعية الدستورية والقانونية والنظام السياسي غير كافية، إذ يجب أن تردف بالإنجاز وهو الحلقة المفقودة بالوضع الذي حصل في العراق بعد عام 2003”، وتابع: “لقد تحققت عملية الاحتكام الى صناديق الاقتراع والى حرية التعبير والصحافة وتشكيل أحزاب سياسية وإبداء الرأي والتجمعات الديمقراطية، ولكنها افتقدت الى الحلقة الأهم لهذا الموضوع، وهي الخدمات وبناء المؤسسات الصحيح وعملية الثقافة السياسية للمجتمع التي بدأت نتاجاتها واضحة على الساحة”.
أما المحلل السياسي الدكتور خالد عبد الاله، فقد أكد أن “الشيء الأهم والأساسي في 9 نيسان هو المجيء بالديمقراطية بدلاً من الدكتاتورية والشمولية”.
وأعرب عبد الاله في حديثه لـ”الصباح”، عن أسفه “لما آلت إليه تداعيات العملية السياسية وما انتجته من محاصصة شوهت تلك العملية”، مؤكدا أن “القضاء على الدكتاتورية يحتاج بشكل حقيقي الى تطبيق الديمقراطية لإرسال رسالة اطمئنان الى المواطن والجيل الجديد الذي يشك بأن ذلك النظام كان نظاما يعطي حقوق المواطنين مع أنه كان نظاما استبداديا دكتاتوريا دمويا”.
وتابع: إن “عام 2005 شهد انجاز الدستور العراقي الذي تضمن فصلين مهمين هما الحقوق والواجبات، والذي نحتاج الى مراجعة كبيرة لبنوده لكي يتكيف مع الواقع الذي يعيشه العراق بعد تحريره من عصابات داعش”، مؤكداً “حاجتنا اليوم الى الحديث عن الحرية وكيفية صيانتهـا والتـي تحـتـاج الى تشريعات وضوابط قانونية، كما أن الحريات اليوم ليست مطلقة وإنما مـقـيدة بالقـانـون، والجانـب القانـوني يفضي الى إعطاء نوع من الوسطية والاعتـدال في إطـار مـنهجي”.
وأكد عبد الاله أن “هنالك الكثير من المنجزات (بعد سقوط النظام الدكتاتوري في 2003) لكنها بالمقابل تحتاج الى الكثير من الخطوات المهنية في شقيها التشريعي والتنفيذي لتأسيس دولة المؤسسات والقانون، إذا كنا نريد بعد 2003 دولة مبنية على أساس التداول السلمي للسلطة، تكون فيها الديمقراطية معادلة مهمة في ما يتعلق بجوهر المواطنة، ونحتاج الى مراجعة حقيقية لكل هذه الخطوات لنرسل رسالة اطمئنان للمواطن ونعطي بصيص أمل بأن القادم أفضل من الماضي”.
 
وباء مزال
عضو مجلس النواب كاطع نجمان، أكد أن “9 نيسان بداية جديدة لشعب دامت مأساته أكثر من 40 عاما، إذ أن الدكتاتورية البعثية الصدامية كانت وباء نزل على جسد الشعب العراقي، ولكن بتضحيات هذا الشعب وكل ما رافق تلك الفترة الطويلة من عذابات وحروب استراح العراقيون من ذلك النظام المجرم الى الأبد”.
وقال نجمان لـ”الصباح”: “من أبرز ما حدث في يوم سقوط الصنم، أن هذا اليوم يصادف استشهاد السيد محمد باقر الصدر الذي كان القدوة لكافة العراقيين، وكان سقوط النظام في نفس يوم ذكرى استشهاد الصدر بمثابة المكرمة من الله لذلك الشهيد”، وتابع: “كان لنا أمل أن يكون هذا اليوم عطلة رسمية للشعب العراقي، ولكن مع التجاذبات الموجودة سواء على مستوى الحكومة أو البرلمان، حدث تردد في اختيارها عطلة”، معرباً عن أمله أن “يكون هذا اليوم يوما وطنيا للعراقيين”.
وأضاف، ان “نظام صدام سقط عندما قتل الرموز الوطنية والدينية ليوسع الفجوة بينه وبين الشعب الذي كان ينتظر اللحظة التي يتخلص فيها من نظام ظالم كان يسعى لتحقيق مجده الشخصي على حساب حياة وكرامة أبناء شعبه، فرحم الله السيد الشهيد محمد باقر الصدر وجميع شهداء العراق وأسكنهم فسيح جناته، وندعوه سبحانه وتعالى في هذا اليوم التاريخي أن يمن على العراق بالخير والامن والازدهار”.
 
إسدال الستار
الى ذلك، بين عضو مجلس النواب رياض المسعودي، أن هذا اليوم مهم جدا للشعب العراقي، وتنبع أهميته من كونه رمزا لسقوط النظام السابق الذي يعد من أبشع الانظمة الدكتاتورية.
وقال المسعودي لـ”الصباح”: إن “عملية التغيير التي حدثت؛ شابها عدد من المؤشرات منها أن التغيير كان خارجيا ورافقه احتلال عسكري، فضلا عن الفوضى التي عمت البلاد بعد احتلال العراق 2003 وحل الاجهزة الامنية والجيش العراقي بصورة سريعة مع غياب سلطة الدولة وبالتالي تراجع الوضع الامني”، وأضاف، ان “يوم سقوط صدام كان بداية لصناعة عملية سياسية جديدة، وأصبح مصدر القرار باختيار البرلمان وتشكيل الحكومات هو الشعب العراقي، فضلا عن انتخابات مجالس المحافظات والاقضية والنواحي، إضافة الى تطور الجانب الاقتصادي للشعب”.
وتابع: ان “يوم 9 نيسان يبقى يوما مميزا لدى العراقيين بعد أن حمل في طياته الكثير من الاحداث المهمة، أبرزها إنهاء نظام دكتاتوري ظالم مستبد، وبالتالي إسدال الستار على حقبة نظام كان يستبيح دماء أبناء الشعب العراقي”.
 
لحظة فرح
بدوره، أوضح عضو مجلس النواب رائد فهمي، أن سقوط النظام السابق كان لحظة فرح للعراقيين كافة بعد المعاناة الكبيرة التي عاشوها معه والحملات الدموية والقمع والارهاب والحروب المتوالية سواء الداخلية أو الخارجية.
وقال فهمي لـ” الصباح”: إن “لحظة سقوط الصنم كانت لحظة يتطلع لها كافة العراقيين، ولكن هذه اللحظة كانت ملتبسة لأنها ترافقت مع احتلال أجنبي، وبالتالي عانى العراقيون وقتها برغم تنفسهم بعد سقوط النظام، فضلا عن أن عملية التغيير رافقتها فوضى وتجاوز على الممتلكات العامة وتخريب وغيرها”، وأضاف، ان “العراقيين بعد السقوط كانوا يتطلعون الى نظام يضمن لهم الحريات وتوجيه الاموال التي ذهبت لتمويل الحروب الى اغراض التنمية وعيش المواطنين”، مؤكداً أنه “بعد مرور هذه السنوات، فإن هناك نوعا من الالم والاحباط لعدم تحقق آمال العراقيين”.
وأكد فهمي، أن “تحديات الإصلاح اليوم أصبحت حاسمة من أجل وضع العراق على الطريق الصحيح، ونحن نسعى اليوم الى تحويلها إلى واقع برغم الصعوبات الكبيرة جدا”، داعيا “كافة الكتل التي تقف عند هذا الحدث الى استخلاص كافة الدروس لتمضي بجدية في الاصلاح ومكافحة الفساد ووضع مصالح المواطن في المقدمة”.
 
محنة العراقيين
وقال النائب عن نينوى بشار الكيكي: ان “نظام الدكتاتور كانت له إجراءات قمعية بحق ابناء الشعب في مختلف مراحل حكمه، ما تسبب بمحنة كان يعيشها الشعب العراقي أبان حكم الدكتاتور الذي حول العراق الى مقابر جماعية ومعتقلين ابرياء من خلال نهجه في رفض أي معارض لسياساته القمعية”.
وأكد في حديثه لـ”الصباح”، أن “ذكرى سقوط الدكتاتورية يجب أن تكون ملهمة جداً، لأنه مهما طالت فترة حكم الانظمة القمعية فإنها سائرة الى الزوال والانهيار”، مبينا أن “التجربة المريرة التي مر بها العراق من حكم دكتاتوري يجب أن تكون تجربة شاخصة وعبرة أمام المواطنين والسياسيين، لذلك يجب أن لا يدار العراق بنفس طائفي أو قومي أو عنصري”، وأضاف، أن “الشعب العراقي واع جدا ويعمل بالدستور والقوانين، لذلك نؤكد على العمل بهذا الدستور وفي ظل النظام الاتحادي والاداري الجديد في التحول من المركزية الى نظام الاقاليم والمحافظات التي تدار بشكل لامركزي”، مؤكداً أن “أهم الانجازات التي حققها العراقيون هو التداول السلمي للسلطة من دون أي انقلابات وهو مؤشر ايجابي جدا”.
وأوضح الكيكي، أن “العراق بحاجة الى لغة حوار وتنافس على أسس البرامج، ويكفي أن الشعب يعيش حالة انتقال الى الوعي السياسي المتقدم واستطاع أن يفرز مرحلة من التراجع في خدماته واستحقاقاته الادارية والقانونية والمالية”، وأضاف، أن “استذكار هذا التاريخ يجعل من العراقيين متجددين ومتطلعين الى مطالب من الحرية والنهوض والبناء واعمار العراق على أكمل وجه”. 
 
منعطف كبير
فيما لفتت النائبة المستقلة عن البصرة زهرة البجاري، إلى أن “يوم سقوط النظام الدكتاتوري في العراق يمثل لحظة منعطف كبير على مستوى تاريخ العراق المعاصر، لأن هذا اليوم نقل العراق من حقبة الدكتاتورية الى حقبة ديمقراطية تعد انتصارا للشعب العراقي”.
وأضافت البجاري لـ”الصباح”، أن “التغيير جعل العراق يتجه الى تأسيس نظام ديمقراطي، وهو بكل الاحوال يعد منجزا كبيرا على مستوى تاريخ العراق وشعوب المنطقة، مقارنة بالنظم الموجودة في المنطقة”، وأكدت أن “تحرير الفكر العراقي من القيود التي كان مكبلا بها، اضافة الى التغيير الذي مكن العراقيين من تشكيل نظامهم السياسي ولم يكن متاحا في ما سبق برغم الاحتلال الذي فرضته آليات النظام السابق، وهذا دليل على ان العراقيين اصبحوا أكثر وعيا وأكبر قدرة على التحاور وإيجاد الحلول عبر آليات دستورية أقرها الشعب العراقي”.
وطالبت النائبة البصرية، “القوى السياسية التي اشتركت في التغيير بأن تمضي الى رسم العلاقة بين السلطات بشكل ديمقراطي، وأن تعزز التجربة بوعي جمعي لبناء دولة المؤسسات التي تدعم وتسهم في ترسيخ بناء المجتمع وتوفير الخدمات وانهاء العديد من ملفات الفساد والقضاء على البطالة”. 
 
منهج ديمقراطي
من جانبه، بين النائب عن تحالف سائرون جواد حمدان، أن “الانتقال من الدكتاتورية الى الحرية يعد تأسيساً لمنهج الديمقراطية التي نطمح لها عبر تشريع القوانين التي تراعي حقوق جميع الشركاء في الوطن والانتقال السلمي للسلطة”. 
 وقال حمدان لـ”الصباح”: إن “من أهم المنجزات التي حققها العراقيون بعد التغيير، هو النظام السياسي الديمقراطي الذي اتسم بالحرية من خلال الانتخابات التي حددت القيادة السياسية في العراق، لذلك اصبح العراقيون مسؤولين عن بناء الدولة ويستطيعون التغيير كل أربع سنوات، وذلك من أهم المنجزات المتحققة للعراق والعراقيين”، داعيا “الكتل السياسية الى استغلال كل فرص الحرية وبدء مرحلة البناء التي يحتاج اليها المجتمع من خدمات وإعمار وانعاش اقتصادي يصب في مصلحة العراق”، كما طالب “كل الجهات السياسية بالعمل على القضاء على الفساد وبدء عملية التنمية في كل مجالات الحياة الاجتماعية”.