ضياع الأطفال في الخندق الرقمي

ريبورتاج 2023/01/30
...

 أمير البركاوي 

 تصوير: خضير العتابي

يرجح الخبراء والمختصون أن أسباب بروز بعض التصرفات غير المقبولة أخلاقيا، لدى عدد غير قليل من الأطفال تعود إلى الألعاب الالكترونية، وتصفح تطبيقات التواصل الاجتماعي، فلكل منهم محتوى خطير يهدد بضياع مستقبل هؤلاء الصغار، خصوصا إذا ماغابت الرقابة على المحتوى وارتياد الاطفال للمواقع وقضاء ساعات طويلة بالألعاب الالكترونية، دون حسيب ولا رقيب، فإن هذا ادى الى ظهور جرائم واحداث مجتمعية خطيرة ترتكب من قبل بعض القاصرين، فضلا عن الانحدار الاخلاقي، الذي لوحظ ظهوره مؤخرا في المجتمع، ومن أجل تسليط الضوء على خطر الالعاب الالكترونية وتطبيقات التواصل الاجتماعي، كانت لنا هذه الجولة التحقيقية.

ضرر نفسي

عن تأثير تطبيقات التواصل والالعاب الالكترونية على الاطفال، يحدثنا مسؤول دار ثقافة الاطفال في النجف الاشرف نجم الخفاجي قائلا:

"هناك تاثيرات سلبية على سلوك الأطفال من الناحية النفسية والصحية، وتاثير تلك الالعاب حول سلوكهم وافعالهم. وهذا ينبع من الخاصية التي يمتاز بها  شريحة (الأطفال)، وهي المحاكاة، أي القيام بتقليد الأشياء والتصرفات وتبدو واضحة في سلوكهم بين اقرانهم، سواء بالبيت أو الشارع أو المدرسة، لا سيما تلك الألعاب العنيفة التي يحاول الاطفال دائما وبصورة غير مخطط لها، أن يخرجوا من خلالها شحنات الاندفاع والتاثر والتقليد الكامنة بداخلهم.


ضرر صحي

 وعن الضرر الصحي الناجم عن تصفح الأطفال لتطبيقات التواصل والالعاب الالكترونية يؤكد لنا نجم الخفاجي أنه من الناحية الصحية، تولّد هذه الألعاب أمراضاً جسدية وإدمانا، فمنها تاثير هذه الألعاب على العيون والمخ وارتفاع الضغط والهزات الانفعالية، وبالتالي تاثير ذلك على المستوى الدراسي للطفل، وكذلك قلة تفاعله مع أفراد أسرته ومحيطه.

وعن الحلول التي يمكن اتباعها للحد من ضرر الاستخدام السيئ للمواقع الالكترونية وتأثيره على الاطفال،  أشار الخفاجي إلى أن هذا يقع على عاتق الأسرة من حيث المراقبة وتقديم النصح باستمرار، ومحاولة خلق أجواء تجعل الطفل يبتعد عن تلك الالعاب الالكترونية، فتارة بزيارة المتنزه، وتارة اخرى بالقراءة المفيدة، وتشجيعه على قراءة المجلات والقصص لقضاء وقت فراغه.

ويوضح الخفاجي أن للمدرسة دورا كبيرا جدا في تنشئة الاطفال، خصوصا تلك التي تعقد ندوات وتحاول صناعة أجيال واعية، وتبيّن لهم مخاطر الالعاب الالكترونية، لأن كثيراً من الطلبة ينظرون الى الأستاذ  كقدوة لهم، لذلك لا بد أن يستفيد من هذا الامر بكسب الطلبة وارشادهم وإبعادهم عن الألعاب الالكترونية المضرة والمؤذية، منوها بضرورة وضع رقابة على المحتوى الالكتروني، الذي تبثه وسائل الاعلام والمواقع على الانترنت، وأن تقدم الاشياء النافعة للاطفال.


تاثيراتٌ ذهنيَّة

في حين يبيّن المختص بعلم النفس الدكتور فاضل محسن الميالي، أن الالعاب الالكترونية تنقسم الى قسمين، منها فردية وأخرى مشتركة مع اخرين، وهذه لها جملة من التاثيرات الذهنية على الطفل، الذي غالبا ما يصبح منهكاً وغير قادر على التفكير والتصور والإدراك والفهم، فهذا قد يقلل من قدرة الطفل في التعليم، وينعكس بشكل سلبي على توظيف نشاطه العقلي في دراسته وتعلمه.

ويؤكد الميالي أن اللعب من خلال برامج تشمل حركات وقواعد سلوك تحكم اللعبة او المشتركين فيها، قد تنطوي على مضمون ثقافي دخيل، قد يؤثر سلبا في ثقافة الطفل الخاصة، وربما تؤدي مثل هذه الألعاب إلى ظهور التمرد على الآباء والأمهات من قبل أبنائهم، وبالتالي رفض الانصياع لاوامر الوالدين ومن هم اكبر سنا. مضيفا ان خطورتها تكمن في امكانية التسبب بالادمان الالكتروني، وهذا ربما يعطّل من قابليات الطفل ويشتت انتباهه، لأن تصفح الاطفال لمواقع التواصل الاجتماعي بات أمراً خطيراً للغاية، لامكانية احتوائها على مضامين عدوانية تتعلق بالسلوك الاجرامي او غير المقبول والشاذ.


غيابُ الإدراك

الصحفية والمهتمة بشؤون الاسرة اخلاص داود ترى أن هناك عادات سلبية تؤذي الأطفال ليس فقط أخلاقيا، بل جسديا ايضا من خلال اللعب العنيف، ولأن هؤلاء الصغار لا يملكون الادراك والمعرفة الكافية في انتقاء واختيار الانسب والافضل لهم، ولا يملكون الدراية التي تجعلهم قادرين على اختيار الألعاب المناسبة لهم، لذلك فهذا هو واجب الأهل الذين تقع على عاتقهم مسؤولية كبيرة في هذا الجانب، من خلال التوعية والارشاد والمتابعة والرقابة.

وتشدد داود على اهمية التحذير المستمر من مغبة ما يرونه من محتوى سلبي، مختتمة حديثها، بأن على الوالدين ان تكون لديهما ثقافة واطلاع، في ما يخص التربية والثقافة الرقمية والطرق والاساليب الناجحة فيها.