اليابان توافق على أكبر عمليَّة إعادة تسليح لجيشها

بانوراما 2023/02/02
...

 لوكاس دي كال

 ترجمة: حميد ونيس                   

تنطلق اليابان نحو إعادة تسليح تاريخية من شأنها أن تكسر تقاليدها السلمية الموروثة من فترة ما بعد الحرب، إذ وافقت الحكومة اليابانية على خطوط عامة ضمن سياسة دفاعية جديدة تتضمن إنفاق نحو 295 مليون يورو، ما يزيد الإنفاق العسكري من نسبة واحد بالمئة التي تم الحفاظ عليها منذ ستينيات القرن الماضي، إلى اثنين بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات الخمس المقبلة، ليجعلها تحتل المرتبة الثالثة لأكبر إنفاق عسكري في العالم بعد الولايات المتحدة والصين.

وكانت طوكيو قد نوهت منذ شهور بنيتها تعزيز قدراتها الدفاعية. وبدأ رئيس الوزراء فوميو كيشيدا حملة في المنتديات العامة للترويج لاحتياجات بلاده لإعادة التسلح، بعد أن أصبح أول زعيم ياباني يحضر قمة الناتو، التي عقدت خلال حزيران الماضي في مدريد، إذ رحب بالتحالف لتعزيز مشاركته في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. وتأتي خطوة كيشيدا بعد الأحداث الروسية الأوكرانية، والمخاوف الأمنية بشأن تهديدات كوريا الشمالية والمناورة الحربية الصينية في محيط تايوان.

لقد مر نحو عقد من الزمان منذ أن نشرت طوكيو ستراتيجية الأمن القومي. وفي الوثيقة التي تم الكشف عنها مؤخراً، كان أحد المستجدات الرئيسة هو ما أسمته “القدرة على الهجوم المضاد، التي تعني تزويد الجيش الياباني بالوسائل اللازمة للوصول إلى أراضي العدو في سياق نزاع 

مسلح. 

وهو تحول كلي في سياسة كيشيدا التي تتعارض مباشرة مع المادة التاسعة من الدستور الياباني المسالم، والتي بموجبها يكون تعداد الجيش الياباني 250 ألف جندي في الخدمة و60 ألف جندي احتياطي لا يمكنهم المشاركة في أي معارك إلا للدفاع عن النفس.

وجاء في التقرير أن “البيئة الأمنية اليابانية قاسية ومعقدة، كما لم تكن منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وسنعمل بشكل أساس على تعزيز القدرات الدفاعية باعتبارها الضمان الأخير للأمن القومي”، وأشار التقرير أيضاً إلى أن طوكيو ستعمل مع الولايات المتحدة وحلفائها لتحقيق “منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة”، وهي عبارة صاغها الزعيم الياباني الراحل شينزو آبي وصادرها السياسيون الأميركيون منذ فترة طويلة، ويستخدمونها غالباً للدفاع عن وجودهم في المنطقة لمواجهة تأثير الصين.


موقف شعبي مختلف

تشير وثيقة طوكيو مباشرة إلى قلقها بشأن الاستقرار في مضيق تايوان، فتقول: “يمثل الموقف الخارجي للصين وأنشطتها العسكرية الحالية تحدياً ستراتيجياً كبيراً وغير مسبوق لضمان أمن وسلامة اليابان”. 

بالإضافة إلى الجبهة المفتوحة على جزيرة تايوان التي تعتبرها الصين جزءاً من أراضيها، فإن أحد مصادر التوتر الأخرى بين البلدين هو جزر سينكاكو الصخرية وغير المأهولة الواقعة على نحو 1900 كيلومتر جنوب غرب العاصمة اليابانية. 

وهي خاضعة لحكم اليابان، رغم أن بكين التي أطلقت عليها اسم جزر “دياويو” منذ سنوات، تدعي أيضاً أنها ملك لها.

ولا تنسى طوكيو في ستراتيجيتها الجديدة، كوريا الشمالية واختباراتها المتكررة للصواريخ الباليستية. “إن إطلاق كوريا الشمالية المتكرر للصواريخ والتقدم في قدرات أسلحتها يشكل تهديداً وشيكاً وأكثر خطورة لأمن اليابان القومي”.

يذكر أن مئات اليابانيين قد نظموا تظاهرات احتجاجية مؤخراً ضد الإنفاق العسكري، وقال أحد المتظاهرين:  “خلال الثمانين عاماً الماضية بعد الحرب العالمية الثانية، حافظنا على سياسة كبح الإنفاق العسكري وتنازلنا عن القوة، والآن تدمر الحكومة هذه السياسة”. 

العديد من اليابانيين قلقون أيضاً بشأن الكيفية التي ستدفع بها حكومتهم كامل خطتها للاستثمار في الأسلحة، سواء كانت سترفع الضرائب أو الحصول على قروض.

سيذهب جزء من الميزانية الجديدة، نحو 15 تريليون ين ياباني، إلى المخزون الضروري في حالة الحرب الطويلة، مثل احتياطيات الذخيرة وخزانات الوقود. 

وسيتم تخصيص خمسة مليارات دولار أخرى لشراء صواريخ توماهوك الأميركية الصنع وتطوير أسلحة تفوق سرعة الصوت. وثلاثة مليارات دولار لتحسين قدرات الدفاع الجوي، مثل ترقية الرادار لنظام صواريخ باتريوت، لمواجهة الأسلحة التي تفوق سرعة الصوت، مع تخصيص مليوني دولار لتحسين الدفاع السيبراني، بجيش جديد، قوامه عشرون ألف جندي، في الفضاء الإلكتروني لليابان.

أوضح قادة اليابان أيضاً في  وقت سابق أن زيادة الإنفاق العسكري ستسهم ببناء سفينتين للدفاع الصاروخي الباليستي وتطوير ألف صاروخ كروز طويل المدى ووحدة باليستية عالية السرعة لتعزيز قدرتها على الضربات المضادة للصين خلال فترة إجرائها التدريبات الأخيرة على غزو تايوان التي جرت في الصيف الماضي.

صحيفة الموندو الاسبانية