هجرة الشباب : حلمٌ ورديٌ قد يتحول إلى كابوس

ريبورتاج 2023/02/23
...

 بغداد: عواطف مدلول

 تصوير: كرم الأعسم


لطالما فكرت لبنى احمد في مغادرة البلد نهائياً محاولة ترتيب أمورها بعد تخرجها في كلية الهندسة، لا سيما أن عدداً من أقربائها وصديقاتها كانوا قد هاجروا منذ سنوات وينعمون بالاستقرار والحياة الكريمة، وتقول لبنى: «في الحقيقة سمعت قصصاً كثيرة عن الهجرة، لكني لم أخض تجربة الابتعاد عن أهلي إلا عندما سافرت بشكل مؤقت مع صديقاتي، لذا أتردد دائماً بخطوتي هذه وأطمح لها مجبرة، كون بلدان العالم تتمتع بشيء من الحرية والحماية بالنسبة للبنات، فمجتمعنا يقيد بعض أحلامهن، كما أن تلك المجتمعات تحترم حقوق الفرد لأن لديها قوانين صارمة، لكن لا يمكن المجازفة بمفردي، إذ إن أغلب أفراد أسرتي يرفضون ترك مصالحهم وحياتهم بالعراق».


نقطة انطلاق

أما الإعلامي والباحث بالتنمية البشرية سعد الكعبي والذي حصل على فرص عديدة للهجرة لأكثر من بلد، لكنه كان في كل مرة ينتهي به الأمر عائداً إلى الوطن فيشير إلى أنه كل شيء جائز في فضاء الاحتمالات، بحسب العالم الفيزيائي فاديم زيلاند صاحب نظرية  الواقع  (الترانسيرفنغ)، التي تعني العبور والتزحلق  أو رياضة ركوب الأمواج  (الركمجة) والموجة كانت الهجرة إلى أوروبا، إذ إن الشباب الأذكياء يستغلون ركوب الموجة نفسها التي كادت أن تغرقهم كي يعبروا بسلام إلى الجانب الآخر من البحر، ويشجع الكعبي الشباب على هذا الأمر.

  مضيفاً أن هذا ما حدث للمهاجرين الشباب العراقيين إلى أوروبا، فمنهم من قتل أو اختفى أو عاد مهزوماً مكسور القلب، وبعضهم استقر واستوطن وتمتع  بحقوق لا توجد في بلده مثل المساعدات المالية(الرواتب) بعدد أفراد الأسرة, وكذلك البيوت أو الشقق السكنية بعد فترة قضوها في المخيمات (الكمبات) ومن ثم الانتقال إلى مرحلة الدراسة والمستشفيات المجانية، فضلاً عن مخصصات ملابس الشتاء والصيف وتعلم اللغات.  

مؤكداً أن بعض الشباب ارتبطوا بنساء من البلد الذي هاجروا إليه، والأمر ينطبق على النساء، إذ حصلن على امتيازات وحقوق مختلفة، في حين لم يتحمل البعض الآخر الأجواء الأوروبية، ولذلك أصيبوا بمرض الحنين إلى الوطن، ومنهم من اكتأب فعلاً بسبب ضعف الأفكار والبرمجة العقلية، ولم يستطع التكيف مع وضعه الجديد.


رؤى متنوعة

بينما ترى الباحثة في الثقافة والفنون، ومسؤولة الباحثين في مركز الدراسات والبحوث بوزارة الثقافة والسياحة والآثار الدكتورة إيناس القباني أن الكيفيات التي تطور من خلالها المفهوم للهجرة لدى الشباب ليصبح مشكلة مجتمعية، يتم نقاشها وإيجاد الحلول لها من خلال خطورة الطرح لهذه الأفكار التي قد تكون هدامة، أو بناءة وفقاً لطريقة طرحها في القنوات الفضائية العربية والمحلية.

مشيرة إلى أن واجب الإعلاميين والأكاديميين والمثقفين معالجة الاتجاهات، ومصادرها وآلية الطرح الفكري لحقيقة الهجرة، وهل الدول التي تركها شبابها قادرة على إيواء أبنائها وكسبهم بطرق جذابة للعودة إلى أرض الوطن، وإلى أي مدى قد تلعب الفضائيات هذا الدور المهم في تحديد ثقافة جيل بأكمله يرغب بالهجرة إلى الغرب تحديداً؟ وليس إلى دول مشابهة للعراق كالدول العربية التي تفقد الإنسان مساحة الحرية الحقيقية، التي يأمل الشاب بأن يحصل عليها.


موروث فكري واجتماعي

وتتساءل القباني عبر بحث أعدته عن ذلك الموضوع كيف يمكن للفضائيات، والتواصل الاجتماعي مع التوجه الفكري لمموليها، أن تمنح الشباب ثقافة الموروث الفكري والاجتماعي الذي يجذب الشاب نحو أرض الوطن لا إلى هجر البلاد والعباد والأحبة والأمهات، مبينة أن العامل الاقتصادي يلعب دوراً آخر في هذه الهجرة والبحث عن التغيير نحو الأفضل، لكن الواقع ليس بهذه السهولة والإعلام المرئي أوصل فكرة عن عذابات وألم الهجرة، للعديد من الأسر التي فقدت الوطن والكرامة معاً أو خسرت أولادها بسبب الحرية المفرطة، وخاصة من الشابات اللواتي وجدن في الهجرة للخارج ملاذاً للحرية

اللامنتهية.