موضوع العدد
تتحكم العادات والتقاليد السلبية بالظاهر من سلوكنا والخفي ايضا ومنه العلاقة بين الزوجين في فراش الزوجية. فثقافة العيب التي خصت بها المرأة عملت على تحجيم رغباتها الجنسية في فراش الزوجية، حيث الشرعية التي تحق لها، ولكنها وبناءً على ما تعلمته تبقى حبيسة الأفكار الرجعية، وأيضا بسبب وصايا أمها التي فعلت ذلك من قبلها بكل التزام على مدار سنوات زوجها، وكأن الصمت والاختناق هما من نصيب الزوجة في الفراش دائما.
ولحظة يختلي الزوج بزوجته على فراشها فإنه قد يعاملها على أنها وعاء متلقٍ، وذلك حسب الثقافة الذكورية التي تربى عليها وجعلت منه ذكرا في الفراش، غير آبه بزوجته التي لها حقوق شرعية عليه، وكثير من الذكور في مجتمعنا يؤمنون بشدة بعدم إعطاء المرأة حقوقها الجنسية في الفراش، لأنها لا تستحق ذلك في نظرهم، فتبقى المرأة إلى أن تموت حبيسة مفاهيم ذكورية لا تعتشرف بوجود النساء
كبشر.
وعندما تتجه المرأة للبوح بعدم وصولها مع زوجها إلى الإشباع الجنسي اللازم في الفراش، فإنها تتهم بأنها غير سوية وقد توجه لها تهم مخلة بشرفها، وذلك فقط لأنها طلبت حقها الذي أراده لها الشرع والدين، ولكن التقاليد والعادات تتحكم في سلوك كثيرين، بينما تجد في ديننا الإسلامي ما هو جميل في توكيده.. ان العلاقة لا تقتصر على (حق الفراش فقط فالزوج عليه أن يتزين لزوجته بما يناسب رجولته كما تتزين هي له بما يناسب طبيعتها، فإن المرأة يعجبها من زوجها ما يعجبه منها).
وبالمقابل هناك النساء اللواتي يأخذن حياتهن كأنهن فقط خلقن لكي يحصلن على فرصة الزواج، ومن ثم الجلوس في البيت وإنجاب الأطفال وممارسة أعمال البيت اليومية، ولسان حالهن يقول "تزوجنا وخلصنا"، وللأسف فإن من تؤمن بهذه القناعات تكون غير قادرة على إعطاء الحب والإشباع الجنسي لزوجها، لاعتقادها بأنه لن يستطيع الالتفات إلى أخرى بسبب كثرة المسؤوليات والأطفال.
وهنالك الكثير من الأزواج سواء الرجل أو المرأة الذين يخجلون من طلب ما يستحقون في فراشهم، وللأسف ينتظر كل واحد منها الآخر، أن يقوم بإغداق المشاعر والحب والغرام، التي لن تأتي لأن أحدهما يخجل من طلبها، لأن ثقافة العيب امتدت إلى فراش الزوجية ففرضت التحفظ من طلب وممارسة الحق الشرعي، ليبقى الصمت عنواناً لفراش بائس جدا.
وحين تحاول المرأة طلب حقوقها الشرعية في فراش زوجها، فإن بعض الأزواج يعتقدون أن هذه المرأة وقحة،
أو أنها قد مارست الجنس مع رجل في السابق،
والمفارقة أن الرجل يريد من زوجته أن تكون في غاية الأدب والحشمة أمام الناس، بينما يحتاجها نفسيا إلى أن تكون ماهرة في فن الحب على فراش الزوجية!
وهناك الأزواج الذين يعتقدون أنهم بارعون في إشباع رغبات زوجاتهم، وأنهم يحسنون الأداء في الفراش، ولكنهم يتناسون الجانب الإنساني والعاطفي في الفراش الذي قد يكفي المرأة أحيانا،
ويجعلها تشعر بالراحة الكاملة، ولكن الثقافة السائدة تقول إن الإشباع الجنسي هو المطلوب فقط، وهذا الخطأ بعينه.
ومشكلة أخرى هي أن الأزواج حين يتقدمون بالعمر يقوم كلاهما أو احدهما بهجر الآخر، وذلك لأن ثقافة العادات والتقاليد تأمر الزوجين الكبار في السن،
وكثير منهم لم يتجاوز الخمسين بعد، بالابتعاد عن بعضهما، وذلك بحجة أنهم تزوجوا فقط لإنجاب الأطفال، وأنهم بانجازهم لهذه المهمة، يجب التوقف عن ممارسة الحب والجنس في
الفراش.
إن تحرير فراش الزوجية من ثقافة العيب، وممارسة الحب بين الزوجين بما يشبع حاجاتهما الجنسية والعاطفية، يزيد العلاقة بينهما قوة وانسجاما ويشيع اجواء مريحة نفسيا في بيت الأسرة.. فضلا عن أنه سيقلل طلبات الطلاق التي تزدحم بها ملفات المحاكم.