بغداد: عماد الإمارة
ركز مختصون بالشأن الاقتصادي، على ضرورة أن تفعل الأجهزة الحكومية، إجراءاتها للحد من تأثيرات السوق الموازية لبيع العملة الأجنبية، مؤكدين أن ذلك الأمر يعد استكمالا للخطوات المتخذة بهدف إيقاف "تسلق الدولار" الذي لامست أسعار صرفه حدود الـ153 ألف دينار لكل 100 دولار.وتوقع المختصون أن يستقر سعر الصرف خلال ثلاثة أسابيع، على سعر 135 ألف دينار لكل 100 دولار في الأسواق الموازية.
الخبير الاقتصادي، الدكتورعبد الرحمن المشهداني، يرى خلال حديثه لـ"الصباح" أن نجاح الحكومة والبنك المركزي في استقرار سعر الصرف، يرتبط بشكل أساس بمبيعات النافذة من الدولار، ففي حال استقرت فوق معدل 50 مليون دولار، فإن أسعار الصرف الموازي ستكون قريبة من السعر الرسمي، متوقعا أن يستقر سعر الصرف خلال ثلاثة أسابيع، على سعر 135 ألف دينار لكل 100 دولار.
ولفت المشهداني، إلى أن الفارق السعري الذي تشهده الأسواق الموازية، سيدفع صغار التجار إلى الانتظام عبر النافذة الرسمية لبيع العملة بهدف الحصول على الحوالات، إذ إن فارق بيع الدولار في الصيرفات والأسواق يعد مرتفعا بالنسبة للتجار، فضلا عن التكاليف المالية الأخرى التي ترافق الحوالات.
ورجح المشهداني استمرار عمل "المضاربين" وسعيهم إلى إرباك السوق، لاسيما في ظل وجود عدد من المصارف التي أصبحت خارج عمل النافذة الواحدة، داعيا إلى اتخاذ إجراءات مناسبة للحد من تلك الظاهرة التي باتت تؤثر بشكل كبير في مجمل الواقع الاقتصادي في البلاد".
وأرجع الإرباك الحاصل في بيع العملة إلى عدم فاعلية الأدوات النقدية في العراق، إذ إن سعر الفائدة لم يستثمر بشكل جيد، والسندات المطروحة غير فاعلة أيضا، وحتى الادخار الإجباري لا يعد خيارا مناسبا في الوقت الحالي نتيجة الإشكالات الحاصلة بسبب "أزمة معيشية" ناجمة عن سوء الإدارة الذي رافق عملية تغيير سعر الصرف السابق، والذي أدى إلى خسارة المواطن نحو 50 % من دخله الحقيقي.
وانتقد الخبير المشهداني خمول المصارف وعدم تقديمها حوافز مالية مناسبة تمكنها من استقطاب الأموال المكتنزة لدى المواطنين، التي تقدر بقرابة 77 % من مجموع العملة المصدرة، لافتا إلى أن ذلك الأمر بحاجة إلى تثقيف حقيقي وعمل دؤوب من قبل المصارف.
ولا تقتصر أسباب ارتفاع سعر الصرف الموازي، على الإجراءات التنظيمية للبنك المركزي، إذ يرى المختص بالشأن الاقتصادي الدكتور عدنان بهية، خلال حديثه لـ"الصباح" أن "العراق بلد مستورد، وأن عمليات توريد البضائع تتم بالدولار، وبذلك نرى التاجر سواء كان تاجر جملة أو مفرد في بغداد والمحافظات يعتبر الدولار هو المقياس للربح والتسعير، وعندما تكون هناك مضاربات شديدة وارتفاعات وانخفاضات وتذبذبات في أسعار الدولار لا يمكن للسوق أن تستقر ولا يمكن للبائع أن يبيع وهو لا يعلم إن كانت الأسعار ستنخفض أم ترتفع، وهل سيربح أو يخسر، ما يعني ارتباك السوق وحدوث تقلبات سعرية شديدة تؤثر بشكل مباشر في المستهلك.
وحث بهية، على أهمية توفير السيولة النقدية الكافية من الدولار بهدف تغطية احتياجات المواطنين العاديين من العملة الأجنبية لأغراض السفر والعلاج، مقترحا في ذلك، فصل المنافذ المخصصة للحوالات التجارية وغيرها، عن حركة المواطنين العاديين وما يخص سفرهم وعلاجهم واحتياجاتهم من الدولار .
من جانبها قالت عميد كلية اقتصاديات الأعمال في جامعة النهرين، الدكتورة نغم حسين لـ"الصباح" إن ارتفاع سعر الدولار حاليا أمر وقتي نتيجة عدم التزام المصارف بقواعد الامتثال العالمية في التحويل للمستفيدين، وإن ما حصل من ارتفاعات ظاهرة وقتية ناجمة عن ظروف تنظيمية في إجراءات تسيير طلبات التحويل الخارجي التي تتقدم بها المصارف المحلية على العملة الأجنبية، إذ تم العمل قبل مدة بالمنصة الإلكترونية لربط تحويلات المصارف مع المراسلين من المصارف الدولية وهيئات الامتثال ذات العلاقة في آن واحد".
ولفتت الدكتورة حسين، إلى أن "الإجراءات الجديدة قيدت عرض العملة الأجنبية بشكل مؤقت ما يتطلب فترة تكييف بسيطة حتى تمارس المصارف الأهلية قواعد الامتثال العالمية في التحويل لمصلحة المستفيدين من عمليات التجارة الخارجية للقطاع الخاص، وهذا الأمر يتطلب بعض الوقت لإعادة تنظيم الطلبات واتساقها مع المتطلبات العالمية للتحويل".