بغداد: حسين ثغب التميمي
طالب خبراء اقتصاد دوليون ومحليون بإنقاذ الاقتصاد العراقي من ظاهرة المرض الهولندي، التي باتت تلازمه منذ عقود، من دون إيجاد حلول حقيقية تنقذ البلاد من حالة التراجع المتواصل في جميع مفاصل الاقتصاد.وتتجه أنظار الخبراء صوب تطوير سوق العمل وخلق البيئة الملائمة غير المعقدة لإتمام المشاريع، وذلك من شأنه أن يقضي على المرض الهولندي وتداعياته .
والمرض الهولندي، هو مصطلح اقتصادي يشير على نطاق واسع إلى الضرر والعواقب الناتجة عن الزيادات الكبيرة في دخل الدولة نتيجة الاعتماد على مورد طبيعي واحد كالنفط.
خبير الاقتصاد الدولي عبد العزيز الخضيري قال: إن "خلاص العراق من المرض الهولندي وتبعاته يتطلب ستراتيجيتين أساسيتين يمكنهما أن تساعدا في حل ظاهرة المرض الهولندي؛ الأولى تتمثل بتباطؤ ارتفاع قيمة العملة المحلية، إذ يعد تباطؤ ارتفاع العملة أسهل ستراتيجية وأكثر قابلية للتطبيق لمنع الآثار السلبية للمرض الهولندي ويمكن تحقيق ذلك أحيانًا عن طريق التحكم في ملف إنفاق الإيرادات المتحققة من تصدير المواد الطبيعية".وبين الخضيري أنه "عندما يكتشف بلد ما موارد طبيعية ويبدأ في تصديرها إلى بقية العالم، يتسبب ذلك في ارتفاع سعر صرف العملة المحلية بشكل كبير وهذا بدوره يثبط الصادرات من القطاعات الأخرى مع تشجيع استيراد أرخص البدائل".يذكر أنه في الستينيات، شهدت هولندا زيادة كبيرة في ثروتها بعد اكتشافات كبيرة من الغاز الطبيعي في بحر الشمال، وبشكل غير متوقع، كان لهذا التطور الإيجابي آثار خطيرة في اقتصاد الهولنديين، إذ أصبح الغيلدر (عملة هولندا في ذلك الوقت) أقوى، مما جعل الصادرات الهولندية غير النفطية باهظة الثمن، وبالتالي أقل قدرة على المنافسة.وأضاف: من "أكثر الطرق شيوعا للقيام بذلك هي إنشاء صندوق ثروة سيادي، فكثير من الدول المتقدمة والنامية بما في ذلك أستراليا وكندا والنرويج وروسيا تدير صناديق ثروة سيادية كبيرة، وتهدف صناديق الثروة السيادية إلى استقرار تدفقات رأس المال في الاقتصاد لمنعه من الإنهاك والتسبب في ارتفاع كبير في قيمة العملة، وهنا يمكن إنفاق الإيرادات الفائضة على التعليم أو البنية التحتية أو الأنشطة الاستثمارية في قطاعات أخرى التي من شأنها أن تساعد على التنويع في الاقتصاد".أما الستراتيجية الثانية فتتمثل في تنويع الاقتصاد الذي يقضي على التأثير السلبي للمرض الهولندي في الاقتصاد، ويمكن تحقيق التنويع الاقتصادي عن طريق دعم قطاعات الاقتصاد المتأخرة أو تأسيسها ودعم المنتجين المحليين". الخبير في الشأن الاقتصادي حيدر كاظم البغدادي قال: إن "العراق يملك حلولا في متناول اليد للتخلص من المرض الهولندي ولا تحمل أي صفة من التعقيد وتساعد على تطوير الأداء الاقتصادي، غير أن هذا الأمر يتطلب إرادة حقيقية من القائمين على الشأن الاقتصادي".
ولفت إلى أن "البلاد لديها قطاع خاص قادر على تحمل مسؤلياته تجاه تعدد الموارد الاقتصادية، حين تتوجه الإرادة للدخول في شراكات ثنائية حقيقية يمكن أن تنهض بواقع البلد"، مشيرا إلى أن "الإصلاح الاقتصادي لابد من أن يؤمن به الجميع وأن يبدأ من تسهيل الإجراءات ومعالجة التعقيدات الروتينية التي يشهدها واقع تنفيذ المشاريع الإنتاجية والخدمية".
وألمح البغدادي إلى أن "واقع الاستثمارات في البلاد وفرص العمل يمكن أن ينهض بجهد أكبر الشركات العالمية المتخصصة والمصنفة عالميا، وهذا أمر في غاية الأهمية ولكن يحتاج إلى إبعاد سوق العمل عن التعقيد الذي لا فائدة منه ويدخل البلاد في دوامة".
وطالب "بالعمل على الإفادة من الخبرات الكبيرة التي يملكها القطاع الخاص الأصيل والحقيقي وعدم الإصغاء إلى الطارئين على هذا القطاع المهم".