(دكة عاكف).. في ذاكرة الحلِّيين

ثقافة شعبية 2023/03/02
...

 شكر حاجم الصالحي 


من الحوادث الفاجعة التي عانى منها أبناء مدينة الحلة الفيحاء، تلك الجريمة البشعة التي نفذها جندرمة الجيش العثماني المحتل بحق الحليين الذين اعترضوا لا بل رفضوا الانصياع لأوامر الغزاة وشرطتهم المستبدة بوجوب الالتحاق بالمؤسسة العسكرية بصفة جنود مقاتلين، ما اضطر العقيد عاكف باشا الى تجهيز حملة عسكرية لملاحقة الممتنعين عن الخدمة العسكرية الالزاميّة والمنتفضين ضد الاجراءات العثمانية التعسفية.

ويعزو البعض أسباب قيام انتفاضة الحليين الى قيام قوة من الجندرمة بملاحقة أحد الهاربين الذين رفضوا الالتحاق بالجيش العثماني، ولما أخفقت السلطة بالقبض على أحد الحليين الذي أتُهم بمقتل احد عناصر الجندرمة، لجأت السلطة المحتلة الى استفزاز الحليين وإساءة معاملتهم، الى أن تطور الحال الى تبادل اطلاق النار بين المنتفضين وافراد الثكنة العسكرية، وهناك رأي آخر يرى أن إصرار الحليين على عدم دفع الضرائب أثار غضب العثمانين وأشعل فتيل الانتفاضة التي اندلعت في العشرين من آب عام 1915 م والتي عرفت بـ (دكة عاكف) والتي تكبد فيها العثمانيون خسائر فادحة زادت على مئة قتيل وعشرات الجرحى وفي (14 - 26 تشرين الثاني 1916) عاشت الحلة مرة أخرى أيّاماً عصيبة بعد ان تردت الحياة بسبب حصار الجندرمة والجيش وارتكابهم أبشع عمليات الاعتقال والنفي والإبادة وسميت الحملة هذه بـ (دكة عاكف) الثانية، وهناك الكثير من المصادر التي تناولت هاتين الواقعتين (الدكتين) الأولى والثانية ويمكن الاشارة الى بعض تلك المصادر الموثوقة والتي عايش أصحابها تلك الأحداث .

- حياتي في نصف قرن/ لمؤلفه المهندس أحمد سوسة (1900 - 1982م).

 - حياتي في وادي الرافدين للشاعر أنور شاؤول (1904 –1984).

- اليهود في الحلة/ لمؤلفه داود معلم يعقوب (هاجر عام 1950).

- تاريخ الحلة/ ج1 للشيخ يوسف كركوش (1906 – 1990).

-  الدكتور محمد مهدي البصير في كتابه المخطوط  (من أنا) 1895 – 1974.

 ومن القصائد المهمة التي قيلت عن (دكة عاكف) ما قاله الشاعر محمد علي اليعقوبي في (وقفة على الحلة) خلال زيارته اليها في صفر 1335هـ / 1906 إذ يقول: 

وقفت على فيحاء بابل باكياً

كأني على اطلال بابل واقف

أسائلها لكن دمعـــــــــي سائل

عليها وقلبي من لظى الوجد لاهف

ألا ما لهاتين المقاصير اصبحت

تجرّ عليهن الذيول العواصف

دعوتُ وما ردَّ الجواب سوى الصدى

ومالي سوى دمعي معين مساعف

وبفعل الموقف البطولي لأبناء مدينة الحلة الباسلة فقد تعرض العديد منهم الى الانتقام بقيام العقيد عاكف باشا باعدام نخبة من رجالات الحلة، ووفاء لتضحياتهم نشير الى بعضهم لكي يطلع الأبناء على ما فعله الأجداد والأباء في مقارعة الظلم والاستبداد والاحتلالات الغاشمة، ولكي يظل هؤلاء الشهداء في ذاكرتنا الحيَّة نستذكرهم على الدوام بإجلال واعتزاز .. ومن هؤلاء الشهداء ..

1 - إبراهيم حمزة أغا

2 -  جاسم محمد شكر علوش

3 - جعفر السيد أحمد الموسوي

4 - خلف جاسم الربيعي

5 -  سعيد آل شريف

6 -  سعيد مهاوش

7 -  صادق الشيخ عبد الحسين الشهيب

8 -  صاحب عبد الرضا الميرة

9 -  صالح المهدي

10 -  عبود الملا ابراهيم الجبوري

11 -   علي أمين وتوت 

12 -  عيسى عباده شويلية

13 -  الملا ابراهيم الجبوري

14 -  هادي طاهر عوض

15 -  وهيب الشيخ حسن عجام 

لقد استبسل الحليون في الدفاع عن مدينتهم بإيمان عروبي أصيل، جعلنا نفتخر بتلك الصفحات المجيدة من تاريخنا المشرف، وعلينا ان نتمثل مواقفهم الشجاعة في انتزاع الحقوق من مغتصبها.. وتلك هي ارادة الشعوب الحرة، والخزي والعار لكل المحتلين الغزاة على امتداد 

التاريخ.