الحكومة تكثف إجراءات السيطرة على سعر الصرف

اقتصادية 2023/03/07
...

 بغداد: حيدر فليح الربيعي 


كثفت الحكومة إجراءاتها الهادفة إلى تقويض الدولار، والحدّ من ارتفاعاته التي أثرت في مستويات التضخم، وتسببت باستنزاف قدرات المواطن الشرائية نتيجة ارتفاع أسعار مجمل السلع والمواد التي يرتبط استيرادها بالعملة الأجنبية، فعقب أيام من قرار المركزي القاضي بزيادة المبيعات لشركات الصيرفة وبواقع مليوني دولار أسبوعياً، كشف اتحاد الغرف التجارية، عن توجيه رئيس الوزراء بضرورة تسهيل دخول التجار إلى منصة التحويل الإلكترونية الخاصة ببيع الدولار في البنك المركزي.

ويمثل ذلك التوجه، وفقاً لعدد من المختصين بالشأن الاقتصادي، خطوةً ضرورية للقضاء على احتكارات السوق الموازية للعملة الأجنبية، فضلاً عن كونها عاملاً مهماً للحد من ارتفاع الأسعار الناجم عن اضطرار "صغار التجار" إلى توفير احتياجاتهم من الدولار عبر شرائه من الصيرفات، التي تبيعه بحدود 157 ألف دينار لكل 100 دولار "لغاية يوم أمس 

الاثنين".

وفضلاً عن أهمية التوجيهات الحكومية بتسهيل إشراك التجار في منصة بيع العملة، فإنَّ الخبير الاقتصادي، الدكتور فارس كريم بريهي، يرى خلال حديثه لـ"الصباح" أنَّ "تحركات البنك المركزي، تمثل إجراءات عملية يمكن أن تسهم إلى حد ما بانخفاض سعر صرف الدولار، لكنها بحاجة إلى مزيد من المتابعة"، داعياً إلى إشراك "صغار التجار" الذين يعملون بشكل يومي في التبادل التجاري دون السماح لهم بالدخول إلى منصة بيع الدولار في البنك المركزي، والحصول على العملة الأجنبية بسعرها الرسمي، مشيراً إلى أنَّ ذلك الأمر تسبب بحصول ارتفاعات واضحة في الأسعار.

وأوضح الخبير بريهي أنَّ عملية التأقلم مع المنصة، واستقرار أسعار الصرف، بحاجة إلى مزيد من الوقت والمتابعة الحكومية المستمرة، والعمل بشكل حثيث لمنع عمليات التهريب التي تعرض لها الدولار خلال الفترات الماضية، مؤكداً أنَّ تلك المتابعات ستفضي إلى إعادة سعر الصرف واستقرار السوق الموازية، وبالتالي القضاء على التضخم وانعكاساته السلبية على المجتمع، مشيداً في الوقت ذاته، بالجهود الحكومية الرامية إلى السيطرة على أسعار المواد الغذائية في الأسواق المحلية عبر دخولها كمنافس في بيع بعض المواد بالأسعار الرسمية، مؤكداً أهمية الخطوة التي تأتي مع اقتراب الشهر الفضيل.

وأعلن يوم أمس الاثنين، رئيس اتحاد الغرف التجارية، عبد الرزاق الزهيري أنَّ "رئيس الوزراء وجه بضرورة أن تكون هناك لقاءات بين رجال الأعمال والتجار والجهات ذات العلاقة ومنها البنك المركزي والضريبة والجمارك وتسهيل دخول التجار إلى منصة التحويل الإلكتروني".

وعلى العكس من الرأي السابق، يرى عضو جمعية الاقتصاديين العراقيين، الباحث الاقتصادي مقدام إياد الشيباني، خلال حديثه لـ"الصباح" أنَّ "السياسة النقدية في العراق ما زالت تابعة للسياسة المالية وغير مستقلة عن القرارات الحكومية والسياسية"، واصفاً قرار رفع سعر الصرف الذي اتخذ في العام 2020 من 118 ديناراً للدولار الواحد إلى 146 ديناراً، بأنه "أسلوب صدمة، ويمثل معاقبة للشعب، فضلاً عن كونه إجراء غير علمي وغير مدروس أدى إلى تراجع الاقتصاد العراقي وتسبب بأزمة حقيقية للمواطن".

وأوضح الشيباني أنَّ "المواطن يعاني من أزمات متراكمة نتيجة السياسات الاقتصادية والمالية السابقة، وأنَّ تغيير سعر الصرف خلال سنتين دون وجود دراسة حقيقية لوضع السوق والنظام المصرفي ولوضع القطاع الخاص أدى إلى وجود فجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق الموازية، لاسيما بعد قيام البنك المركزي العراقي بالعمل بنظام المنصة الإلكترونية لتمويل التجارة الخارجية دون الأخذ بالاعتبار ضعف النظام المصرفي العراقي".

ويرى الشيباني أنَّ "عدم تعامل التجار وخصوصاً صغار التجار مع النظام المصرفي للبنك المركزي أدى إلى شراء الدولار من السوق الموازية لتمويل تجارتهم الخارجية"، مبيناً أنَّ "أغلب عمليات التجارة الداخلية ما تزال تمول بالدولار، وأنَّ العراق يعتمد كلياً على الاستيراد من الخارج بسبب أنَّ الصناعة والزراعة لا تشكلان سوى 4 % من الناتج المحلي الإجمالي، الأمر الذي أحدث فجوة كبيرة بين السعر الرسمي والموازي مما أثر سلباً في وضع الاقتصاد العراقي والمواطن بصورة مباشرة".

وشدد الباحث الشيباني على ضرورة قيام البنك المركزي بإصلاح النظام المصرفي والعمل على إقناع جميع فئات الشعب، لاسيما التجار والمستثمرون وغيرهم من الفاعلين بالاقتصاد العراقي، للدخول بالنظام المصرفي والعمل على حل مشكلة صغار التجار وإيجاد الحلول الواقعية لتمويل تجارتهم، داعياً في الوقت ذاته، إلى تحويل جميع عمليات التجارة الداخلية بالدينار العراقي، وان يكون الدولار لتمويل التجارة الخارجية.