خطوط مرتضى الجصاني

ثقافة 2023/03/12
...

 عبدالهادي سعدون


تكشف لنا لوحات مرتضى الجصاني الفنيَّة عن قدرة هائلة على التغيير والتجديد ليس في اللوحة الخطيَّة نفسها، بل بتأثيرها على قدراتنا بالتذوق الفني ونظرتنا لها من خلال عدة متجددة، تمنحها لنا مع كل عمل جديد وفي كل تأمل آخر لها. 

وهذه المواصفات لا نستطيع أن نجدها إلا في تلك اللوحات الفنيَّة الممتلئة بأسرارها ونضجها وما تخزنه من شيفرات قادرة على منحنا كمتفرجين ومتابعين جزءاً خاصاً من تميزها وتفرّدها، بحيث نخرج مع كل رؤية ومتابعة جديدة وقد حصلنا على عالمنا اللوني والتشكيلي وفق علامات لا حد لها.

لعلَّ الفنان الجصاني نفسه مع هذا التلون والتغاير مع كل لوحة وحرف وخط جديد وعبارة منتقاة من التراث الشفاهي أو الأدبي العربي والعالمي العريق، إنما يجعل من مضمونها طفرة مركزة في بناء هيكل تصوراتنا 

المتوثّب. 

وهذه الطفرات المناسبة لتحريك رؤيتنا وتذوقنا للتصور الفني المعاصر لفن الخط العربي، ما يسمح لنا بمعاينتها كفنٍّ عالٍ خالص وديناميكي، لم يتوقف مع الأسماء الآفلة والحركات والعصور الماضية، بل نرى فيها ما يشفع لنا بتسميتها فناً مستقبلياً حاضراً في الوجدان البشري وفي الحضور الفني المعاصر على أعلى المستويات.

ما يثيرني شخصياً، وأكاد أجزم أنه يحدث مع الجميع بمعاينتهم خطوط الجصاني، هي تلك القدرة على انتشالنا من ركودنا ليغوص بنا في يم الحروف وصراع ألوانها وعوالمها ونقاطها وتشكيلاتها التي لا نهاية لها. 

الحروف والكلمات تتحول من أحجار راكدة إلى أسماك لابطة أو طيور مغادرة في حركات دائريَّة أو ريح مشاكسة أو كخيول جامحة تنقلنا من جهة إلى أخرى داخل حيز محدد اطارياً ولكنه شاسع في تصوراته وعوالمه وأسراره الهائلة.