نوستالجيا رمضان غياب الفوازير عن البرامج التلفزيونيَّة

منصة 2023/03/13
...

  غفران حداد


مع بدء العد التنازلي لشهر رمضان المبارك، وفي كل عام تداهمنا نوستالجيا لذكريات الطفولة والصبا وحنين إلى أجمل الدراما التي تقدم في ذلك الوقت خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات، فوازير شريهان وحكايات ألف ليلة وليلة كانت الضلع الثالث بعد نيللي وفطوطة، عرف الجمهور المصري أول مرة الفوازير عبر الإذاعة في عام 1956، وتحديداً من إذاعة البرنامج العام، إذ كانت الإذاعية الكبيرة آمال فهمي تستضيف أحد الفنانين ليتحدث عن أشياء كثيرة خارج حدود وظيفته كفنان، ويبقى على المستمع أن يعرف مَن هو الفنان؟ كانت الجوائز وقتذاك 5 جنيهات للفائز بالمركز الأول و4 لصاحب المركز الثاني، و3 للفائز الثالث. أما أول فوازير على الشاشة فانطلقت في 1961 باسم «على رأي المثل»، كتبها بيرم التونسي، حتى قرر المخرج فهمي عبد الحميد في عام 1985، تقديم فوازير بطلتها شريهان لتقدم لنا ثلاثة مواسم وهي «عروس البحور»1985 «الأمثال» 1986، «فاطمة وكريمة وحليمة» 1988، وبعد انقطاع عادت شريهان عام 1993 في تقديم فوازير «حاجات ومحتاجات».  مَن مِنا يمكن أن ينسى تلك الفوازير وهي التي اندمج فيها العامي في الفصيح والحداثي في الكلاسيكي، لتكون وتبقى النسخة الشريهانية نموذجا لما يجب أن تكون عليه الفوازير إلى جانب كتيبة الإبداع من المخرج فهمي عبد الحميد، والشاعر طاهر أبو فاشا الذي كتب الأغاني إلى مصمم الرقصات حسن عفيفي، والملحّنين سيد مكاوي ومحمد الموجي إلى جانب بصمة مصممة الأزياء كريمة سعد. كانت هذه الفوازير فاكهة ترفيهية ومنبراً للتثقيف والدهشة، تقدم للمشاهد العربي بعد وجبة الإفطار، وكانت الترترات الخاصة بها والكثير من التابلوهات الاستعراضية الراقصة عالقة إلى اليوم بأذهان الجمهور العربي بدليل المشاهدات المليونية التي توثقها منصة اليوتيوب.

فشل الممثلين 

قدم الكثير من النجوم فوازير حملت الاستعراض والغناء لكنها لم تحقق النجاح، بل إنها لم تترك بصمة في ذاكرة الجمهور المصري وفي العالم العربي نذكر مثلا تجربة الفنان مدحت صالح في عام 1989 فوازير الفنون،  وفي عام 1994 قدم محمد الحلو فوازير «قيس وليلى في المدن العربية»، بينما قدمت جيهان نصر فوازير «الحلو ما يكملش» في عام 1997، وقدمت نادين فوازير «منستغناش» في العام التالي، كما قدم وائل نور في عام 1999 فوازير «جيران الهنا»، أيضا مقدمة البرامج الكويتية، حليمة بولند، قامت بتجربة مماثلة، لكنها جميعها مجرد أعمال فنية  اعتبرها الجمهور  نسخاً مستهلكة مما قدمه نجوم الفوازير من شريهان ونيللي وسمير غانم.


غياب الإبهار 

على الرغم من أن الفوازير الرمضانية كانت جاذبة للمشاهد وفاعلة ومؤثرة بل باتت شهرة نجومية للعديد من الفنانين مثل شريهان و نيللي مرتبطة بهذه  الفوازير، لكن المحطات الفضائية اليوم تجد أن الفوازير ما عادت تقدم الإبهار كما في السابق لعدم وجود ممثلين قادرين على تقديم النجاح والاستعراض والغناء كما كان سابقا، وعلى الرغم أيضا أن غياب هذا الجنس الفني من الدراما يشكّل ثغرة كبيرة في مساحة ما يقدم كل عام في الدورة البرامجية الرمضانية، نعم أن مديري الإنتاج الدرامي اليوم فشلوا في إيجاد ابطال لهذه الفوازير، ولا يفكر أحد بالمجازفة في تقديم أبطال عاديين خصوصا في ظل تسيّد الفيديو كليب الذي يحمل الاستعراض والأغاني بتقنيات حديثة جعلته عامل ابهار بديلا للفوازير، لذا المنتج اليوم يبحث عن الربح ولن  يغامر في إنتاج فن أصبح من الماضي حتى أن معظم كتّاب الدراما العربية اليوم ليست لديهم القدرة على كتابة الفوازير بنكهة كتّابها سابقا امثال عبد السلام أمين، وطاهر أبو فاشا، لذا اكتفوا في كتابة الدراما التلفزيونية الاجتماعية أو الكوميدية التي يكون فيها الربح مضمونا، لذا أصبحت الفوازير بهجتنا الغائبة التي ننتظرها كل عام.