كاتبات: الإبداع مشقَّة والوصول يحتاج إلى مثابرة

ثقافة 2023/03/15
...

 بغداد: نوارة محمد 

وسط دعوات متجددة لإنصاف المرأة ودعمها، يتفاعل رواد منصات التواصل الاجتماعي مع احتفال المرأة بيومها العالمي، اذ تصدر وسم "# يوم المرأة العالمي" قائمة الأكثر تداولا، وجدد المغرّدون عبره الأمنيات والدعوة للتحرر. واستذكر آخرون الفتيات اللواتي كن ضحايا الإرهاب والعنف الأسري.

في هذا السياق قالت الروائية والشاعرة هدى محمد حمزة، إن "الاحتفال بيوم المرأة العالمي هو دعوة الى التأكيد على مطالب المرأة. لا سيما أننا نُذكر العالم بما قدمته المرأة من جهود جبارة ولما لها من دور نشط في شتى المجالات. وسرعان ما اتاح العالم الالكتروني فرصة المشاركة بدا الاحتفال باليوم العالمي للمرأة متجسدا في كل مكان في المعمورة حتى أنه في دول كثيرة أصبح هذا اليوم يشبه عيد الأم منذ ان أقيمت العديد من المهرجانات والجمعيات والمؤتمرات والفعاليات الحكومية لتكريم النساء في يومهن الأغر".

 وتسمح مهمة الكتابة للأديبة أن يكون لها الدور البارز للاهتمام بمعالجة قضايا المرأة، إذ تحولت إلى ناشطة فعالة وهي ترفع صوت كثيرات ممن لا قُدرة لديهن على ذلك، ويدل على تغير موقعها في العصر الحديث وفي المجتمع على الأصعدة كافة. 

وتبين الشاعرة: جسدت في كتاباتي موضوعات شتى تدحض المرويات التي تعد المرأة ناقصة عقل ودين لتسهم في التحول الكبير الذي حدث في رؤية المجتمع نحو المرأة من خلال التأكيد على تعميم التعليم الإلزامي لأهميته في تغيير الوضع الثقافي والإنتاج الفكري بعدما كانت الثقافة الذكوريَّة تعمل على تقنين المرأة وحصرها بمساحة لا تتعدى كونها آلة للإنجاب، وهذا ما يجعل الكتابة بالنسبة لي انثيالاً روحياً يأتي من دون مقدمات نكرّس فيه لغتنا وفكرنا وثقافتنا ووعينا واطلاعاتنا العديدة ومن ثم لا نكتب إلا ما تشكّل داخل صدورنا وعمقنا التكويني.

وتعد الكتابة "بالنسبة للشاعرة هدى" مهمة ومسؤولية تقع على عاتق الاديبات والكاتبات اللواتي أخترن هذا الطريق الشائك، "عندما اخترت مهنة الكتابة لم يخطر ببالي أن الطريق ملبّد وشائك ويلزم منا الكثير من الصبر والتأني، ولا سيما أنَّ الكتابة تحتاج إلى خزين معرفي وموسوعي، ربما وتحتاج إلى كم كبير من تطوير الأدوات في الكتابة، ولا ننسى أهمية الوقت ازاء الاعباء الملقاة على عاتقنا، إن اتساع النشر والكم الهائل من دور النشر و- رغم التكاليف الباهظة - مع دخول أساليب التقنيات الإلكترونية وتطورها كل ذلك أدى إلى نشوء نوع من الأدب الذي يمكن تسميته بـ Take away) ) وهي نوع من النصوص أو القصص تطبع وتباع بآلاف النسخ تكتبها في الغالب نساء ليس لهن علاقة بالأدب والثقافة، خاصة وأنها لم ترتفع بمستوى الأداء الفني للكتابة الأدبيَّة والخطاب الأدبي، ما يجعلنا نشعر بالظلم وخيبة الأمل، خاصة عندما يتم تقديم هذه المنشورات بحسب معايير ليس لها علاقة بالأدب والفن، والطامة الكبرى حينما يتم مقارنة منجزنا الأدبي بنتاجات الرجال، إذ دائما ما يستبعد بعض النقاد كتاباتنا، فقد يسلط النقد الضوء في دراسات مسهبة عن الشعر أو الرواية العراقية لا نجد فيها إشارة واحدة في سطر أو كلمة واحدة عن الكاتبات المبدعات. 

 وتعتقد هدى محمد أن هذا الفصل لا مبرر ولا عذر له، وقد نلاحظ البعض الآخر من النقاد في مقالاتهم النقديَّة المنشورة في العديد من الصحف والمجلات تقتصر على عمل من دون غيره على أنه يدور في طاحونة المديح ليس إلا، كما تضيف، "ومن ثم يتحول النقد إلى ثناء تخدمه الصداقات والعلاقات والمجاملات خاصة من تساعده الظروف للحضور الدائم في الساحة الثقافيَّة من دون الولوج إلى عمق النص أو الرواية ومن دون تسليط الضوء على ماهيته، أو دلالاته، أو موضوعاته، أو سببه"، وتشير الى أن وجود المنافسة الشرسة في الساحة الثقافية فرض مقارنة وتقييماً ومعايير متفاوتة تخدم البعض وتهمش البعض الآخر.. لذلك أنا أؤمن بأن الابداع يحتاج إلى صبر وحكمة مع خزين فكري وثقافي وذكاء في التسويق.. لأن الكتابة لدينا هي علاج لواقع يفرض علينا التوقف عنده رغم انشغالاتنا الحياتيَّة اليوميَّة.  

في هذا السياق ترى أخريات أن تسليط الضوء الذي يحدث في الآونة الأخيرة ليس سوى مظهر من مظاهر الإعلام المزيف، إذ ترى الكاتبة والروائية سارة الصراف أن هناك اهتماما متزايدا بالاحتفال بعيد المرأة بشكل أوسع عن الماضي، كما تقول: لكن الحقيقة هذا لا يعكس أي شيء إيجابي، الفيصل هنا هو حالة المرأة والتقدم الذي نالته خلال عام من حيث القوانين المنصفة وتطبيقها والتوظيف والمشكلات الاجتماعية التي تعيق تقدمها وهذا برأيي أهم من التركيز على الاحتفال. 

وتضيف: بالنسبة لي أرى أن من الرائع أن نحتفل بعيد للأم وأيضا عيد للأب وأعياد أخرى مثل عيد المعلم لأنها جميعها ترسّخ أهمية هذه الأدوار في حياتنا خاصة ونحن نعيش تراجعا بفعل أسباب كثيرة في تفاصيل العلاقة بين الأم والأب والأبناء وإدراك الآباء والأمهات الشباب لدورهم العظيم في بناء الأسرة، أيضا أهمية ترسيخ دور المعلم في عقول الجيل وتعزيز الهيبة والاحترام لدوره. 

وتتابع "أنا مع دور الإنسان في بناء المجتمع أكثر من تصنيف دور المرأة والرجل بالنسبة لي أنا فخورة لكوني أمّاً استطعت أن أقدم للمجتمع 3 أبناء صالحين لديهم درجة كافية من الوعي لبناء أسرة ناجحة". 

وتعتقد أننا في هذه المرحلة جميعنا نساء ورجالا يجب أن نفرد مساحة إضافية لتعزيز الوعي المجتمعي وهذا ما أفعله وأركز عليه في الآونة الأخيرة من خلال المقاطع المصورة والفيديوهات التي انشرها في مواقع التواصل الاجتماعي.

وترى أن الرحلة شاقة لكلا الجنسين، الطريق شائك ومعقد في كثير من الاحيان. وتتابع الصراف أن "الصعوبات التي أواجهها هي ذاتها التي يواجهها الرجل أيضاً، لهذا لا أعتقد أن كوني امرأة أواجه صعوبات أكثر، بل في بعض الأحيان العكس هو الصحيح، حيث في عالمنا العربي عموماً تتمتع المرأة بخصوصيَّة تجعلها مكرّمة ومحتفى بها أكثر من الرجل وقد تجد نفسها محل اهتمام ومساعدة وهذا ما يميز البيئة العربية التي أعتقد أنها داعمة لمن تريد أن تنجز بشكل حقيقي. أنا أعتقد أن الانسان الجدي والمثابر يصل رغم

الصعوبات.