جُــثـَّتــي لِـوَداعــكْ

منصة 2023/03/16
...

  آية سعد


أنا في طريقك الآن ..

أسير إليك بمفردي، من دوني ومن دونك ..

أسير ولا أعلم بأي حقيقةٍ أو وهمٍ أنا؛ لكن قدماي تسحبان بي حيث أرضك القاحلة ونوافذك المغلقة وأبوابك التي تنتظر طرقي لها ..

أسير وتتناثر قصائدي على أرصفة وصلك وهيَ تحمل مئات الأبيات من سطور العتب وقوافي الشوق حتى نفذ مخزوني اللغوي وأنا ما زلت أجهل هل سألقاك أم سأودعك لكن لا تقلق يوجد حل للأمرين معًا، دموعي وتلعثمي للقياك وجثتي لوداعك ..

أسير كالأسير، مسلوب الوطن غريبٌ على أرضٍ لم تسقه إلا العذاب وما زال يسير فيها لأن شيئًا ما يشده إليها أو أن روحه قد سُلبت مع وطنه وبقي جسده يعيش معذبًا هائمًا مهوما، يسعى للهروب فيجد أن لا مهربَ لحريته السجينة هذه ..

أسير وتضيق بي الدنيا ولا أصل، كأن دربك وداع طويل يبدأ لكنه لا ينتهي من شدة شوق أبطال روايته ..

أسير وأنغمس بضياعي، فيُحيط بي الفراغ واللا أحد وذكراك ومحاولات نسياني لها وأنتَ والحزن الشديد ..

أسير وهل لي وجهة تدُلني إليك أو هل لي مُرشد يُوجهني حيث تُوجد أنت وقلبي، فأنا أتّبع خريطة يقيني بحاجتي لك ولي إلى جانبك ..

أسير وأعود أدراجي فيشدني ندمٌ غريب يجعلني أُعوّض خطوتي الرجوع بألف خطوة تقدم حتى تنهار قدماي وتعيا ..

أسير وتُسيطر عليَّ المُعاناة وأشعر بالموت على قيد الحياة وأصبح هشًّا لتكسرني عواصف مناخك وتُزيلني وأعود مهشّمًا أُصارعك لأصل إليك من جديد ..

أسير ويسير خلفي قطار على سكة حديدية مُتهالكة، لا يأتي من محطة ولا يذهب إلى محطة، ولا يحمل أحد بداخله سوى أساه كأنّه أنا لكن الفرق بيننا هوَ أنني أحملك أيضًا معي ..

أسير والصمت قد خيَّم على أرجائي حيث لا يَضجُّ شيء إلا قلبي وأفكاري التي باتت تأكل رأسي وتؤذيني .. أسير كالأيام لا شيء يتغير سوى طريقة ترتيب الأحداث لنصل إلى الهاوية في هذا اليوم كاليوم الذي يسبقه ..

أسير إليك، لكن أبوابي موصدة وطريقي؛ أي طريقك وعرٌ لا يصلح حتى للنظر إليه، هكذا يبدو من نافذة غرفتي التي أرتني لجوئي إليك وأنا جالس على كرسيي المُتحرك ..

لا أعلم يبدو أنّها روحي قد غادرتني قاصدةً إيّاك؛ لأنني لا أقوى على الوقوف منذ آخر لقاءٍ كان بيننا… منذ أن كُنا على 

قيد الحياة.