بغداد: حيدر فليح الربيعي
وشيماء رشيد
شكلت عملية إقرار مجلس الوزراء، لموازنة "ثلاثية" تمتد لغاية العام 2025، نقطة إيجابية قوبلت بترحيب عدد من المختصين بالشأن الاقتصادي، الذين اثنوا على الفقرات الداعمة لزيادة معدلات التنمية المستدامة، لاسيما في الجانبين الصحي والتعليمي، مبينين أن وضع سعر صرف ثابت في القانون عامل سيسهم في ردم الفجوة بين سعري الصرف الرسمي والموازي، مؤكدين أن التخطيط لثلاث موازنات يعد خطوة تعبر عن وجود رؤية اقتصادية واضحة لدى الحكومة.
كما رحبت اللجنة المالية البرلمانية، بانجاز مجلس الوزراء لقانون الموازنة، مؤكدة في حديث لـ"الصباح" عن امتلاكها ثلاث صلاحيات تخص القانون، بضمنها إجراء مناقلات مالية بين بعض أبوابها، فضلاً عن ضغط او تقليص النفقات.
عضو اللجنة المالية البرلمانية، جمال كوجر، يرى خلال حديثه لـ"الصباح" أنَّ "إحدى الايجابيات التي تضمنتها موازنة العام الحالي هي أنَّ ستراتيجية الحكومة ستكون واضحة لمجلس النواب، وأن عملية مراقبة البرنامج الحكومي ستتم من خلال تطبيق ماجاء من بنود في ذلك البرنامج بواسطة الموازنة العامة" مبيناً أنَّ وضع موازنة "ثلاثية" تمتد لغاية عام 2025 يمثل وجود رؤية اقتصادية واضحة لدى الحكومة يمكن من خلالها التخطيط لثلاث سنوات.
وأشار كوجر، إلى أنَّ "لدى البرلمان ثلاث صلاحيات بشأن الموازنة، تتمثل الأولى في ضغط او تقليص النفقات، والثانية هي النقل بين الأبواب في فقرات القانون، لاسيما في حال وجود تضخم لدى جهة معينة على حساب جهة اخرى، في حين تتمثل الصلاحية الثالثة للسلطة التشريعية في إضافة أو تعديل مواد لا تؤثر في الجنبة المالية" وفي حال وجود فقرات تتضمن جنبة مالية يمكن في حينها أن تتم بالتوافق مع الحكومة."
وتوقع النائب، أن يتم تفصيل الموازنة الأولى ومناقشتها بشكل مستفيض داخل قبة البرلمان، في حين ستشهد الموازنتان الثانية والثالثة تغيرات نتيجة عدم ثبوت أسعار النفط عالمياً ولا الكميات المنتجة، لاسيما وأن العراق اتجه نحو جولة تراخيص خامسة يمكن أن تؤدي إلى زيادة الكميات المنتجة من البترول، فضلاً عن وجود مستجدات استثمارية واجتماعية ستؤدي إلى حصول تغييرات قد تكون "جذرية" في الموازنتين الثانية والثالثة.
بدوره، لفت الخبير الاقتصادي، مناف الصائغ في حديث لـ"الصباح" إلى أنَّ "موازنة 2023 في المفهوم العام تعد مختلفة بسبب تناولها ثلاث سنوات مقبلة، وهذا يمثل ستراتيجية اقتصادية مهمة، وهو جزء من الإصرار على تنفيذ البرنامج الحكومي لرئيس الوزراء" مشيداً بوضع تخصيصات مالية جيدة للعديد من الجوانب المهمة في المجتمع، لاسيما الفئات الهشة وشبكة الحماية والأمن الغذائي فضلاً عن وضع تخصيصات لصندوق التنمية بهدف إنجاز مشاريع توفر فرص عمل.
كما أعرب الصائغ، عن ترحيبه بتناول الموازنة وتركيزها على الطاقة البديلة وتحسين الكهرباء، مبيناً أنَّ من بين النقاط الايجابية التي ركزت عليها الموازنة، اهتمامها بالجوانب الخدمية للمواطن، لاسيما الصحية والتعليمية وهو ما يتوافق بشكل تام مع المنهاج الحكومي، فضلاً عن اهتمام الموازنة بالواقع الاستثماري، الذي من شأنه تحريك عجلة الإنتاج والقضاء على البطالة وزيادة معدلات التنمية.
وشدد الصائغ على ضرورة ألا يتم اهمال الفقرات التي تضمنتها الموازنة خلال فترة انجازها في الأعوام المقبلة، مرجحاً أنه ومن خلال وجود وفرة مالية جيدة من العائدات النفطية، يمكن على ضوء ذلك تحقيق أغلب نقاط الموازنة، محذراً في الوقت ذاته، من حصول انعكاسات اقتصادية جراء الأحداث المالية التي يتعرض لها العالم، وتأثير تلك الأمور على الواقع العراقي، داعياً إلى ضرورة وضع رؤية لكيفية التعامل مع ما يمكن أن يحصل من متغيرات في الاقتصاد العالمي والتي قد تنعكس سلباً على الواقع العراقي، لاسيما انخفاض أسعار البترول عالمياً، مشيداً بتثبيت سعر الصرف في الموازنات الثلاث المقترحة. وعلى العكس من الرأي السابق، يرى الخبير الاقتصادي، الدكتور حسين الخاقاني، خلال حديثه لـ"الصباح" أنَّ "اقرار موازنة لثلاث سنوات أو موازنة واحدة تتكرر لثلاث سنوات، هو خرق لقانون الإدارة المالية الذي وضع قواعد إعداد الموازنة ونص على سنويتها، أي أنَّ عمرها كخطة مالية لا يتجاوز "السنة" مبيناً امكانية إقرار موازنة لمدة سنة قابلة للتنفيذ خلال السنة المالية التي تليها، ولكن الخطة المالية للسنة القادمة ستكون قابلة للتعديل وفقاً لتغير التوقعات في الإيرادات وتغير طبيعة الانفاق وكذلك في معالجة العجز المبني على الاقتراض وسداد الديون السيادية، عند ذلك سندخل في دوامة تعديل مبالغ الإنفاق الاستثماري على وجه الخصوص، وقد يكون موضوع التعديل أسهل من إقرار موازنة جديدة.
وأشار الخبير الخاقاني، إلى أنَّ "الموضوع الذي أخذته الحكومة بنظر الاعتبار في الموازنة، هو استمرارية تنفيذ المشاريع التنموية، إذ غالباً ما يتوقف الصرف عند نهاية السنة المالية بانتظار اقرار موازنة السنة الجديدة، لذا فالإيجابية التي ستحصل هو أنَّ المشاريع التنموية والعامة تستمر في تنفيذها لوجود تخصيص مستمر يعبر السنة المالية، وهو الأمر الذي سيساعد الحكومة في توجيه انفاقها الاستثماري خلال السنوات الثلاث دون تلكؤ".
كما لفت المتحدث، إلى أنَّ تلك العملية ستتيح الفرصة للحكومة في أن تبني موازنة جديدة لمدة جديدة قادمة دون أن يكون التوقيت السنوي ضاغطاً عليها، وتعطي فسحة أكبر لتشغيل المشاريع التي ستؤثر إيجابياً في تخفيف البطالة وزيادة استخدام الموارد المحلية بشكل أكثر مرونة.