بلال بشير طه.. الوفاء للواقعية

ثقافة 2023/03/18
...

 علي إبراهـيم الدليمي


منذ أن فتح عينيه، وهو يشم رائحة الألوان الزيتيَّة ويشاهد لوحات والده الفنان الرائد بشير طه، أحد رواد التشكيل العراقي في محافظة الموصل. ذلك هو الوليد (بلال بشير طه) الذي ولد عام 1964، ليتأثر بعدها برسومات والده وأشقائه الآخرين التي غرست فيه فن الرسم، وأي رسم؟ إنّها الانطباعية الأكاديمية «اللاند سكيب» والبورتريت، ليكون بذلك من طلبة الفنان فائق حسن المتميزين

 وبجدارة.

لم يقف عند أعمال والده حسب، بل بدأ ينهل من مكتبته أيضاً، فراح يقرأ جميع ما موجود من كتب ومصادر متخصصة بالفن التشكيلي العالمي ورجالاته الرواد، وكان ذلك في مرحلة الدراسة المتوسطة، ليبتدئ مرحلة التخطيط والمحاكاة لأغلب اللوحات العالميَّة، ومنها لوحات الفنان الهولندي «رامبرانت» الذي تميزت أعماله بالظل والضوء.

وعندما دخل معهد الفنون الجميلة/ الموصل (1980 – 1985) كان الفنان بلال بشير قد قطع شوطاً كبيراً جداً في الرسم الأكاديمي، إذ تأثر أيضاً بالفنان الكبير «نجيب يونس» عندما كان أستاذه للرسم في المعهد، خصوصاً برسم الموديل المباشر، والمعالجة اللونيَّة. فضلاً عن تأثره فيما بعد بالأستاذ الفنان حازم جياد في مادة التخطيط، كلية الفنون الجميلة 1986 – 1990.

بدأ بلال، يرسم التكوينات المعماريَّة في البيئة العراقيَّة، وتأثر كثيراً في كلية الفنون الجميلة في بغداد كفناني ذلك الوقت بأستاذه الفنان الكبير فائق حسن، ومرافقته في ثلاث سفرات لرسم الطبيعة العراقيَّة، ضمن وفد الطبيعة آنذاك الذي كان يضم نخبة ممتازة من طلاب واساتذة الكلية، كانت السفرات لشمال وجنوب العراق، وتمت إقامة ثلاث معارض وقتها؛ معرض عناق الثلوج، معرض أهوار العراق، معرض ربيع الشمال الجميل. 

كما تأثر أيضا بأعمال كل من الفنانين وليد شيت ومحمد صبري اساتذته في كلية الفنون الجميلة/ بغداد، وبعد تخرجه وتفوقه الأول في الرسم، عُيِّنَ «معيداً» في «الكلية» ذاتها لمدة عامين، وفي عام 1999 عمل في وزارة الثقافة والإعلام رساماً في دائرة الفنون التشكيلية.. وما يزال، تمَّ إيفاده إلى إيطاليا/ روما، عام 2006، في دورة صيانة وترميم الأعمال الفنيَّة، وكذلك للاطلاع على طرق ترميم الأعمال الفنية واللوحات، في متحف المودرن آرت كاليري، لمدة ستة أشهر، والإفادة منها لاحقا في معالجة وترميم أعمال المتحف الوطني للفن الحديث، خصوصا بعد الأحداث لعام 2003، التي تسببت بتلف معظم أعمال المتحف، وقام وزملاؤه الآخرون في قسم الصيانة الفنية بمعالجة عشرات الأعمال وإيقاف الضرر فيها وإعادتها لصالات العرض وقاعاتها في الدائرة.

في كل هذه المراحل كان الفنان بلال مواظباً على العمل بصفته رسّاماً وبشكل مستمر للمشاركة في معارض دائرة الفنون، وجمعية التشكيليين ونقابة الفنانين العراقيين.. وايضاً العمل في تجارب فنيَّة تشكيليَّة 

خاصة.

معظم أعمال الفنان بلال يسودها الطابع الواقعي الأكاديمي وهذه المدرسة هي التي استهوته منذ بدايات مسيرته. كذلك أعماله تخص البيئة العراقية، الشناشيل، والأسواق، والخيول والبادية، البورتريت، يميل للعمل الواقعي كونه أقرب ما يكون لفهم وادراك الناس وتذوق الجميع، فضلا عن أعمال مودرن حديثة تجريديَّة وتعبيريَّة.

مواقف كثيرة يعتز بها الفنان بلال، منها مشاركته في ترميم أعمال عالميَّة بجانب خبراء إيطاليين، فضلاً عن ترميم أعمال رواد الفن العراقي، ومشاركته ضمن وفد الطبيعة العراقية لثلاث دورات مع الفنان الراحل الكبير فائق حسن  1998 - 1990، وإقامته معرض لفن الكاريكاتير في دولة الامارات العربية المتحدة1980. نشر رسوماته الكاركاتيرية في جريدة الحدباء، ومجلة ألف باء، 1993، العراقيتين. كما وحصول على الجائزة الاولى عن معرض يوم بغداد، مركز الفنون، العام 2000، وجائزة تقديرية بينالة أزمير/ تركيا، 2001، ومنحه جائزة ودرع التفوق الوظيفي عن وزارة الثقافة، دائرة الفنون العامة 2018، تم ايفاده للصين، العام 2014، ضمن وفد مشاهير الفنانين العرب لمدة شهر، لرسم الطبيعة المباشرة، وقد حصل على المركز الاول، وتم اقتناء أحد اعماله من قبل المتحف الوطني الصيني، بيجين.