التصحر يهدد الواقع الزراعي وينذّر بخسائر اقتصادية كبيرة

اقتصادية 2023/03/25
...

 بغداد: حيدر فليح الربيعي

شدد خبراء في الشأن الزراعي، على ضرورة وضع مبالغ مالية مناسبة في الموازنة العامة لمواجهة التصحر وشح المياه، مشددين على ضرورة تكثيف الإجراءات الحكومية التي من شأنها زيادة اعتماد المزارعين على التقانات الحديثة القادرة على زيادة غلة الأراضي، وفي حين أكدوا وجود روابط وثيقة بين الواقع الزراعي والتنمية المستدامة، اقترحوا جملة حلول لمواجهة الجفاف، بضمنها زراعة مساحات شاسعة من الأراضي الصحراوية.


وتضاعفت في الآونة الأخيرة، حجم المطالبات التي أطلقها العديد من المختصين والخبراء في مختلف المجالات، على ضرورة تكثيف الإجراءات الحكومية الهادفة إلى مواجهة التغييرات المناخية، والحد من زحف التصحر ، والتقليل من أضرار ذلك الأمر على الواقع الزراعي، لاسيما بعد المخاوف التي اطلقتها في وقت سابق مدير عام دائرة الغابات ومكافحة التصحر في وزارة الزراعة، التي لفتت إلى أنَّ «مساحة الأراضي المتصحرة تبلغ 27 مليون دونم، أي ما يعادل قرابة 15 % من مساحة البلاد، محذرة من أنَّ ما يقارب 55 % من مساحة العراق تعد أراضي مهددة بالتصحر».

عميد كلية علوم الهندسة الزراعية بجامعة بغداد، الدكتور كاظم ديلي حسن، يرى خلال حديثه لـ»الصباح» أنَّ «الشح المائي ليس حديثاً، وأنَّ وزارة الموارد لديها دراسات ستراتيجية لمواجهة تلك الأزمة، غير أنَّ الأساس بالموضوع هو التفاهم الدبلوماسي مع دول الجوار، وإطلاق الحصص المائية وفقاً 

لما يحدده القانون الدولي».

وأشار حسن، إلى وجود انخفاض هائل في مناسيب نهري دجلة والفرات، وازاء ذلك لا يمتلك العراق سوى استخدام التقانات الحديثة للري، بهدف ديمومة الإنتاج الزراعي، لاسيما الري بالتنقيط والري بالرش، وقد طرحنا مشروعاً في الوقت السابق، خلص إلى ضرورة أن تستهدف وزارة الزراعة الأراضي الأكثر خصوبة في البلاد لديمومة إنتاجها وزيادة الغلة فيها، حيث أنَّ الأراضي الأعلى غلة عادة ما تعطي أعلى إنتاجاً، وهذا الأمر سيسهم بنجاح الخطط الزراعية الموسمية للوزارة، وستؤدي بالتالي إلى توفير المحاصيل الضرورية في الأسواق المحلية وتقلل من حجم الاستيراد».

كما شدد حسن على ضرورة دعم وتشجيع عمليات الزراعة في الأراضي الصحراوية واستغلال المياه الجوفية التي تتوفر بكميات كبيرة في العديد من تلك المناطق، كاشفاً في هذا الصدد عن زراعة قرابة مليوني دونم من الحنطة في المناطق الصحراوية الواقعة بين محافظتي كربلاء والنجف، ووفقاً لنظام الري بالرش.

وأشار عميد كلية علوم الهندسة الزراعية، إلى أنه ووفقاً لدراسات أعدها خبراء ومختصون فان العراق لديه مياهاً جوفية كبيرة، لاسيما في مناطق السماوة التي تعد أدنى نقطة ويمكن استغلالها بدرجة كبيرة في زراعة أصناف مهمة، واستنساخ تجربة كربلاء التي نجحت خلال سنتين في استغلال أراضٍ صحراوية شاسعة.

وأشار حسن، الى ان الحكومة تعمل بشكل جيد في الجانب الخدمي، ولا اتوقع أن تبخل بشيء في الجانب الزراعي لتأمين السلة الغذائية للمواطنين، مؤكداً أنَّ تخطيط وزارة الزراعة سليم جداً في مختلف المجالات التي من شأنها توفير المتطلبات الداخلية من المواد الغذائية التي يمكن زراعتها في البلاد، مؤكداً أنّ الهدف الأساسي لتطوير الواقع الزراعي هو تمكين الفلاحين من استخدام التقانات المتطورة التي يمكن ان تضاعف غلة الأراضي وتوفير احتياجات السوق المحلية من المنتجات الزراعية، مشيراً إلى أنَّ الزراعة حزمة متكاملة من التقانات الحديثة والأسمدة الذكية/ لكن للأسف مازال المزارع يعتمد بشكل كبير على الأسمدة التي تفقد 50% من قيمتها بمجرد استخدامها، مشدداً على ضرورة التوجه إلى الزراعة العضوية والأسمدة الحيوية والذكية وتثقيف المزارع على تلك التقانات الحديثة لزيادة الغلة والإنتاج.

وكان المستشار في وزارة الزراعة، الدكتور مهدي ضمد القيسي، أشار في وقت سابق لـ»الصباح» إلى أنَّ «هوية العراق زراعية وستبقى كذلك، وأن جميع مقومات النهوض بهذا القطاع متوفرة شريطة تغيير الخطط والبرامج والستراتيجيات التي تهدف الى ترشيد وتقنين استخدامات المياه، وبالشكل الذي يتلاءم وأزمة المياه وقلة الإيرادات الواردة إلى البلد».

وأقر القيسي، بحجم المخاطر التي يمكن ان تواجه القطاع الزراعي جراء التغييرات المناخية، مؤكداً أنَّ تلك التغييرات أثرت بشكل كبير على هذا القطاع وتسببت بخسائر واسعة، لذا ينبغي التحول بشكل كامل صوب الري بالرش والتنقيط والري السطحي المطور.