اسمه ونسبه
21 عاماً قضاها أبو القاسم الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي في خدمة الإمام المهدي الحجة بن الحسن بن علي (عج) وكانت الوساطة له بين الناس وإمامهم، إذ كان من أوثق الناس وأعظمهم وأصدقهم وأعرفهم بالأمور، محترماً ومبجلا عند الخاصة والعامة له مكانته لصدقه ومعروفه وصلاحه ولين جانبه. هو السفير الثالث كما يلقبه العراقيون الذين يزورون مرقده الشريف ببغداد في شارع الجمهورية وفي منطقة الشورجة تحديداً.
جريدة "الصباح" تشرفت بزيارة هذا المرقد الشريف والتقت الأمين الخاص للمزار السيد علي صادق عزيز الياسري، ضمن سعيها الدؤوب لتعريف القارئ بالشخوص الدينية ـ التاريخية التي خلدها التاريخ.
يقول الأمين الخاص للمزار: "الحسين بن روح هو الشيخ أبو القاسم الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي، وهو ثالث سفراء الإمام المهدي المنتظر (عج)، وهو من أسرة أصلها من بلاد فارس عرفت بالعلم، وجاءت تسميتهم نسبة إلى جدهم الأعلى نوبخت، وهو عالم كبير أشار على خليفة بني العباس أبي جعفر بإعادة بناء مدينة بغداد بشكلها الدائري، وقيل سمي بالنوبختي نسبة إلى سكنه في حي النوبختية في بغداد، و نوبخت مكونة من مقطعين هما (نو) وتعني الجديد، و(بخت) وتعني الحظ أو السعادة، فيكون معناها الحظ الجديد".
ويضيف الياسري: لم نجد في الكتب التاريخية تاريخاً لولادته، أما وفاته فكانت في شهر شعبان عام 326هـ، إذ بدأت بوفاته نيابة وسفارة السفير الرابع للإمام المهدي (عج) الشيخ علي بن محمد السمري رضوان الله عليه، وقد جهز وشيع تشييعاً حافلاً ودفن في مثواه الأخير.
ويؤكد الياسري : أن أهل البيت عليهم السلام جعلوا شبكة من الوكلاء في جميع البلدان في عصر الغيبة الصغرى ومع حرج وصول الإمام سلام الله عليه، جعل سفراء أربعة ينوبون عنه في حال غيابه وهذه الفترة تسمى بالخاصة أو الغيبة الصغرى التي امتدت 71 عاماً في رواية وأخرى استمرت 69عاماً على اختلاف الأزمنة، السفير الأول كان عثمان بن سعيد العمري الأسدي رضوان الله عليه، ومن ثم ابنه محمد بن عثمان الملقب بالخلاني رضوان الله عليه، عندما حضرت الوفاة للشيخ الخلاني السفير الثاني أمر الشيعة بالعودة أو الرجوع إلى الحسين بن روح النوبختي وكان في حينها هو من وجوب الشيعة وشيوخها وعندما سُئل الخلاني، وهو في حالة الاحتضار، لمن الأمر من بعدك ومن سيحمل الرسالة من بعدك؟ أمرهم حينها بالعودة إلى أبي القاسم الحسين بن روح النوبختي، فقد قال "قد أمرت أن أجعله في موضعي من بعدي فارجعوا إليه وعولوا في أموركم عليه".
فكانت سفارته عام 305هـ لغاية شعبان عام 326هـ وبهذا يكون قد أكمل 21عاماً قضاها في خدمة مولانا صاحب العصر والزمان وهو الواسطة بين الناس والإمام الحجة وكان من أوثق الناس وأعظمهم وأصدقهم وأعرفهم بالأمور، فقد وصف بأنه كان محترماً ومبجلاً عند الخاصة والعامة، فكانت العامة تعظمه لصدقه ومعروفه وصلاحه ولين جانبه، وحسن استعماله لمواطن التقية لإبعاد الأنظار والشبهات عن علاقته بالإمام صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه الشريف.
وكان رضوان الله عليه قوي الإرادة، شديد الصلابة في الحق، وكان رجلاً حليماً صاحب صبر كبير وحكمة حولت عداء الكثير من مخالفي مذهب أهل البيت (عليهم السلام) إلى محبة وولاء.
بناء وعمارة
ويستمر الأمين الخاص للمزار بحديثه قائلاً: مرّ المزار الشريف بمراحل عمرانية متعددة، أولها كانت عبارة عن غرفة صغيرة تحتوي على القبر الشريف فقط، وفيما بعد تم شراء بعض العقارات المجاورة ليتم ضمها للمزار الشريف وتوسعته بعد أخذ الإذن والمباركة من مرجع الطائفة آية الله العظمى في حينها السيد محسن الحكيم (قدس سره)، وبإشراف المتولي الشرعي المرحوم السيد أمين آل عيسى الحسني (رحمه الله) الذي عمل على إعمار وتوسعة المزار الشريف على نفقته الخاصة وبمساهمة من بعض تجار منطقة الشورجة، إذ تمت توسعته لتبلغ مساحة الحرم 400 م.
أما المرحلة الثانية فكانت في عام 2014، إذ تمت صناعة الشباك في جمهورية إيران الإسلامية، والثالثة كانت في عام 2018 ، إذ أوعزت الأمانة العامة للمزارات الشيعية الشريفة للكوادر الهندسية بإعادة تأهيل الأرضية والجدران، بمادة المرمر الإيطالي المنشأ وكذلك أعيد تأهيل السرداب والذي كان يحتوي على مياه جوفية تمت معالجتها بطريقة الحقن الإسمنتي.
أما المرحلة الرابعة فكانت في عام 2020 وفيها أعيد تأهيل القبة من الداخل، إذ تم تغليفها بمادة الزجاج (العين كار) ذات الطراز الإسلامي، وكذلك نصب ثرية ذات منشأ ومواصفات ممتازة ويأتي هذا العمل تبرعاً وعلى نفقة سماحة العلامة السيد عبد العالي الموسوي.
هندسة بنائية
وعن تفاصيل المزار يحدثنا الأمين الخاص للمزار بالقول: المساحة الإجمالية للمزار تبلغ 716م، مساحة الحرم 400م أما مصلى النساء فهو غرفة مساحتها 4×6 وتكون معزولة عن الحرم، يبلغ ارتفاع القبة 22م وبقطر 11م مغلفة من الخارج بالكاشي الكربلائي، ومن الداخل بالزجاج والعين كار، أما الشباك فصنع في مدينة أصفهان كما ذكرنا بارتفاع 2م ونصف وبعرض 3م. وضمن المساحة هناك دار ضيافة وغرفة الأمين الخاص والإدارة، فضلاً عن غرفة القارئ والمؤذن وغرفة الشؤون الدينية، كما يوجد هناك سرداب أعيد ترميمه سنة 2018 وهو مستخدم كمخزن للمزار.
أما المعاون الإداري للمزار السيد علي حسن إبراهيم الحيدري فحدثنا عن أبرز النشاطات التي تقام في المزار الشريف قائلاً: "بالطبع الأمانة العامة للمزارات الشيعية الشريفة لها دور كبير وداعم لكل النشاطات التي تقام في جميع مزاراتنا الشريفة، ومن المعلوم أن المزارات وخصوصاً في هذه الأماكن هي ملتقى للأدباء والشعراء، إذ يقع المزار بالقرب من شارع المتنبي والقشلة والمدرسة المستنصرية وهذه المناطق تعد جاذبة لرواد الثقافة والفكر والأدب، ويشهد المزار الشريف إقامة العديد من الدورات والنشاطات الثقافية والقرآنية، إضافة إلى إحياء المناسبات الدينية كالولادات والوفيات للائمة الأطهار على مدار السنة.
وأثناء تجوالنا في المرقد الشريف التقينا بأحد المترددين على المزار السيد أحمد حسين وهو من أهالي المنطقة، إذ قال: يخدم هذا المرقد أهالي المنطقة ففيه تقام الصلاة وإحياء المناسبات الدينية والدورات الثقافية والقرآنية، التي تثقف أطفالنا بالدرجة الأولى.
ويختتم الأمين الخاص للمزار سماحة السيد الياسري حول الزيارات قائلاً: إن الزيارات الخاصة والعامة تقام على مدى الأيام وخاصة يومي الجمعة والسبت، ويعج المزار بالزائرين من جميع أنحاء العراق ودول الخليج والعالم الإسلامي.