ابتهال الموسوي
جاء في خطبة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله في شهر رمضان (هو شهرٌ دُعيتم فيه إلى ضيافة اللّه وجعلتم فيه من أهل كرامة اللّه، أنفاسكم فيه تسبيح، ونومكم فيه عبادةٌ، وعملكم فيه مقبولٌ، ودعاؤكم فيه مستجاب).
مع اقتراب شهر رمضان شهر الرّحمة والبركات، تكثر المقالات عن كثرة عمل المرأة في المطبخ وانشغالها بإعداد الطّعام وغسل الأطباق وغيرها عن القيام بعبادات الشّهر المبارك، وقد يأخذ هذا الأمر حيّزا مبالغا فيه حتّى أصبحت المرأة ترى في هذا الأمر ثقلاً روحيّاً يشقّ عليها ويشعرها بالتّقصير العباديّ، ولو تأملنا في مقطع خطبة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله (أنفاسكم فيه تسبيحٌ ونومكم فيه عبادةٌ) فأيّ كرامة هذه وأيّ لطفٍ ورحمة تشمل العبد في هذا الشّهر الفضيل وفيها جوابٌ لكلّ امرأة سواءٌ كانت أمّاً أو زوجة أو بنتاً، شرفها اللّه بنعمة خدمة عائلتها في شهر رمضان.
فساعات إعدادك للطّعام سيّدتي ليست وقتاً ضائعاً بغير عبادة، عملك أيّتها الحبيبة أو الزوجة أوالأخت في مطبخك سواءٌ للطّعام أو لغسيل الأطباق هو بلا شكٌّ مقبولٌ عند اللّه ما لم يتعدّ حدود المعقول، إذ إنّ ساعاتك وجهدك لم تذهب هباءً، فهي بعين اللّه تعالى، فمن جعل فيه الأنفاس تسبيحاً والنّوم عبادة لا يضيع عنده جهدك وتعبك، خصوصاً إذا استشعرت النّية الخالصة مع الرّضا والشّكر للّه على شرف هذا التّكليف.
فالمتأمّل في أحاديث رسول اللّه وأهل البيت عليهم السّلام سيعرف عظمة وأجر إطعام الطّعام في شهر رمضان ومقدار الأجر الّذي ضمّنه.
وسوف أبيّن ما يقتضيه المقال من هذه الأحاديث المباركة الّتي فيها سرور النّفس لكلّ امرأة تعطي من وقتها لخدمة الصّائمين في بيتها فهلمّوا معي نتأمّل: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: "من فطر صائماً كان له مثل أجره غير أنّه لا ينقص من أجر الصّائم شيئاً".. وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: "من فطر مؤمنا وكل الله به سبعين ملكاً يقدسونه إلى مثل تلك الليلة من قابل، ومن فطر اثنين كان حقاً على الله أنْ يدخله الجنة".
وعن زرارة، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: من فطر مؤمناً كان كفّارة لذنبه إلى قابل ومن فطر اثنين كان حقّاً على اللّه أنْ يدخله الجنّة. وقال الباقر (عليه السّلام): أيّما مؤمن فطر مؤمناً ليلة من شهر رمضان كتب اللّه له بذلك مثّل أجر من أعتق نسمة، قال: ومن فطره شهر رمضان كلّه كتب اللّه له بذلك أجر من أعتق ثلاثين نسمة مؤمنة، وكان له بذلك عند اللّه دعوة مستجابة.
من هذا المنطلق وعلى ضوء ما ورد عن العطرة الطّاهرة (سلام اللّه عليهم) ينبغي لكلّ امرأة في أيّ مرتبة تكوّن أنْ تستعدّ لكسب أضعاف الأجر مقابل ما تقدّمه من خدمة للصّائمين من أرحامها وضيوفها وما عند اللّه خير للأبرار.