إيقاد الشَّعر في أتون العتمة

ثقافة 2023/03/28
...

  ضياء الأسدي


 من جديد الشاعر والكاتب ريسان الخزعلي إصدار شعريّ بعنوان" نزهة في السواد" من ضمن منشورات اتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، نرافقه في تخوم القصائد المنتقاة من دياجير النصوص التي عمّدها بهذا اللون الغارق بالأحداث،  حتى شرع بتتويج هذا اللون على مفتتح ديوانه حينما قال: 

ما 

كان الأسود لونا

إنه 

عثرة الضوء 

على عيون المعرّي ...

الخزعلي الذي حرص على إضاءة دفتي نصوصه، بحواسه المتدفقة من أعالي اللون الذي يتناسل احداثا مؤلمة وأخرى هائمة بين أوراق الأسئلة، كما في قصيدة لكامل شياع، شهيد طاله رصاص طغمة السواد ذلك اللون الذي تنزّه به الشاعر وهو يحمل شجنه على كفّ المصيبة، إذ قال:

في طريق المرور السريع كان المهرجان

/ كاملا/ يشيّع قمرا تحيطه الفراشات بالرفرفة.

ومن ذات اللون يستلّ الخزعلي تساؤلاته المتوارثة في نص حمل تذكيرا بتلك الانشغالات المؤطرة بالخسارات وتعاقبها المخيف اطلق عليه "انشغالات متوارثة":

كلما 

شاهدت تابوتا

تلمست حياة الآخرين

وكلما تلمست حياتهم ..

وجدت توابيت منضّده !

هكذا نودع المسرات دون مصافحة.

المؤلف الذي برع في صياغة نصوصه الموغلة في اليوميات المحملة بالأحداث، ينقلنا عبر نزهته إلى شراكات نادرة في أروقة الموسيقى والحكمة والمرويات، كأن هناك قصدية ناعمة للهروب من عتمته التي توّج فيها عناوين قصائده، مثل تجواله الشفيف في نص " موسيقى التلامس".

وإنبرى الشاعر في نص "مراجعات الصحو" إلى صياغات لفظية محملّة بالحكمة التي أجاد فيها.. لفظا ومعنى حينما نسج من عباراته هذه المراجعات الزاخرة.

حفلت مجموعة "نزهة في السواد"، بالكثير من النصوص التي كاشف بها الخزعلي هيبة السواد  وانكساراته وتـأنيبه تارة والخوض بتجلياته التي وشّحها بألوان شعرية هاربة من الوقت، كما في نص" ضوء وكأس". ولا يمضي الشاعر إلى ختام نصوصه دون الخوض بالمرويات والتاريخ والحضارة كما يقول في نص "جمرات"  وفي نص"الأرث الكبير " تناول فيه الخزعلي مفردات الجنوب، ذلك المكان الذي سكن جلّ قصائده، حيث استخدم مفردات الهال والحندقوق وغيرها.

الجدير بالذكر أن الشاعر والناقد ريسان الخزعلي، يُعّد من الأسماء المنتجة والمؤثرة في الساحة الثقافية، ولد في قضاء الميمونة في قرية الهدام بمحافظة ميسان العام 1952، أصدر العديد من الكتب الشعرية والنقدية فضلا عن الدراسات الأدبية التي نشرها في الصحف العراقية والعربية كتب الشعر بلونيه الفصحى والشعبي، نال شهادةالبكالوريوس في الهندسة الكهربائية من الجامعة التكنلوجية العام 1976. 

أصدرنحو ثلاثة وعشرين كتاباً تنوعت مابين النقد والشعر .