الدراما الرمضانيَّة والتعلُّق بالشخصيَّات

منصة 2023/03/28
...

  ضحى عبدالرؤوف المل


التغييرات في الدراما الرمضانيَّة طفيفة لو تعمّقنا بالتحدث عنها لما تحمله من وظيفة أساسية في صنع تغييرات في المجتمع المتسارع في التقدم العلمي والتكنولوجي الذي يبتعد عنه مجتمعنا العربي الذي بات ينتظر الدراما الرمضانية، وسباقها المحموم المؤثر كيميائيا أو تفاعليا على المشاهد الذي يتابع الدراما كل عام، من دون أي تقدم ملموس في الرؤيا الرمضانية من حيث موضوعات التمزّق الاجتماعي ، والقتل والعصابات والسرقات، وحتى الفكاهة التي يمكن لها أن تضعنا في قالب من السخرية الذاتية المعاصرة، كما في الأدوار التي تقوم بها الفنانة يسرا وتميزها في الشخصيتين بين مسلسل "أحلام سعيدة" العام السابق، ومسلسل هذا العام "ألف الحمدلله على السلامة". فإطلالة الممثل باتت منتظرة عند مشاهد يتضور جوعا دراميا على مدار سنة كاملة،  لنشهد براكين المسلسلات تنفجر على الشاشة مع مئات العناوين كل عام. 

إلا أنّه في حقيقة الأمر بات الانتظار للوجوه الفنية التي أدمنها المشاهد أكثر كما هي الحال في مسلسل "الكبير أوي" مع الممثلة رحمة أحمد التي انطلقت العام الماضي مع "أحمد مكي" الذي يخلط بين الأزمنة بأجواء فكاهية بحتة ساخرة من المفاهيم الشعبية التي أدمنها المشاهد، وبات يتطلع إليها كنوع من المزج بين المؤثرات الغربية والأخرى الشعبية جدا. فعمدة قرية المزرايط الذي تزوج من امريكية وأنجب منها ثلاثة توائم أحدهما تربى في الصعيد والآخر في أمريكا والآخر في القاهرة هي اختصار للمجتمعات الريفية والمدنية والأخرى الغربية بمفهومها الضيق لنشهد على كوميديا سوداء في جوهرها وكوميديا ترتبط بسلوكيات الشخوص الساذجة نوعا ما. إلا أنه ينتقد بشكل لاذع ما يحدث في الأرياف والمدن، وكيف يمكن أن يترجم ذلك على المغتربين. فهل الدراما الرمضانية لا تتقدم كما ينبغي، وكما هي واضحة تماما في أجزاء مسلسل أحمد مكي على مدار سنوات سبعة؟ وهل تقديمي لأنموذج الكبير أوي هو اختصار لما حملته الدراما الرمضانية خلال سنوات؟ أم ننتظر الوجوه الفنية التي أدمناها أكثر من الموضوع الدرامي، وما يعالجه من تخبطات نفسية واجتماعية وغيرها، كوجه الفنانة يسرا، وياسمين عبدالعزيز، وريهام عبدالغفور، ومحمد رمضان، ونادين نسيب نجيم، ومنى زكي، وغيرهم؟

إنَّ التفكير المنطقي في الدراما الرمضانية التي تتشابه كل عام. لتصبح في أغلبها تنافس بين الوجوه التمثيلية المرغوب بها عند المشاهد الذي أدمن مشاهدتها، ومجددا كالفنانة يسرا التي ننتظر إطلالتها المميزة كل عام في أدوار مختلفة نوعا ما تحمل في طياتها كوميديا بنكهة مختلفة تتماشى مع الشباب الذين تختلط معهم، وكأنها تمزج بين الأجيال برؤية عصرية. إلا أننا ما زلنا نحتاج دراميا إلى انتفاضة من نوع آخر. خاصة وأن ما تقدمه ثقافة الأنيمي للجيل الجديد جعلتهم غير قادرين على متابعة الموضوعات الدرامية التي يتم انتاجها كل عام بشكل كلاسيكي، ويعزز في بعض منه الفتوة والقوة والثأر، وكأننا نعود إلى زمن وحش الشاشة فريد شوقي الذي قدم للسينما المصرية أدوار الشر احيانا وأحيانا أخرى أدوار الدفاع عن الغلابة. لكن في زمن لم تكن فيه التكنولوجيا تتسارع كما الآن، بل في زمن قدم دراميا رؤية انفتاحية لخروج الإنسان من قوقعته الاجتماعية ليرى العالم الجديد. 

فهل أفيون الدراما الرمضانية هو إدمان يجب أن نتعافى منه لنتحرر من الوجوه، ونتعلق بالفكرة والمضمون بعيداً عن ما يمثله الممثل للمشاهد؟ وهل يجب على الدول العربية كافة ممارسة الانتقاد الذاتي على الموضوعات التي يتم طرحها؟ أم أن غياب الدراما الروائية بمعناها الأخلاقي والمتنوع هو ما يجب أن يتحقق لنتعافى من الإدمان الذي لا يغني ولا يُسمن من جوع؟