بغداد: ضياء الأسدي 

لا يخفى على المتلقي أهمية الموسيقى التصويرية في العمل الدرامي، والتي ممكن أن تشده بقوة الى التناغم مع معطيات النص، ومراقبة حركات الممثلين وانفعالاتهم، التي لن يقنع بها المشاهد من دون الحفاظ على صناعة لغة موسيقية، تتجانس مع لغة العمل البصرية، لا سيما أن الفعل الموسيقي المتقن والمتصاعد مع ذروة الحدث يؤطر المشهد الدرامي بحبكة متكاملة لايحيد عنها المتلقي قيد انملة.

والموسيقار العراقي يوسف عباس الذي دخل مضمار تأليف الموسيقى التصويرية من أوسع أبواب الجمال، استطاع أن يقترب أكثر من إشراك المشاهد داخل الحبكة الدرامية المتكاملة، من حيث خلق مناورة موسيقية متصاعدة، تتزامن مع كل حركة في المشهد وانتقالة عين الكاميرا.

وبعد نجاحه في وضع الموسيقى التصويرية للمسلسل العراقي "وطن"، الذي عرض في شهر رمضال الفائت، يعود الينا في وضع موسيقى مسلسل "بغداد الجديدة" للمخرج مهند حيال والمؤلف مصطفى كاظم، والذي ما زال يعرض في شهر رمضان المبارك، لينهمك في وضع موسيقى تصويرية منحت العمل بعدًا سمعيًا لا مناص من وضع علامات الإعجاب فيه ونحن نشاهد حلقاته الأولى.

الموسيقار عباس بيّن لـ"الصباح" أن حنكة المخرج وفكرة المؤلف استطاعتا أن تمنحاني حرية كبيرة في وضع الموسيقى التصويرية لهذا العمل، الذي يدور حول شخصية أستاذ جامعي يدخل السجن بتهمة ملفقة، ليخرج منه بشكل آخر لا تشبه شخصيته، ومن هنا كان لا بدّ من أن نضع موسيقى مختلفة من ناحيتي الآلات والتأليف".

مضيفا ان" العمل الموسيقي في النص كان يجب أن يتواءم مع نظرة البطل للعالم وللأشخاص الذين يشاركونه الحدث، لذلك اخترت آلاتٍ موسيقية صولو مع آلات اوركسترا، تعبّر عن الأحداث ذات النظرة الشاملة في النص".

منوها بأنه استخدم آلاتٍ شبه منقرضة، ولم يسبق لها أن تسجل في عمل فني ودرامي، مبينا أن" الآلة الأولى اسمها (بالي تنبور)، وكانت تعزف بالريشة، لكنها كانت تعزف قبلا بواسطة القوس، فاستطعت من استرجاع العزف بالقوس، لكي نظهر حالات الحزن والشجن بالعمل، وهذه الآلة خير من تجسد ذلك"، مشددا على أنه استخدم آلاتٍ مختلفة لعازفين من كرواتيا وليتوانيا، فضلا عن مجاميع من مصر ولبنان أسهموا بتشكيل هذا العمل الاوركسترالي ما جعل هناك غزارة في الصوت المنتج".

وعلى صعيد الساحة العربية، استطاع عباس الذي شارك خلال هذا الموسم الرمضاني من وضع الموسيقى للمسلسل المصري "تلت التلاتة"، بطولة النجمة غادة عبدالرازق ان يضع قدمه مع كبار المؤلفين الموسيقيين في المجال الموسيقى التصويرية، إذ قال:" الموسيقى التصويرية نابعة من فكرة التأليف أساسا، لذلك أن كل تأليف لمشهد يعد قطعة موسيقية بحد ذاتها، لكن الفرق هنا انها توضع على الصورة وتسير مع الحدث، واعتبر صناعة الموسيقى التصويرية هي تأليفا كاملا".