سعد صاحب 

الأغنية الرمضانية المصرية بصورة عامة، توصل اليك روح الصوم، بطريقة ملأى بالخشوع والانشداد والتصوف والاقتراب من ملكوت الرب العظيم ويصبح السامع اليها متعلقا بين الخوف والجذب والمناجاة والرجاء ومشاكسة الهوى . وقبل الولوج لمعرفة المعاني، لابد من تفسير بعض المفردات بحسب المصادر: كلمة ( وحوي ) تعني بالمصرية الفرعونية ( فرحي ).

اما كلمة ( اياحه ) فمعناها ( قمره ) واصلها اياح ( قمر ) وتكون بهذا الترتيب :( فرحي يا فرحي / قمر بنت السلطان / قمر لابسه فستان )، اما الكلام الحالي فهو ( وحوي يا وحوي اياحه / روحت يا شعبان اياحه / وحوينه الدار حين يا رمضان / وحوي يا وحوي اياحه ). 

جو عرفاني 

حينما يهل هلال رمضان المبارك ، تدخل البلاد الاسلامية باجمعها بجو عرفاني حميم ، بعيد عن الماديات الهشة ، ويتم التوجه الى دواخل الارواح الحالمة بالغفران ، ولم يكن مقتصرا على دولة محددة ، وانما كل الشعوب تتسابق باظهار الوجه الناصع ، لاستقبال ذلك الشهر الفضيل المخصص للصيام والعبادة والعطاء والانفاق والبركات  وهجران المعاصي والذنوب والكذب والغيبة والاحقاد . ( هل هلالك والبدر اهو بان / يالله الغفار / شهر مبارك وبقاله زمان / يالله الغفار / محله نهارك بالخير مليان / وحوي يا وحوي ). 

هالات النور 

تقام الاحتفالات في المساجد ابتهاجا بهذا القادم الكريم ، وتتجدد الحصران القديمة وتكثر الاضاءة وهالات النور المنبعثة من النشرات الضوئية المعلقة فوق المباني، ويجد المساكين ما يسد حاجتهم من الطعام والشراب والعصير والحلوى بدون اسراف، ولأن قلة الاكل لها الكثير من الفوائد ، واثبت طبيا ان العديد من الامراض يتم علاجها بالصوم، بعد انقطاع الصائم عن تناول ، الدهون والمواد السكرية واللحوم والاملاح .( جيت في جمالك سقفوا يعيال / محله صيامك فيه صحه وعال / نفدي وصالك بالروح والمال / وحوي يا وحوي ). 

خيرات 

رمضان في مصر بشكل خاص له حضور مهيب  وترى مظاهر البهجة والسعادة والسرور في كل مكان ويبدو الصفاء واضحا على وجوه الناس المتسامحة، ويتجلى التعامل الانساني الاصيل، في التأمل والاعتكاف والصلاة والعزلة المفيدة، وكثرة القربات والابتعاد عن اللذائذ، وتقديم الخيرات الى المحتاجين اكثر من باقي الشهور .( طول منشوفك قلبنه فرحان / يكثر خيرك اشكال والوان / بكره في عيدك نلبس فستان / وحوي يا وحوي ). 

فوانيس 

الأطفال يحملون المشاعل والمصابيح والفوانيس، ويطوفون في الساحات والازقة والشوارع، وكانت الثريات الكبيرة تضيء في الاسواق، وما أكثر النذور والثوابات والعطايا، والموائد الممتدة الى مسافات بعيدة، وتوزيع السلال الغذائية على الفقراء، وتشجيع الاطفال على الصيام، وتقديم الهدايا البسيطة لهم .( هاتي فانوسك يختي يا احسان / اه يا ننوسك في ليالي رمضان / ماما بتبوسك وباباكي كمان / وحوي يا وحوي ). 

كلام الشاعر حسين حلمي الما نسترلي مليء بالشجن والصدق والفطرة والبساطة والايمان وينبع من القلب بلا مبالغة ولا تكلفة ولا تزويق، وصوت المطرب المقتدر احمد عبد القادر يعود بنا الى المبادئ الانسانية العليا، ومحاربة الاهواء والرغبات والمطامع والملحن احمد شريف يسوغ لنا تجديد الولاء الى العقل، وضبط النفس عند الانفعال وتنقية الضمير من الشوائب .