مشروع {ويللو} المثير للجدل

بانوراما 2023/03/30
...

  إيلا نلسين

  ترجمة: مي اسماعيل 

صادقت إدارة الرئيس الأميركي "بايدن" على مشروع "ويللو" المثير للجدل، مؤججة غضب حماة البيئة ومعدة المسرح لتحدٍ في المحكمة. أمضى مشروع "ويللو-Willow" لحفر البترول الضخم على المنحدر الشمالي في ألاسكا لشركة "كونوكوفيليبس" أشهرا  في مسار الادارة لإستحصال الموافقة، محفزا لانتفاضة مفاجئة ونشطة ضده على الانترنت، كان من ضمنها ارسال نحو مليون رسالة احتجاج الى البيت الأبيض تعارض المشروع، وجمع توقيعات على إلتماس رافض تحت عنوان "Change.org".



 مَن يؤيد مشروع ويللو؟

المشروع الذي اقترحته شركة كونوكوفيليبس هو مسعى ضخم للتنقيب عن النفط يمتد لعقود من الزمان عند المنحدر الشمالي لمنطقة ألاسكا، في "محمية البترول الوطنية" المملوكة للحكومة الفيدرالية. تحوي المنطقة التي أقتُرح فيها المشروع نحو ستمئة مليون برميل من النفط، وهو مخزون سيتطلب سنين طويلة حتى يصل الى الأسواق، طالما ان المشروع لم تجرِ إقامته بعد. يقول المشرعون الحكوميون ان المشروع سيخلق فرص عمل ويُحفز انتاج الطاقة المحلية ويقلل اعتماد الدولة على النفط الأجنبي. التقى المشرعون الثلاثة من الحزبين في ولاية ألاسكا ضمن وفد الكونغرس بالرئيس جو بايدن وكبار مستشاريه مطلع آذار، وحثوه وإدارته على الموافقة على المشروع. كما ان تحالفا من مجموعات سكان ألآسكا الاصليين في المنحدر الشمالي يدعمون المشروع أيضا، قائلين انه مصدر دخل جديد تشتد الحاجة إليه للمنطقة ولتمويل الخدمات، بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية. يقول "نجروك هاركارك" رئيس مجموعة "صوت القطب الشمالي- إينوبيات" الداعمة للمشروع: "يمثل "ويللو" فرصة للاستمرار بالاستثمار في المجتمعات المحلية، وبدون تلك الأموال وتدفق الإيرادات سنبقى معتمدين على الدولة والسلطة الفيدرالية".  


المعارضون

آخرون من سكان ألاسكا الأصليين ممن يعيشون بالقرب من المشروع المخطط له، بما في ذلك مسؤولو المدينة وأفراد القبائل من قرية نويكسوت الأصلية، يشعرون بقلق عميق حول التأثيرات الصحية والبيئية لمشروع نفطي كبير. في رسالة شخصية ارسلتها "روزماري أهتوانجارواك" عمدة نويكسوت ومسؤولون آخرين من المدينة وشخصيات قبلية إلى وزيرة الداخلية "ديب هالاند" قالوا ان المدينة ستتحمل وطأة التأثيرات البيئية والصحية من مشروع ويللو. وجاء في الرسالة: "ان قرى ستحصل على بعض المنافع الاقتصادية من نشاطات استخراج البترول والغاز، لكنهم سيواجهون تبعات أقل بكثير من مدينة نويكسوت. نحن خط المواجهة الصفري لعملية تصنيع القطب الشمالي". 

اضافة لذلك، ظهرت موجة من النشاط عبر الإنترنت ضد مشروع ويللو على تطبيق تيك توك خلال الاسابيع الماضية، ونتج عنها ارسال أكثر من مليون رسالة الى ادارة الرئيس بايدن احتجاجا على المشروع، ونحو ثلاثة ملايين توقيع على التماس لإيقافه. 


الاساءة الى المناخ

وفق تقديرات الادارة الأميركية، سينتج المشروع ما يكفي من البترول لينبعث منه أكثر من تسعة ملايين طن متري سنويا من غازات الكربون الملوِثة التي تسبب احترار الكوكب، أي ما يعادل إضافة مليوني سيارة تعمل بالبنزين الى الشوارع. يقول "جيريمي ليب"، وهو محامٍ أول يعمل ضمن مجموعة "إيرث جاستيس" القانونة البيئية  في ألاسكا: "انه تهديد كبير للمناخ يتعارض مع وعود هذه الإدارة لمواجهة أزمة 

المناخ". 

وإضافة للقلق تجاه تسارع احترار القطب الشمالي، تخشى جماعات حماية البيئة أيضا ان المشروع قد يُدمّر موائل الأنواع الحياتية المحلية ويُغيّر أنماط هجرة الحيوانات، ومنها حيوان 

الوعل. 

لكن مناصري المشروع (بمن فيهم نواب ألاسكا)، تعهدوا بأن المشروع سينتج الوقود الأحفوري بطريقة أنظف من الحصول عليه من دول أخرى، بما في ذلك السعودية أو فنزويلا. 

هل تعني المصادقة على مشروع ويللو كسرا لبعض وعود الرئيس بايدن الانتخابية؟ نعم.. إذ تعهد بايدن خلال حملته الانتخابية سنة 2020 بإنهاء التنقيب الجديد عن النفط والغاز في الأراضي والمياه المملوكة للدولة، وهو ما قام به فعلا في البداية كجزء من أمر تنفيذي مبكر. ومع ذلك فقد ألغى قاضٍ اتحادي أمر وقف الحفر في عام 2021، ومنذ ذلك الحين فتحت إدارة بايدن عدة مناطق لحفريات جديدة. 

لكن العديد من مواقع التنقيب عن النفط الجديدة تلك كانت موضع تحدٍ في المحاكم من قبل مجموعات حماية البيئة.. فهل يمكن أن يواجه مشروع ويللو تحدٍ مثل هذا؟ بعد مصادقة ادارة بايدن على المشروع، قد يكون من المؤكد انه سيواجه تحديا قضائيا 

كذلك. 

أعلنت مجموعة "إيرث جاستيس" القانونية البيئية أنها تُعد لتحرك قضائي ضد المشروع، وبدأ المحامون بالفعل في وضع مبرراتهم القانونية، قائلين إن سلطة إدارة بايدن لحماية الموارد السطحية على الأراضي العامة في ألاسكا تشمل اتخاذ خطوات للحد من تلوث الكربون الذي يتسبب بارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض، وهو ما سيضيف اليه مشروع ويللو في نهاية المطاف، ولا يقلله. وشجبت "آبغيل ديلن" رئيسة المجموعة قرار ادارة بايدن قائلة: " فات الأوان في أزمة المناخ للموافقة على مشاريع ضخمة للنفط والغاز تقوض بشكل مباشر الاقتصاد النظيف الجديد الذي التزمت إدارة بايدن بدفعه. نحن نعرف أن الرئيس بايدن يفهم التهديد الوجودي للمناخ، لكنه يصادق على مشروع يعرقل أهدافه المناخية".

نظرت الادارة الاميركية مؤخرا في تقليل عدد منصات الحفر المعتمدة إلى اثنتين (بدلا من ثلاثة) وتعزيز تدابير الحفاظ على الطبيعة لمحاولة تهدئة مخاوف المجموعات البيئية والمناخية حول المشروع. لكن تقليل عدد المنصات كان سيسمح للشركة باستخراج نحو سبعين بالمئة من النفط الذي رغبوا اساسا باستخراجه. ضغطت شركة كونوكوفيليبس ووفد مشرعي ألاسكا بشدة على ادارة بايدن بالبيت الأبيض ووزارة الداخلية لأشهر للموافقة على ثلاث منصات حفر، قائلين إن المشروع لن يكون مجديا اقتصاديا بمنصتين 

فقط. 

اخيرا جرت الموافقة على المشروع بثلاث منصات، إذ شعرت الإدارة أنها مقيدة قانونيا ولديها خيارات قليلة لإلغاء المشروع أو تقليصه بشكل كبير، والذي تمت الموافقة عليه في البداية من قبل إدارة الرئيس السابق ترامب. وإرتأت الإدارة أن المحاكم لن تسمح لهم (من الناحية القانونية) برفض المشروع بالكامل، حسبما قال مصدران حكوميان مطلعان على مجريات الموافقة. سيغطي النطاق النهائي للمشروع نحو 68 ألف هكتار أقل مما كانت تسعى اليه شركة كونوكوفيليبس في 

البداية. 

سي أن أن الأميركية