قيمُ وأخلاقُ الصائم

استراحة 2023/04/02
...

 إبراهيم هلال العبودي 

}يأيُّها ٱلذين ءامنوا كتب عليكمُ ٱلصيَامُ كما كتب على ٱلذين من قبلكم لعلكم تتقون{ ( ١٨٣ – البقرة) 

شعيرة الصيام من ضمن شعائر الله التي يجب تعظيمها واحترامها وفق ما يطلب لها من تعظيم، ومن أبرز معاني التعظيم لشعيرة شهر رمضان صيامها، وهو ما يتأكد لدى المسلمين عملياً بشكل جلي في احترام وتعظيم لهذه الشعيرة، وذلك ما ينعكس على الناس في سلوك صيامهم وعلاقتهم بتقوى قلوبهم وصدق توجههم وصلاح حالهم.

وتعدُّ مقاصد الصيام اجتماعيَّة الناس، فالصيام مظهر اجتماعي: يجتمع الناس في شهر رمضان في نظام يجعل نظامهم الاجتماعي موحداً حيث يفطرون تبعاً لدخول الوقت ويصومونه كذلك حين تحل ساعته على جميع المسلمين في بقاع الدنيا، تتقارب مظاهرهم الاجتماعية والعبادية فيتوجهون إلى الله جماعات، قياماً وقعوداً، وهذا من أهم ما تنعكس فيه المظاهر الاجتماعية

العباديَّة. 

ورغم هذا التقارب الاجتماعي تسلك الاجتماعيات مسالك التعاون والرحمة بين الناس، وتنتشر قيم المواساة والتراحم ليكون الصيام شهراً اجتماعياً في تعبداته واجتماعياته.

الصيام أساس أخلاقي، فالأخلاق تمثل عنصر التأثير في التشريعات الإسلامية، فلا نفصل شهر رمضان عن الأخلاق، فهو شهر الأخلاق التي يزرعها في المسلمين بالصيام الذي يربي في الإنسان ملكة الصبر والتحمل، وهذا ما يقوي الفرد ويشد عوده فيحمله المسؤولية الأخلاقية والإنتاجية في المدرسة الرمضانية، فتنمو القيم العليا في الإنسان حيث يشعر بهموم الناس وحاجة الفقراء في سرّائهم وضرائهم، وهي قيم وأخلاق يكتسبها الصائم، بالإضافة إلى جملة من القيم الأخرويَّة في الجزاء والمثوبة التي ينتظرها المسلم جراء صيامه وتنسكه في عمله وتقربه من ربه في هذه الأيام 

الفاضلة.

صرح القرآن الكريم بمقصدية التقوى، وجعلها ركيزة خلقية يكتسبها الناس من صيامهم، والتقوى في هذا السياق تشمل جملة من المعاني الطيبة التي يجنيها المسلم من صيامه، فقد تكون تلك الخصال التي تدعوه إلى العطاء والتعاون مع الناس والقيام بواجباته تجاههم، وقد تكون معاني تزكوية ربانية من خلال الصيام.

ومن ضمن معاني التقوى التي يجب التذكير بها أنَّ هذه التقوى هي ما يبقى مع الإنسان من صيامه وتعبده طوال السنة، فالصيام وقاية للمسلم من أوجاع وأحوال فينقله إلى أحسن حال. 

ومن معاني تقوى الصيام ما يبتعد عنه المسلم من رفث وفسوق في شهر رمضان.

وقد عبر القرآن عن ذلك بلفظ يشمل تلك المعاني وغيرها، فكل ما ذكر ضمن هذا المقال داخل ضمن تعظيم شعائر الله التي يجب على المسلمين احترامها وتقديسها بما يوافق المطلوب ويناسب المعبود، وهذا هو مقصد المقاصد وغاية الغايات أنْ تحترم وتعظم حرمة الله تعظيماً يليق بقدرها وجلاله، سائلين الله العلي القدير قبول الصيام والقيام في هذا الشهر العظيم لجميع المسلمين إنه ولي ذلك والقادر عليه.