قاسم موزا
صدر في بغداد عن دار سطور كتاب جديد بعنوان “ دستويفسكي وكانط : حوارات في الاخلاق” وهو دراسة جديدة للمؤلفة الروسية افيجينيا تشيركاسوفا تستعرض فيها منظور الاخلاق ومفهومها بين اثنين من كبار عمالقة الفلسفة والرواية
في العالم.
يتألف الكتاب الذي نقله الى العربية الصحفي والمترجم العراقي الزميل عمار كاظم محـمد من اربعة فصول عالجت فيها المؤلفة الروسية ولأول مرة رؤية كل من الفلسفة الالمانية لكانط والرواية الروسية لمفهوم الاخلاق وتأثيرها في المجتمع، حيث اظهرت وبشكل مقنع كانط في الجدل الفلسفي و في السرد المتخيل وكلاهما يركزان باهتمام على الاسئلة المركزية لحرية الانسان والخيار الاخلاقي والمسؤولية الفردية وامكانيات “الشر المتطرف” في الطبيعة البشرية والسلوك.
ونوهت المؤلفة الى أن كلا من كانط و قد رفضا ما يدعى بـ (عقيدة المحيط) والادعاء بان العوامل النفسية والاجتماعية يمكن التذرع بها بشكل غير شرعي لتفسير وتبرير الاعمال
الاجرامية.
واشارت الى انه وعبر الدراسة المفصلة لأعمال كانط الفلسفية والروايات فان كلا منهما تمكن من الاقتراب من الاخر في مفهوم وطبيعة الاخلاق في المجتمع الانساني على الرغم من تباين نهج الاثنين حيث يشدد كانط على الاستقلالية العقلية للإرادة الفردية في حين يشدد على الحياة المعاشة والتعاطف في مجتمع القلوب الصالحة او كما تطلق عليه المؤلفة تسمية (المشاركة الصوفية للمؤمنين).
يقع الكتاب في 270 صفحة من القطع المتوسط ويضم العديد من الدراسات الجديدة في بابها في المقارنة بين منهجي الروائي والفيلسوف في مقاربة موضوع الاخلاق تخلص فيها الى نتيجة تجمع بين المنهجين في وحدة اطلقت عليها المؤلفة تسمية (علم اخلاق القلب).
استخدمت افجينيا تشيركاسوفا بشكل مميز كامل وذكي كل تلك المصادر التي لا تقدر بثمن، فقد تعاملت مع كانط باحترام كبير، وتعاطف عميق وإن كان غير نقدي.
وقد كانت كتاباتها واضحة وقوية بشكل مثير للإعجاب وتظهر إحساسا قويا بالتطور الدراماتيكي خصوصا في الفصل الأخير، حيث إنها تظهر وبشكل مقنع، كانط في الجدل الفلسفي ودستويفسكي في السرد المتخيل وكلاهما يركزان باهتمام على الأسئلة المركزية لحرية الإنسان والخيار الأخلاقي، والمسؤولية الفردية، والطابع المطلق غير القابل للاختزال للالتزام الأخلاقي وإمكانيات “الشر المتطرف” في الطبيعة البشرية والسلوك.
سيجد القارئ كيف أن كانط و دستويفسكي يرفضان بشكل حاسم، ليس فقط التأكيد النفعي على العواقب المستقبلية كتحديد للميزة الأخلاقية في التصرفات الحالية، بل يرفضان أيضا وبنفس الحسم ما دعاه دستويفسكي بـ”عقيدة المحيط”، والادعاء بأن العوامل النفسية والاجتماعية يمكن التذرع بها بشكل شرعي لتفسير وتبرير الأعمال
الإجرامية.
وتبرز الكاتبة في كتاب “دستويفسكي وكانط.. حوارات في الأخلاق” نواح معينة تبرز كيف أن منهجي كانط ودستويفسكي متباينان، حيث يشدد كانط على الاستقلالية العقلية للإرادة الفردية في نقاش حاد مع تشديد دستويفسكي على “الحياة المعاشة” مجتمع القلوب المحبة، والمتصالحة، أو كما تسميها تشيركاسوفا المشاركة الصوفية
للمؤمنين.