كيف نفصل حياتنا الشخصيَّة عن العمل الوظيفي؟

ريبورتاج 2023/04/10
...

 سرور العلي 


يشعر سلام عبد الله بالضيق والتوتر كلما ذهب صباحاً إلى عمله بإحدى الدوائر الحكومية، كونه سيرى بعض الموظفين الذين لا يرغب برؤيتهم، بسبب المشكلات الشخصية بينهم، فقبل ثلاثة شهور قام أحدهم بالوشاية عليه بكلام غير لائق أمام مديره، وتكرر الأمر مع موظف آخر.

استمر عبد الله بمزاولة عمله، ولكن يوماً بعد يوم قلت إنتاجيته، وحمل بغضاً للمكان وللموجودين به، بسبب تفكيره الدائم بما حدث.


مشكلات

وبالطبع لا تخلو حياتنا من المشكلات الشخصية، ولكن ينبغي الفصل بينها وبين العمل الوظيفي، كونها تؤثر في الأداء بشكل سيئ بحسب الموظفة زينب عبد الهادي، مضيفة أنها تقلل من الإنتاجية، وبالتالي هو تأثير سلبي لا بد لكل موظف من الابتعاد عنه، كما أن للعمل وقتاً وللأمور الشخصية وقتاً آخر، كذلك من الضروري تهيئة جو ملائم داخل بيئة العمل، لضمان النجاح والاستمرار بالإنجاز، ونصحت أن تتم معالجة مثل هكذا مشكلات بعيداً عن مكان العمل، من خلال التفكير واتخاذ القرارات الصحيحة، ومن ثم العودة لممارسة الوظيفة، إضافة إلى أن الموظف الناجح هو من يفصل أموره الشخصية عن الأداء الوظيفي، وهناك من يفشل بالفصل بين الاثنين، فتراه متقاعساً عن عمله، كونه غير قادر على إبعاد حياته الشخصية عما يقوم به من عمل.

ويرى زميلها أحمد عدنان أن التأثيرات الشخصية تقلل من الإبداع والتطور والإنتاج في العمل، وتحد من الاستمرارية، وتؤدي إلى الهروب من أداء الواجب الوظيفي، وحتى التغيب عن بيئة العمل في أحيان كثيرة.


أدوار

الدكتورة أروى عرب، المختصة بعلم النفس أشارت إلى أننا كلنا لدينا أدوار في الحياة، ومن المفترض أن يعرف الإنسان أدواره، وكيفية التأقلم مع كل دور، سواء كانت زوجة، أو عاملة، أو طالبة، أو ابنة، فإذا عرفنا أدوارنا في الحياة سنعرف كيف نفصل بين هذه الأدوار، والتكيف مع البيئة المحيطة، ومع أنفسنا، ولا يصح نقل المهام المؤجلة أو أمور العمل إلى المنزل، والعكس صحيح، لا سيما أن حياتنا عبارة عن أجزاء، فهي حياة اجتماعية، ونفسية، وأسرية، ومهنية، فينبغي أن يكون لدينا تنظيم للأولويات وللوقت، كما أن أسرنا بحاجة لنا ولاهتمامنا، ونحتاج إلى الفصل أو للتغيير من روتيننا لروتين آخر، فنقل المهام المهنية للمنزل يسبب الضغط ويحدث التوتر، لذلك يجب إبعاد التأثيرات الشخصية عن العمل.   واضطرت الموظفة بتول كريم إلى تغيير مكان عملها لقسم آخر قبل عام، بسبب خلافات مستمرة مع إحدى الموظفات، ولفتت إلى أن تدخل الحياة الشخصية بالوظيفة سيحول بيئة العمل إلى سامة، وبالتالي سيسبب الصدمات النفسية والاضطرابات.

تأثير

أستاذة العلوم النفسية والتربوية بجامعة بغداد د. ناز بدر خان السندي أوضحت "أن موضوع تأثير الحياة الشخصية في العمل الوظيفي، هو موضوع مهم جداً من الناحية النفسية، إذ إن هناك تداخلاً كبيراً بينهما، أحياناً بعض الأشخاص قد تؤثر حياتهم الشخصية في عملهم، والعكس صحيح أي أن هناك بعض الأحداث السلبية التي تحدث في الحياة تؤثر في الأداء الوظيفي، وهذا ينعكس سلباً على مدى تحقق النجاح، وما يحدث في العمل يؤثر كذلك على نمط حياتنا، وفي الحقيقة يجب أن تكون هناك معادلة وتوازن حقيقي بين الحياة الشخصية والعمل، فيجب ألا تكون هناك انعكاسات سلبية بين الاثنين، أي عندما تكون لدينا مشكلات في حياتنا الشخصية ينبغي ألا تتأثر بها الأداءات الوظيفية، وألا يقل مستوى العمل ويصبح بشكل أدنى، وألا تؤثر في الآخرين الذين نعمل معهم، وبالتالي تنعكس مشكلاتنا عليهم، إضافة إلى ذلك يجب حين انتهاء العمل الوظيفي ألا نأخذ معنا تلك المشكلات للمنزل، حتى لا تؤثر في حياتنا الشخصية".

مضيفة "أي أنه لا يجوز أن ننقل أي شيء سلبي من خلال وظيفتنا، وبالتالي نحن لدينا أسر يجب أن نهتم بها وبأطفالنا، لكي لا تضر تلك السلبيات على علاقتنا بأزواجنا، لذا فالفصل بين الاثنين مهم، ويجب أن نعطي كل جانب من هذه الجوانب أهمية بحيث لا يؤثر أحدها على آخر، وفي نهاية الأمر تبقى الحياة الشخصية هي شخصية، لذلك سميت بهذا الاسم، أي تتعلق بالشخص هو نفسه، فلا يؤثر هذا على الآخرين من حولنا، ولا يكون عبئاً على من نعمل معهم، لذلك أي منغصات في الوظيفة ينبغي ألا تهدد حياتنا الشخصية، فلكل منهما أهمية ووقت مخصص، ولا يجوز أن يتداخلا".