حرب الوثائق

قضايا عربية ودولية 2023/04/10
...

علي حسن الفواز



يبدو أنّ حرب الوثائق السرية ستكون رهانا على حرب ساخنة، على خلخلة فاضحة لقواعد الاشتباك بين الغرب وروسيا، وعلى كشْفِ المخفي في صراعهما، وعلى نحوٍ يجعل من تلك الوثائق، قابلة لأن تتحول إلى فضائح سياسية وأمنية، لها تداعياتها الخطيرة على ستراتيجيات الحرب، وعلى خطط الدول المتورطة فيها.

تسريب وثائق سرية حساسة من وزارة الدفاع الأميركية، وضع الحكومة الأميركية أمام حرجٍ كبير، فهذه الوثائق جديدة، وغير مسموح بتداولها، لكونها تحتوي على كثيرٍ من الخفايا التسليحية للجيش الأوكراني، ولخطط الدعم التي يُقدمها حلف الناتو، وتسريبها بهذه "البساطة" يعني أن الجبهات مفتوحة، وأن الجهد المخابراتي الروسي يملك أدوات اللعب الثقيل في مواجهة ما تسميه أوكرانيا بـ"معركة الربيع".

اعتراف الحكومة الأميركية بالتسريبات، دفعها إلى دعوة وزارة العدل لإجراء تحقيقات حول الموضوع، لما تتضمنه الوثائق من معلومات حساسة، تمثل خطرا على الأمن القومي الأميركي، فهي تكشف عن أنواع الأسلحة الأميركية والغربية، وعن نقاط الضعف والقوة في وحدات الجيش الأوكراني، وهذا ما دعا جريدة "نيويورك تاميز" للإشارة إلى حساسية هذه التسريبات، التي ستُمثّل "كابوسا لكل من الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا وكذلك نيوزيلندا وكندا التي تتبادل المعلومات الاستخبارية".   

الدخول إلى منطقة "تقاطع المعلومات" يضع هذه الدول في منطقة الخرق المخابراتي، مثلما يجعل حرب الدونباس أكثر خضوعا إلى سياسة "المغالبة الأمنية" التي ستدفع بالصراع المفتوح إلى مواجهات "جيوسياسية" معقدة، وإلى إطلاق العنان لسرديات، تتجاوز الواقعي إلى التضليل،  إذ يكون الشك في هذه الوثائق واردا، لأنه ليس بعيدا عن المخفي من الصراع، ولا عن لعبة المنصات المعلوماتية، فالحديث عن "المعركة الأوكرانية" القادمة، يمكن أن يُدخل الجميع في اشتباكات افتراضية، لا تقل خطورة عما يجري على الأرض، وهو ما أشارت له جماعة فاغنر الروسية التي تشنُ هجوما واسعا في مدينة باخموت الأوكرانية، بالقول: إن "تضليل المعلومات، يهدف إلى تضليل قيادتنا لتحديد استراتيجية العدو في الهجوم المضاد المقبل".

سياسات التقاطع، والتخالف والشكوك، ستكون هي منطق الحرب القادمة، على مستوى الاستنزاف العسكري، والاستنزاف المعلوماتي، أو على مستوى وضع العالم عند حافة الجحيم الذي يملك مفاتيحه الأباطرة القادمون.