ويل تودمان/عن مركز الدراسات الستراتيجية والدولية *
أطلقت تغيرات المناخ في السنوات الاخيرة على العراق وباء ذا أبعاد كارثية، من جحافل الافاعي التي تهاجم القرى والمزارع الى اسراب الجراد ومواسم القيض التي تزداد جفافاً وسخونة عاماً بعد عام والتي صارت تسوق الآفات الضارة باتجاه المناطق المسكونة.
بيد أن طقس الشتاء الزائد الشدة جاء معه بأخطار جديدة هو ايضاً. فالسيول العنيفة التي تخطت حدودها المعتادة في شهر كانون الاول الماضي أسفرت عن مقتل عشرات العراقيين وتهجير عشرات الالوف غيرهم. تلك السيول الكاسحة اطلقت ايضاً وباء جديداً من صنع يد الانسان بالكامل، فالعراق واحد من البلدان الاكثر تأثراً ببلاء الالغام الارضية في العالم، وفي كل عام تحمل مياه السيول معها مئات القطع غير المنفلقة من هذا السلاح وتأتي بها الى السطح. هنالك ما يقدر بـ 38 مليون لغم مزروعة على طول الحدود العراقية الايرانية منذ حرب الثمانينيات وهي لا تزال تنتظر من يزيلها أو يبطل فعلها. عدا هذه هنالك ملايين أخرى زرعت خلال حربين قادتهما الولايات المتحدة على العراق. بعد ذلك كله جاءت المعارك مع جماعة "داعش" لتزيد الطين بلة وتفاقم المشكلة، عدا عن تسببها في توقف المساعي الدولية التي كانت تأخذ مجراها لإزالة الالغام.
مياه السيول تكتسح أيضاً في طريقها علامات التحذير التي توضع للدلالة على مواضع وجود الالغام، كما تجرف تلك القنابل معها الى البلدات والقرى في أماكن أخرى، الأمر الذي يتسبب بمئات الاصابات كل عام. الى جانب ما تسببه الألغام من خطر على الحياة البشرية فإن انتشار الملايين منها يحول دون عودة العراقيين المهجرين والنازحين بأمان الى مناطق سكنهم، وهذا يطيل أمد أزمة اللاجئين في البلد.
تصيب الالغام بشرّها ايضاً الاقتصاد العراقي، لأن مشكلة الالغام المتنقلة جعلت مساحات واسعة من اراضي العراق الزراعية غير صالحة للاستخدام كما ادت الى تدمير البنى التحتية. وإذ تغدو سيول الشتاء العنيفة واقعاً جديداً في المنطقة، مع وجود ملايين القطع من الذخائر غير المنفلقة مدفونة تحت الارض، فإن وباء الالغام العائمة مؤهل للتحول الى خطر يتجدد كل سنة.
* ترجمة : انيس الصفار