الرهان على السياسة

قضايا عربية ودولية 2023/04/17
...

علي حسن الفواز

لم يعد أحدٌ يراهن على الحرب، وعلى صناعة المحاور العسكرية، وبات خيار الذهاب إلى السياسة هو الأكثر جدوى، والأكثر قبولاً من الدول، ومن الجماعات السياسية، فما تركته الصراعات العربية في «ربيعها الساخن» وفي حروبها «الأهلية» وفي عسكرتها السياسية كان غرائبياً في نتائجه وتداعياته، إذ كلَّف الجميع خسائر كبيرة، وخرابات طالت الأبرياء والثروات والبنى التحتية، فضلاً عن ملايين المهجّرين واللاجئين في المنافي وفي خيم اللجوء.

الاجتماع التشاوري الذي عُقِد في جدّة بين دول مجلس التعاون الخليجي والعراق ومصر والأردن وضع المسألة السورية على رأس أولوياته، على مستوى معالجة أزمتها الأمنية، وعلى مستوى التفكير بشكل جدّي بحلول تُنهي تلك الأزمة، وتحافظ على وحدة سوريا واستقرارها، وإيجاد مساحات مشتركة تستوعب كلّ متطلبات الحل السياسي بين القوى السياسية، ومعالجة مشكلات اللاجئين والنازحين، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى مناطقهم، فضلاً عن معالجة ملف الجماعات المسلحة، بالتنسيق مع الدول التي تدخل في سياق الحوار، وعلى نحوٍ يتعزز فيه الخيار السياسي الذي يحفظ لسوريا سيادتها الوطنية.

 مخرجات هذا الاجتماع التشاوري، ليست بعيدة عن زيارات وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إلى عدد من الدول العربية، ولا عن ما حملته من واقعيةٍ، تعمل على إنضاج خطوات الحل السياسي، عبر الانفتاح على الجهد العربي أولاً، والاتفاق على رسم خارطة طريق قابلة للتنفيذ ثانياً، وعلى إيجاد بيئة سياسية تضمن الحلول العقلانية، بعيداً عن الاستقواء بخيارات الحروب الكبرى أو الصغرى ثالثاً.

صدور بيان ختامي عن هذا الاجتماع، يؤكد جدّية المجتمعين على تبنّي الخيار السياسي،  وعلى أن تكون معالجة الأزمة مرهونة بالحفاظ على وحدة الأرض السورية، وعلى مكافحة الإرهاب، والاتفاق على مواصلة الجهود لتغذية ذلك الخيار بإجراءات عملية، تنطلق من مبادئ التواصل والشفافية، والعمل على إيجاد بيئة سياسية مناسبة تضمن الاستقرار الأمني، وتسوية الملفات العالقة، وقطع الطريق على التدخلات الخارجية في الشأن السوري الداخلي.