علي العقباني
المشتغلون بالشأن السينمائي يدركون إلى حد كبير كيف تسهم موسيقى الأفلام السينمائية بصورة فعالة ومؤثرة وربما أساسية في تحقيق، أو الوصول إلى معنى الفيلم وكيف يكون شريكاً حقيقياً في صناعة دراما الفيلم ونمو الشخصيات وتطور الأحداث وإحداث التأثير المطلوب في المُشاهد، كما أن المؤلف الموسيقي لا يقوم بدور تقوية الإثارة الشعورية عن طريق التأثير الموسيقي للقيمة الدرامية والعاطفية للفيلم فقط، بل أن أحد مهامه الأساسية هي في أن يعزز الدور الايجابي الخاص في الرسالة التواصلية بين موضوع الفيلم والمتلقي، وترك ذلك التأثير النفسي والعاطفي المعبر عن الحالة الدرامية التي ينشدها الفيلم.
بعُرف الكثير من النقاد والمهتمين بالشأن السينمائي الموسيقى التصويرية السينمائية بأنّها تلك التي تؤلف خصيصا لمرافقة الأحداث في الأفلام الوثائقية والروائية والقصيرة والوثائقية منها. الموسيقى في الأفلام أو ما يطلق عليها الموسيقى التصويرية (تشير الكثير من المراجع السينمائية الى أن أول مقطوعة موسيقية ألفت خصيصا لترافق فيلما سينمائيا كانت لفيلم "اغتيال الدوق دوغيز"، وضعها المؤلف الفرنسي كميل سان- صانس العام 1908)، تسهم أو هي وظيفتها الأساسية في تأكيد الطابع العام للفيلم (دراما، رعب، تشويق، رومانس، خيال..) وفي بعض الأحيان تكون حدثاً أو معبراً أو حاملاً لمضمون المشهد وما الذي يبغيه المخرج من خلال حالة
معينة. والموسيقى هنا يمكنها أن تخلق أجواءً أكثر إقناعاً، أكثر تأثيراً وفعالية، والبعض يسعى إلى حد كبير في أن يكون للموسيقى السينمائية القدرة الفنية على خلق عالم أكثر إبداعاً، وتفرداً، وتميزاً، وخصوصية.
في أيام السينما الصامتة كان عازف بيانو يقوم بعزف موسيقى ترافق الأحداث التي تجري في الفيلم وعادة ما تكون هذه الموسيقى مجرد مقاطع مناسبة إلى حد ما، مختارة من أعمال أوبرالية أو أوركسترالية شائعة، وفي الأفلام المهمة تضطلع بالمهمة أوركسترا صغيرة تقوم بالعزف أثناء عرض الفيلم.
مع الوقت ومع قدوم الفيلم السينمائي الناطق وتطور التسجيل الصوتي على الشريط الفيلمي، ظهر إلى الوجود فن خاص هو الموسيقى السينمائية وتوفرت الفرص أمام المؤلفين الموسيقيين لوضع موسيقى خاصة للأفلام، فالموسيقى الموضوعة خصيصاً لفيلم هي ذات خصوصية واستقلالية، بالمقارنة مع الموسيقى الموضوعة لأغراض غير سينمائية، فالأخيرة غير خاضعة لضوابط يفرضها العنصر البصري الذي هو الأساس والأقوى في السينما.
ففي هوليوود عاصمة الصناعة السينمائية كلف العديد من المؤلفين بكتابة موسيقى لكثير من الأفلام، كما يحدث في السينمات كافة، وأحيانا يعمد المخرجون السينمائيون إلى اختيار موسيقى لأفلامهم من الموسيقى الأرشيفية التي تشتمل على الأعمال الكلاسيكية المختلفة وأعمال موسيقى الجاز والبوب والموسيقى الشعبية
المتنوعة.
استعراض قائمة الكتاب لأهم مؤلفي الموسيقى السينمائية العالمية والعربية مسألة شائقة هنا، وإن كان ثمة مختصون مهمون ومهتمون بهذا النوع من الموسيقى ترقى لأسمائهم شهرة عالمية وباتت توضع جوائز خاصة للموسيقى التصويرية في الكثير من المهرجانات السينمائية.
المشاهد العادي عموما لا يُدرك إلى حد كبير المهام العميقة والمؤثرة للموسيقى في فيلم ما، لكنها تؤثر فيه على نحو مبهم.