السيد موسى الصدر

استراحة 2023/04/18
...

شهد اليوم السابع والعشرين من رمضان العديد من الاحداث والوقائع التي كانت لها عظيم الأثر على مدار التاريخ، حيث تنوعت تلك الاحداث ما بين الفتوحات الإسلامية ورحيل واختفاء ميلاد بعض الشخصيات المؤثرة.
ومن الشخصيات المهمة هو السيد موسى الصدر (مواليد:4 حزيران/ يونيو - 1928)، من علماء لبنان ومن المفكرين المؤثرين في المجال الثقافي والسياسي، ومؤسس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى وحركة أمل، والذي أصبح قائداً لشيعة لبنان على المستويين السياسي والفكري.

في 25 آب من سنة 1978، قام بجولة على عدد من الرؤساء العرب إثر الاجتياح الإسرائيلي للبنان، حيث وصل مع الشيخ محمد يعقوب والصحافي السيد عباس بدر الدين إلى "طرابلس الغرب" تلبيةً لدعوةٍ رسميةٍ من سلطاتها العليا في ليبيا، وانقطع الاتصال بهم هناك اعتباراً من ظهر 31 آب وحتى اليوم.

قبل سقوط نظام معمّر القذّافي تضاربت التقارير حول السيد الصدر بين استشهاده على يد القذافي نفسه، وبين أنه لا يزال على قيد الحياة، وبعد سقوط القذّافي ظلّت قضية تغييب السيد غامضة دون أن يشار إليها أو تقرير يدل على حقيقة مصيره.

ولد السيد الصدر في مدينة قم الإيرانية في 4 تموز/ يوليو سنة 1928م، أبوه هو السيد صدر الدين الصدر وأمه صفية الطباطبائي إبنة السيد حسين القمي زعيم انتفاضة أهالي مشهد ضد الشاه رضا بهلوي، أما جدّه لأبيه فهو السيد اسماعيل الصدر الذي كان المرجع الديني الأساسي في زمانه بعد وفاة الميرزا الشيرازي. 

عندما سافر السيد إلى العراق عام 1956 وأقام في مدينة النجف؛ تزوج من السيدة بروين خليلي وأنجب منها أربعة أولاد؛ صدر الدين وحميد الدين وحوراء ومليحة. تلقى علومه الأولى في حوزة قم وفي مدارسها العصرية، واستمرت دراسته الدينية نحو عقد من الزمن. كما ودرس الفلسفة عند أخيه السيد رضا الصدر وعند السيد محمد حسين طباطبائي.

ودرس أيضاً في كلية الحقوق في جامعة طهران ثم تخرّج فيها سنة 1953م. وأتقن الإمام الصدر اللغتين العربية الفرنسية بشكلٍ كافٍ.

وفي قم أنشأ الإمام الصدر مجلة «مكتب إسلام» باللغة الفارسية وكانت من المجلات الدينية المهمة في إيران في ذلك الوقت. عام 1954، انتقل الإمام الصدر إلى النجف الأشرف ودرس المرحلة المتقدمة على يد المراجع الدينية مثل: السيد محسن الحكيم والسيد أبو القاسم الخوئي والشيخ محمد رضا آل ياسين، وتوطدت علاقته مع السيد الشهيد محمد باقر الصدر.

تزوج السيد عام 1955 وتزامن الزواج مع زيارة لبنان للمرة الأولى فنزل عند السيد عبد الحسين شرف الدين الذي أعجب بشخصيته. كما التقى خلال زيارته عدداً كبيراً من الوفود الجنوبية الذين حدّثوه عن أوضاعهم وأحوال مناطقهم. ثم عاد السيد بعدها إلى النجف. ثم عاد السيد مرة أخرى إلى لبنان عام 1957.

في العام 1958 توفي السيد عبد الحسين شرف الدين، فوجه أهالي صور والجوار رسالة إلى المرجع الديني الأعلى في النجف آنذاك، السيد محسن الحكيم يطالبون بإيفاد السيد موسى الصدر إماماً لمدينة صور والجوار، وهذا ما حصل حيث انتقل الإمام الصدر ليعيش نهائياً في لبنان عام 1959 متخذاً من مدينة صور مقراً دائماً له.

كان السيد شرف الدين قد أسس عام 1948م جمعية "البر والاحسان" الخيرية التي أخذت على عاتقها مهمة مساعدة الايتام والمساكين والمحتاجين. ثم تولى الصدر نظارة الجمعية وعمل على إعادة تنظيم هيكلها الإداري وتعديل نظامها الداخلي، وأدخل المرأة إلى ميدانها وكانت رباب الصدر (شقيقة الإمام) عضواً في مجلس الإدارة، فقررن إقامة مدرسة لمحو الأمية العلمية وتعليم الخياطة وإدارة الشؤون المنزلية، وقد عهد الإمام بهذه المهمة إلى رباب الصدر.

وكان من أهم المحطات السياسية للسيد: تأسيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى: عام 1966، وعقد السيد مؤتمرًا صحفيًا في مقر نقابة الصحافة بيّن فيه الأسباب الموجبة لتنظيم الطائفة الشيعية مما أدى إلى إقرار مجلس النواب لقانون إنشاء المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في عام 1967.

تأسيس هيئة نصرة الجنوب: عام 1970 أثار السيد حملة تعبوية إعلامية للدفاع عن الجنوب في وجه الاعتداءات الإسرائيلية على منطقة الحدود الجنوبية مطالبًا بتسليح المواطنين وتدريبهم للدفاع ووضع قانون خدمة العلم وتنفيذ مشاريع إنمائية مع دعوة الناس للصمود في قراهم وعدم النزوح. كما أسس الصدر "هيئة نصرة الجنوب" بمشاركة رؤساء الطوائف اللبنانية ودعا إلى إضراب سلمي وطني عام في 26 أيار، فأنشأت الدولة اللبناني "مجلس الجنوب" نتيجةً لهذا الإضراب. [١٥]

الإعلان عن أفواج المقاومة اللبنانية "أمل": في 5 تموز سنة 1975م انفجر لغم مضاد للآليات بمجموعة من الشباب في حقل تدريب في منطقة عين البنيّة في بعلبك كانوا يتدربون على الألغام المضادة للدبابات بإشراف مدرب من إحدى الحركات الفلسطينية. وفي اليوم التالي عقد الإمام السيد موسى الصدر مؤتمر صحفي ليعلن عن ولادة "أفواج المقاومة اللبنانية أمل".

بادر الإمام الصدر بعد الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان بتاريخ 14/ 3/ 1978 إلى القيام بجولة على بعض الدول العربية داعيًا لعقد مؤتمر قمة عربي محدود يضم بعض الدول العربية بهدف الضغط على الاسرائيليين للإسراع في تنفيذ القرار 425 والانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة.

وبناءً على إشارة خاصة من الرئيس الجزائري هواري بومدين؛ وصل الإمام الصدر إلى ليبيا بتاريخ 25/ 8/ 1978 مع الشيخ محمد يعقوب والصحفي عباس بدر الدين بدعوة رسمية من سلطاتها في زيارة رسمية من أجل عقد اجتماع مع القذافي كما أعلن قبيل مغادرته لبنان، وحلوا ضيوفًا على السلطات الليبية في "فندق الشاطئ" بطرابلس الغرب.

أغفلت وسائل الإعلام الليبية أخبار وصول الإمام الصدر إلى ليبيا ووقائع أيام زيارته لها، ولم تشر إلى أي لقاء بينه وبين القذافي أو أي من المسؤولين الليبيين الآخرين. وانقطع اتصاله بالعالم خارج ليبيا خلاف عادته في أسفاره حيث كان يكثر من اتصالاته الهاتفية يوميًا بأركان المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان وبعائلته. إضافة إلى أن عباس بدر الدين رافق الإمام بهذه الزيارة لتغطية أخبارها بواسطة "وكالة أخبار لبنان" التي يملكها، الأمر الذي لم يحصل.